نريد خبزاً وحرية

نريد خبزاً وحرية

16 سبتمبر 2016
هناك من يفتقرون إلى الخبز (كريس بورونكل/ فرانس برس)
+ الخط -
تفشل الحكومة في الوفاء بمتطلبات المواطنين الأساسية، فيتهم المواطن بأنه لا يراعي الظروف الصعبة التي تمنع تحميل النظام المثقل بالأعباء أكثر من طاقته.

في المقابل، تنجز الحكومة أي مشروع خدمي، حتى لو كان مشروعاً وهمياً أو محدود المنفعة، فيتباهى النظام بنجاحه ويطلق أذرعه الإعلامية للثناء على مواصلة وفائه بمتطلبات المواطنين.
إن فشلت الحكومة فالمواطن هو السبب وعليه يقع اللوم والضرر، وإن نجحت فالمواطن لا دور له ولا يستفيد في الأغلب.

يحدث هذا في كل دول العالم الثالث؛ تلك التي يحكمها طغاة أو جنرالات، وما أكثرها، وإليها تنتمي معظم الدول العربية. وللعرب في هذا المقام خصوصية إضافية، فكثير من حكامهم يجاهرون بعكس ما سبق؛ رغم أنه واقع شعوبهم اليومي المعاش، وتنساق الشعوب أيضاً إلى هذا، بعضها عن جهل وبعضها عن عمد.

بعض العرب اختار الخبز بديلاً عن الحرية، وبعضهم منشغل بتوفير الحرية دون الانتباه إلى خطورة غياب الخبز، رغم أن المنطق يؤكد أن كليهما لازم لاستمرار الحياة، وأن توفر أحدهما وغياب الآخر لا يوفّر حياة كريمة.

لا يعني ذلك أبداً أن هناك من يفتقرون إلى الخبز والحرية معاً، ولا يعني بالضرورة أن هناك أيضاً من يمتلكونهما معاً، لكنهم أقلية لا يمكن التأسيس عليها، عربياً على الأقل.
بين الأحلام الغائبة أن يتفرّغ الساسة والمتخصصون في العلوم السياسية في الجامعات العربية لجمع أفكارهم وأبحاثهم ودراساتهم في مشروع حقيقي تقوم الدول العربية، أو بعضها على الأقل، بتطبيقه رغبة في مستقبل أفضل.

أثبت الربيع العربي في سنواته الخمس الماضية أن أغلب متصدري المشهد السياسي، وأغلب أساتذة العلوم السياسية، علاقتهم بالسياسة ليست أفضل من عوام الناس، ولربما يمكننا التجاوز بالقول إن عوام الناس بينهم من هم أكثر وعياً من أصحاب الياقات البيضاء المنتشرين على شاشات التليفزيون وصفحات الجرائد، أو هؤلاء الذين يمطرون صفحات الإنترنت بالنظريات والأطروحات يومياً.

قبل أيام خضت نقاشاً مع أحد هؤلاء والذي يحمل درجة علمية رفيعة في العلوم السياسية، كنا نتحدث عن أحوال العرب ومستقبلهم باعتبار أن كلينا يحمل جنسية إحدى الدول العربية.
كرر الأكاديمي المرموق عدة مرات خلال النقاش أن العرب "اتفقوا على ألا يتفقوا".
لست مختلفاً بالكلية مع تلك المقولة الرائجة التي كرّرها أستاذ العلوم السياسية، لكني اختلفت معه في اعتمادها باعتبارها مخرجاً من مأزق النقاش الذي تملّص من مواصلته، متعللاً بانشغاله؛ فور طرح سؤالي: هل هذا حال المواطنين العرب أيضاً أم أنه ينطبق على حال حكامهم فقط؟

دلالات

المساهمون