أدوية فاسدة في عهدة نقيب صيادلة العراق..قضية رأي عام

جدل بعد الإفراج عن نقيب صيادلة العراق إثر فضيحة الأدوية الفاسدة

28 فبراير 2018
الأدوية فاسدة وكانت توزع على المستشفيات (Getty)
+ الخط -
هاجم عراقيون قرار الإفراج بكفالة عن نقيب صيادلة العراق، مرتضى الشريفي، بعد اعتقاله من قبل قوات الأمن العراقية مؤخراً، إثر العثور على أكبر كمية أدوية فاسدة في البلاد كانت تُوزَّع من خلاله للمستشفيات والصيدليات الخاصة والحكومية، وأسفرت القضية عن سقوط ضحايا بحسب تقارير أمنية وصحية عراقية، وتحول الملف إلى قضية رأي عام.


وطالب أعضاء في البرلمان الحكومة بالتدخل، بينما أكدت مصادر سياسية لـ"العربي الجديد" وجود ضغوطٍ من جهات سياسية عراقية، أبرزها حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي، لإطلاق سراحه وإغلاق القضية.

وقال مسؤول عراقي رفيع في بغداد، اليوم الأربعاء، لـ"العربي الجديد"، إنّ التحقيقات التي تجريها هيئة النزاهة ومكتب المفتش العام بوزارة الصحة، تشير إلى تورط فعلي لنقيب الصيادلة بالعراق بصفقات أدوية فاسدة على مدى السنوات الماضية.

وبيَّن أن اعتقاله جاء وفقاً للمادة 39 من قانون العقوبات العراقية، لكن وجود ضغوط من شخصيات نافذة في حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي أدت إلى الإفراج عنه بكفالة قدرها 400 مليون دينار، نحو (320 ألف دولار).

ولفت إلى أن "هناك محاولات لتبرئته وتحميل الشركة المصدرة والجهة الناقلة ونائب نقيب الصيادلة المسؤولية، لكن القضية تتفاعل شعبياً وتستغل انتخابياً، وقد تأخذ بعداً آخر في حال تبرئته أو السماح له بمغادرة العراق كمسؤولين آخرين اتهموا بالفساد في السنوات الماضية.

وداهمت قوات عراقية خاصة يوم 18 من الشهر الجاري، مخازن حديدية في البصرة عثر فيها على كميات ضخمة من الأدوية تم استيرادها عن طريق ميناء الزبير على مياه الخليج العربي، لصالح نقيب صيادلة العراق مرتضى الشريفي، الذي تبين أنه يستورد الأدوية بناءً على رخصة مُنحت له ضمن غطاء نقابة الصيادلة بالعراق، وتبين أن الأدوية بين تالفة أو منتهية الصلاحية، وتم التلاعب بتواريخ صناعتها ونفادها داخل تلك المخازن بإشراف نقيب الصيادلة نفسه.

وأعلنت نقابة الصيادلة إثر ذلك، إقالة النقيب بعد جلسة طارئة للأعضاء اعتبروا فيها تورط النقيب بجريمة كهذه مخلاً بالشرف.

إلى ذلك، قالت عضوة اللجنة التحقيقية المكلفة بالتحقيق في ملف الأدوية الفاسدة في البصرة والبرلمانية العراقية، عالية نصيف، إن "نقيب الصيادلة العراقي دفع أموالاً من أجل تغيير إفادات الشهود بحقه، وتغيير المادة التي اعتقل على أساسها"، موضحة في تصريح لمحطة تلفزيون عراقية، أن القانون العراقي يعاقب بالإعدام الأشخاص الذين تثبت متاجرتهم بالدواء الفاسد.

وأشارت إلى أن الأموال والضغوط السياسية التي مورست هي التي غيرت مجرى القضية وتسببت في إطلاق سراح الشريفي، موضحة أن بعض ضباط التحقيق تلاعبوا بالأدلة التي كانت تدين نقيب الصيادلة العراقيين.

ولفتت إلى أن أحد قضاة التحقيق بالقضية، أبلغها في وقت سابق بوجود اعترافات لشهود تؤكد تورط مرتضى الشريفي بالأدوية المغشوشة التي عثر عليها في البصرة، مبينة أن الأموال هي التي غيرت مجرى القضية.

وفي أول ظهور له قال نقيب الصيادلة مرتضى الشريفي، عقب خروجه من السجن بكفالة، إن "الأدوية الفاسدة التي عثر عليها في أحد مخازنه بالبصرة كانت معدة للإتلاف ولا توجد أي أدلة ضدي"، متهماً "جهات بتلفيق أكاذيب ضده" وأنه مشهود له بـ"النزاهة".

وأضاف "أنا نقيب منتخب للصيادلة في العراق، وليس لدي أي مكتب أو مذخر للأدوية"، موضحاً أن المعلومات التي تحدثت عن تورطه بالمتاجرة بالأدوية الفاسدة مغلوطة.

وأكد الشريفي أنه لا يملك سوى ثلاث صيدليات في بغداد، وثلاث قطع أراضٍ، وحسابين مصرفيين أموالهما موجودة قبل أن يصبح نقيباً، مشيراً إلى وجود تهم تُلقى جزافاً ضده من قبل بعض الأطراف.

من جانبه قال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حاكم الزاملي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "لجنة مشكّلة من قبل البرلمان حصلت فعلاً على أدلة ووثائق تثبت تورط نقيب الصيادلة بجلب أدوية منتهية الصلاحية ومغشوشة أو من مناشئ مجهولة المصدر وبكميات كبيرة، وللأسف أسفرت عن وفاة مواطنين عراقيين".

وأضاف الزاملي أن "نائب نقيب الصيادلة سجّل اعترافاً له بتورط نقيب الصيادلة بالأدوية الفاسدة"، متهماً ضباط تحقيق بوزارة الداخلية بالتلاعب في أوراق التحقيق من أجل إخراجه بكفالة".

وتابع "نقيب الصيادلة لا يختلف عن أي إرهابي يدمّر العراق، ونجحنا في استصدار قرار منعه من السفر خارج البلد".

وتحوّل موضوع اعتقال النقيب والإفراج عنه والأدوية الفاسدة إلى قضية رأي عام، إذ تفاعل العراقيون معها، خاصة من الذين عانوا في الفترة الماضية من نقص الأدوية أو شحها وعدم فاعليتها على مرضاهم.

وقال عضو الشبكة العراقية لمنظمات المجتمع المدني، فراس القرغلي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة اليوم على المحك، فإما أن تثبت صدق حملتها ضد الفساد أو أنها تحاول تخدير العراقيين".




ولفت إلى أن "الشارع العراقي مهتم للغاية بالقضية، خاصة ذوي مرضى لم يجدوا دواء أو الذين قضوا أياماً وأسابيع في المستشفيات تحت العلاج دون أن تنفع معهم بسبب الدواء الذي اتضح فيما بعد أنه إما مزور أو فاسد".

وقال المواطن أحمد عبد الستار (41 عاماً) لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجميع يراقب ما ستنتهي إليه قصة النقيب الفاسد"، ويضيف "لن نقبل بأقل من حكم مناسب له يشفي غليل الفقراء الذين عانوا من الدواء الفاسد، بينما هو يتمتع بقصوره وسياراته بأموالهم".

المساهمون