عودة الحايك إلى شوارع الجزائر

عودة الحايك إلى شوارع الجزائر

02 مارس 2018
جزائريات يرتدين الحايك (أحمد كمال)
+ الخط -

يبقى للّباس التقليدي الجزائري أهميته في مختلف الاحتفالات والمناسبات. هذا العام، اختار عدد من الجمعيات الثقافية إعادة إحياء بعض هذه الملابس، مثل "الحايك" الذي كانت ترتديه المرأة الجزائرية منذ عقود. وخلال المناسبات العامة، تبادر جمعيات نسوية في الجزائر إلى إحياء عادات ارتداء اللباس التقليدي، كالحايك الذي كان عنواناً لاحتشام المرأة الجزائرية الأصيلة. من هنا، أرادت مجموعة من النساء إحياء الحايك تكريماً له، باعتباره صورة عن الزمن الجميل، إذ كان ارتداؤه يجعل المرأة أكثر "وقاراً وأنوثة وستراً"، بحسب كثيرات.

وخلال احتفالات الجزائر بـرأس السنة الأمازيغية أخيراً، ارتدت عشرات النساء في الجزائر الحايك الأبيض، في إطار نشاط حمل اسم "موعد مع الحايك"، بهدف إنقاذ هذا اللباس من الزوال والاندثار في ظل تفضيل النساء شراء ثياب تواكب الموضة. في حي القصبة العتيق وسط العاصمة الجزائرية، ارتدت 30 امرأة هذا اللباس التقليدي، ومشين في شوارع العاصمة في استحضار لمشاهد جميلة كانت تعرفها المدن والبلدات الجزائرية، قبل أن يختفي هذا اللباس. وكان تفاعل المشاة معهن كبيراً، وراحوا يلتقطون الصور لهن.

والحايك هو قطعة من القماش ترتديه المرأة لتستر رأسها ووجهها وسائر جسدها. وجاء في قاموس المعاني: "تطلق كلمة الحايِّكِ على لِباسِ المرأة بالمغرب العربي، وهو مكون من قطعة ثوب ترتديه المرأة، يستر رأسها ووجهها وكامل جسدها". وكان شائعَ الاستعمال في كل أنحاء الجزائر والمغرب العربي، وما زالت بعض النساء في المناطق البعيدة عن المدن ترتدينه، خصوصاً الطاعنات منهن في السن. ويطلق على الحايك تسميات عدة، منها الكسا، الملحفة، السفساري. ويعرف بالحايك في الوسط الجزائري. أما في الغرب، يطلق عليه الكساء أو الكسا، وهناك من يطلق عليه اسم الملحفة. ويختلف لونه من منطقة إلى أخرى، وهو أبيض اللون في الشرق الجزائري.

تقول مليكة، إحدى المشاركات في النشاط: "الحايك غطاء مصنوع من القماش لونه أبيض، يغطي الجسد كله. هو رمز للمرأة الجزائرية التي تخلت عنه مع مرور السنوات، بل هو رمز من رموز الثقافة الجزائرية وجزء من الموروث الشعبي الذي تفتخر به المرأة الجزائرية". تضيف أن العروس، كانت تزف من بيت أهلها إلى بيت زوجها بهذا اللباس التراثي التاريخي".


ويرى بعضهم أن لباس الحايك الأبيض ساهم في إطلاق اسم "الدزاير البيضاء" على العاصمة، بعدما غلب عليها اللون الأبيض، إذ إنه كان اللباس التقليدي للمرأة الجزائرية خارج البيت. وكانت غالبية النساء يلبسنه قبل وبعد استقلال الجزائر، وبقي رمزاً لاحتشام المرأة الجزائرية فترة طويلة من الزمن، حتى أنّ عدداً من الأغنيات الأندلسية الشعبية تغنت بجمال المرأة التي ترتدي الحايك.

ويرتبط الحايك، وهو عبارة عن قطعة من القماش الأبيض مصنوعة من خيوط الحرير، بذاكرة الجزائر، وقد رافق المرأة الجزائرية خلال ثورة التحرير. وكان وسيلة لتهريب بعض الأسلحة من قبل جنود ثورة التحرير، فضلاً عن كونه رمزاً من رموز القصبة العتيقة. ويقول بعضهم، إنه "إحدى قصص الماضي. أما اليوم، بالكاد يُرى في شوارع العاصمة الجزائرية. وبحسب بعض الروايات، فقد نقلت نساء الأندلس هذا اللباس إلى المغرب العربي، تحديداً في مطلع القرن 16 ميلادي.

وكما ندر ارتداء هذا اللباس في الوقت الحالي، لم تعد المحال التجارية تبيعه بشكل عام، باستثناء تلك التي تهتم ببيع اللباس التقليدي، وذلك في أسفل حي القصبة في العاصمة الجزائرية، أو في المدن التاريخية كقسنطينة شرق الجزائر وتلمسان في غربها.


وخلال الاحتفالات ببداية السنة الأمازيغية، حاولت بعض الجمعيات الثقافية في البلاد إحياء الملابس التقليدية الجزائرية، ونظمت احتفالات ونشاطات ثقافية من أجل التذكير ببعض التقاليد الجزائرية، مثل اللباس الخاص بالقبائل في ولايات تيزي وزو والبويرة وبجاية، واللباس النايلي الخاص بقبيلة أولاد نايل، القبيلة الأكبر في الجزائر، في ولايات الجلفة والأغواط، واللباس الشاوي في ولايات باتنة وخنشلة وتبسة وسوق أهراس، واللباس القسنطيني في ولايات قسنطينة وميلة وجيجل. واختارت جمعيات أخرى تنظيم نشاطات خاصة بالملابس التقليدية من خلال عروض فنية كمسرحيات وأمسيات غنائية، كانت فيها هذه الملابس العنوان الأبرز، بهدف الاحتفاء بالتراث الجزائري.

دلالات