مولّد في تونس لا يحتاج إلى طاقة

مولّد في تونس لا يحتاج إلى طاقة

24 ابريل 2018
انقطاع الكهرباء يقطع عنها الأكسجين (بول هاريس/ Getty)
+ الخط -
كلما انقطع التيار الكهربائي لبعض الوقت، تخشى مريم بوغانمي من الاختناق، إذ إنّ جهاز التنفس الاصطناعي الخاص بها سوف يتوقّف من دون شكّ عن العمل. ومنذ أكثر من خمسة أعوام، لا يفارق ذلك الجهاز مريم، على خلفيّة إصابتها بمرض رئوي. وهي تشعر بالخوف لأنّها لا تتحمل البقاء أكثر من ساعة من دون جهازها.

ومريم (68 عاماً) تقطن مع ابنها، معتمدة في عيشها على منحة 90 دولاراً أميركياً تخصصها الدولة التونسية للعائلات المعوزة، لا سيّما أنّها لم تعد قادرة على العمل كما في السابق. هي لا تستطيع الاستغناء عن جهاز التنفس لساعات طويلة. لكنّ تلك المنحة لا تكفيها لتأمين مصاريف العلاج ومعيشتها، كذلك لم تعد قادرة على تحمّل تكاليف الكهرباء وبالتالي صارت مهددة بأن تُقطَع عنها.

من جهته، يعتمد صالح الجبالي (62 عاماً) كما هي حال مريم على جهاز تنفّس اصطناعي بعدما أصيب بمرض رئوي قبل ستة أعوام. ولأنّه غير قادر على تسديد فاتورة الكهرباء، فإنّ حياته مهددة بالخطر في حال توقّف الجهاز عن العمل. هو متصل بالجهاز على مدار الساعة.
آلاف المرضى في تونس يستخدمون في بيوتهم أجهزة تنفس اصطناعي أو أخرى لتصفية الدم بالإضافة إلى بعض الآلات الطبية المختلفة، بالتالي تكون حياتهم معرّضة لخطر الموت في حال انقطاع التيار الكهربائي، خصوصاً أنّ كثيرين باتوا غير قادرين على تسديد فاتورة الكهرباء. وفي حال لم تنقطع الكهرباء إذ إنّ الشركة المعنيّة تغاضت عن ذلك، فإنّ انقطاع التيار الكهربائي يتكرر كثيراً، الأمر الذي دفع سليم الشارني إلى التفكير في حلّ معقول.




والشارني مخترع تونسي شاب حاول إيجاد طريقة لحلّ مشكلات هؤلاء الذين ينقطع التيار الكهربائي لديهم باستمرار لسبب أو لآخر، خصوصاً في المناطق الداخلية، فابتكر مولّداً كهربائياً غير المولّدات التي نعرفها. ويخبر الشارني "العربي الجديد": "قمت بأبحاث علمية عدّة مكّنتني من التوصّل إلى اختراع جهاز قادر على توليد الطاقة الكهربائية من دون الحاجة إلى مصدر طاقة آخر. يكفي أن يُشحَن الجهاز ليغذّي حاجته من الطاقة، فيستخدم في وقت لاحق خلال انقطاع الكهرباء ويغطّي حاجة منزل كامل. بالتالي سوف يحلّ مشكلة انقطاع الكهرباء في منازل عائلات كثيرة، خصوصاً تلك التي تضمّ أشخاصاً مضطرين إلى البقاء متصلين بأجهزة طبية".

وهذا المولّد الكهربائي، وفق ما يشرح الشارني، "لا يقتصر فقط على الاستعمال المنزلي، وقد فكّرت كذلك في إمكانية استخدام هذا المولّد خارج المنزل وخلال ممارسة بعض المهن الشاقة. فهو جهاز يُحمل في حقيبة ظهر، وخفيف الوزن لكي يُستخدم في الغابات أو المناطق الصحراوية من قبل رجال الأمن أو حراس الغابات غير القادرين على إشعال النار مخافة اندلاع الحرائق أو تنبّه الإرهابيين إليهم". يضيف أنّه "في الإمكان استخدام هذا المولّد لشحن الهواتف الجوالة أو تسخين الطعام أو غيرها من الأمور التي يضطر إليها أشخاص يعملون في مناطق بعيدة على الحدود وفي الغابات، أو بعض منظمي الرحلات الداخلية في المخيمات السياحية، أو الرياضيون، أو منظمو المهرجانات الصحراوية".

مولّد سليم الشارني في حقيبة ظهر (العربي الجديد)












في السياق، يتحدّث محمد كحيلي وهو من حرّاس الغابات في جهة جندوبة بالشمال الغربي، عن ذلك المولّد الكهربائي. يخبر "العربي الجديد" أنّه يقضي معظم وقته في التجوّل في الغابات لمراقبة قطع الأشجار العشوائي أو بعض الأعمال التخريبية الأخرى، وقد يُضطر إلى العمل ليلاً والتنقل في مناطق وعرة. يضيف أنّه "في أيام البرد، أحتاج إلى إشعال النار ولكنّني أعجز عن ذلك مخافة اندلاع حرائق محتملة. لكنّ هذا الجهاز من شأنه أن يحلّ مشكلة التدفئة في البرد والتنقل في الظلام، لا سيّما وأنّه يعمل لساعات طويلة".




وقبل ستّة أشهر، بدأ الشارني يوزّع تلك المولّدات على عدد من العائلات التي تضمّ أفراداً متّصلين بأجهزة طبية في حين أنّ التيار الكهربائي ينقطع في بيوتها، إمّا لأنّها في مناطق داخلية أو نتيجة عوامل مناخية أو لأسباب أخرى. مريم بوغانمي حصلت من جهتها على مولّد من مولّدات الشارني، الأمر الذي يخلّصها من مخاوفها إذ يحلّ مشكلة الكهرباء بالنسبة إليها. ويأمل الشارني أن يوزَّع اختراعه على معظم العائلات التي تحتاجه من خلال أعمال خيرية تقوم بها جمعيات خيرية عدّة تهدف إلى مساعدة المعوزين في البلاد. كذلك يأمل أن تهتم مؤسسات بذلك المولّد وتوفّره لعمالها وموظفيها، إذ إنّه سوف يسهّل مهامهم من دون شكّ.