الجيش يخطف كهرباء سيناء

الجيش يخطف كهرباء سيناء

07 مايو 2018
تضاف أزمة الكهرباء إلى أزمات أخرى (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
منذ أسبوع كامل، اقتصرت الإضاءة الكهربائية على مواقع وكمائن الجيش المصري في مدينتي رفح والشيخ زويد بمحافظة شمال سيناء، شرقي مصر، بعد تعطل الخط البديل الذي جرى إصلاحه مؤخراً، بالتزامن مع تعطل الخط الرئيسي منذ بدء العملية العسكرية الشاملة في سيناء في 9 فبراير/ شباط الماضي.

في التفاصيل، قال مصدر مسؤول في شركة الكهرباء لـ"العربي الجديد" إنّ خط "66" ذا الجهد المرتفع الذي يوصل التيار إلى مدن رفح والشيخ زويد ورفح الفلسطينية تعرض لضربات متعددة طيلة الأسابيع التي سبقت العملية العسكرية الشاملة التي يخوضها الجيش المصري، إلى أن فصل بالكامل تزامنا مع بدء العملية العسكرية بفعل الضربات الجوية المكثفة التي شنها الطيران الحربي المصري على مناطق متفرقة من سيناء لعدة أيام.

وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أنّه بعد تعطل الخط الرئيسي بشكل يصعب إصلاحه في ظل حالة الإغلاق الشامل لمدينتي رفح والشيخ زويد، اضطرت فرق الصيانة في مدينة الشيخ زويد إلى إصلاح خط "22" ذي الجهد المنخفض وهو خط ضعيف كان يغذي المدينة بالكهرباء إبان الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، ويجري استخدامه أحياناً في حالات انقطاع الخط الرئيسي، إلا أنّه لا يصل إلى كلّ المناطق في رفح والشيخ زويد، وقدرته الكهربائية ضعيفة.

وأوضح المصدر أنّ الخط الضعيف توقف عن العمل أيضاً منذ أسبوع، وفشلت محاولات إصلاحه، وبات غير قادر على لإيصال الكهرباء، مما يتطلب توجهاً حكومياً لإيجاد تنسيق عالي المستوى لإصلاح خط الكهرباء "66" الرئيسي المغذي لجميع مناطق رفح والشيخ زويد ورفح الفلسطينية، خلال الفترة القريبة المقبلة، لإنهاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة في تلك المناطق.




وكان سكان مدينتي الشيخ زويد ورفح خلال فترات انقطاع التيار الكهربائي في السنوات الماضية يتجهون لتشغيل المولدات الكهربائية الصغيرة التي تعمل بالديزل داخل منازلهم لساعات قليلة، لتلبية الحاجات الضرورية في المنازل، إلا أنّ منع إدخال المحروقات إلى مدن محافظة شمال سيناء منذ بدء العملية العسكرية، حال دون الاتجاه إلى هذا الحل المؤقت، مما أغرق المدينتين في ظلام دامس غير مسبوق في تلك المناطق منذ سنوات، وسط غياب الجهات الحكومية عن متابعة الأزمة.

وفي التعقيب على ذلك، يقول ياسر أبو عون أحد سكان مدينة الشيخ زويد لـ"العربي الجديد": "انقطاع التيار الكهربائي عن منازلنا بشكل كامل يعطل حياتنا، فالمواد الغذائية والخضر تتعفن لعدم توافر كهرباء للثلاجات، في ظل درجات الحرارة العالية، عدا عن الانقطاع التام عن العالم الخارجي، لعدم توافر أجهزة كهربائية كالتلفزيون أو شحنات للهواتف المحمولة في حال توفر إرسال لها" يضيف: "عدنا في الحياة إلى العصور الحجرية، ولا أحد يشعر بنا". يتابع أنّ أزمة الكهرباء لا تتوقف عند هذه الحال المأساوية، بل تمتد إلى إيجاد أزمة مياه في مدينتي رفح والشيخ زويد، لعدم توافر المياه الحكومية التي تتطلب وجود كهرباء لضخها إلى منازل المواطنين، وكذلك عدم مقدرة المواطنين على ضخ المياه من الآبار الخاصة بهم، لعدم توافر الكهرباء، ولا الديزل اللازم لتشغيل المولدات التي يمكنها التعويض عن الكهرباء الأساسية.

يقول جهاد أبو ناصر، وهو أحد تجار مدينة الشيخ زويد ويملك محلاً تجارياً لبيع المواد الغذائية، لـ"العربي الجديد": "نلعب لعبة القط والفأر مع الحكومة... تشتغل الكهرباء فيمنعون عنا المواد الغذائية... يسمحون بالغذاء فتتعطل الكهرباء، ماذا يريدون منا"؟ يضيف أبو ناصر أنّه لم يعد باستطاعته جلب المواد الغذائية التي تتطلب عمل الثلاجات، إلى محله التجاري، أو الخضروات التي لم تعد تحتمل المبيت خارج الثلاجات في ظل ارتفاع درجات الحرارة خلال الأيام الماضية، داعياً الحكومة المصرية وإدارة محافظة شمال سيناء للتحرك الفوري في اتجاه حلّ الأزمة الراهنة.

يشار إلى أنّ الجيش المصري يفرض حصاراً مطبقاً على مدن محافظة شمال سيناء، طاول جميع مناحي الحياة، بالتزامن مع توقف العملية التعليمية بشكل كامل، ومنع إدخال المحروقات لمدن سيناء، مما عطل الحركة التجارية في المحافظة، عدا مع استمرار اعتقال مئات الشبان من دون توجيه تهم لهم.

في المقابل، يكشف شيخ قبلي لـ"العربي الجديد" أنّ مواقع الجيش المصري كمعسكر الزهور في الشيخ زويد، ومعسكري الساحة والأحراش في رفح وبقية الكمائن الرئيسية في مدينتي رفح والشيخ زويد لم تنقطع عنهما الكهرباء طوال الفترة الماضية، في ظل توفير قيادة عمليات الجيش المصري مولدات كهربائية كبيرة الحجم تكفي لتشغيل المواقع على مدار الساعة.




يضيف الشيخ القبلي، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد" أنّ عدم تأثر مواقع الجيش والأمن المصري بانقطاع التيار الكهربائي أوجد حالة من عدم المبالاة بالأزمة التي تطاول آلاف السكان في مدينتي رفح والشيخ زويد، إذ إنّه بالرغم من مرور أسبوع كامل على الأزمة الإنسانية المتفاقمة لم تتحرك أيّ جهة حكومية أو أمنية لإنهائها، مما يشير إلى أنّها ستستمر إلى حين انتهاء العملية العسكرية الشاملة التي لا يُرى لها بوادر نهاية حتى هذه اللحظة.