معبر رفح "قاتل" العرسان

معبر رفح "قاتل" العرسان

20 يوليو 2016
وضع المعبر ميؤوس منه (محمد الحجّار)
+ الخط -
المعاناة المستمرة لا تغيب عن الغزيين منذ سنوات طويلة. فالحصار مستمر، والتنقل شبه ممنوع عبر المعابر، خصوصاً معبر رفح الحدودي مع مصر، وهو صلة وصل أهل القطاع بالخارج.

هذا المعبر يدمر حياة كثير من الغزيين، فهو يمنع آلاف المرضى من تلقي العلاج، وآلاف الطلاب من إكمال دراستهم في الخارج. كما يمنع لمّ شمل بعض العائلات. الجديد في هذا الإطار أنّ المعبر يدمر أيّ مشروع للزواج بين من يعيش في القطاع وخارجه.

تبدأ القصة في معاناة العروسين منذ لحظة ارتباطهما بفعل القرابة أو التعارف أو خلال زيارة مؤقتة لأحدهما إلى القطاع أو العكس. يبدأ التواصل عبر الاتصالات المتاحة بأمل بناء أسرة، ويبدأ معه البحث عن وسيلة خروج من غزة عبر معبر رفح. لكنّ أولى الصدمات تتمثل في رقم المسجلين أمامهم البالغ أكثر من عشرين ألف مسافر. وبالاطلاع على آلية فتح المعبر، فإنّه لا يفتح أكثر من 4 أيام كلّ شهرين أو ثلاثة، يعبر خلالها ما بين 1500 إلى 2000 شخص. وبذلك، يتوجب على هؤلاء الانتظار عامين أو ثلاثة حتى يجتمعوا تحت سقف واحد.

في هذا الإطار، أطلق الصحافي الفلسطيني من قطاع غزة، عامر الفرا، إنذاراً في أواخر شهر رمضان الماضي، عندما تحدث عبر حسابه الشخصي على "فيسبوك" عن انفصاله عن خطيبته بسبب معبر رفح، بعد ثلاث سنوات من انتظاره سفرها من المملكة العربية السعودية إليه في غزة. بعد حديث الفرا، تشجع كثير من الغزيين للحديث عن تجاربهم الشخصية وعن قصص انتهت بالانفصال بسبب معبر رفح.

أحمد خ. (27 عاماً) مهندس في شركة خاصة. قبل شهرين، انفصل عن خطيبته التي تعيش في ألمانيا لأنه لا يستطيع اجتياز معبر رفح من الأساس. استغرقت خطوبتهما عاماً ونصف عام، وكانت نهايتها مليئة بالمشاكل بعد ضغط عائلة الفتاة عليهما بسبب عدم قدرته على الوصول إلى حلّ للسفر إلى ألمانيا.

لا يجد أحمد أمامه غير البحر يشكو إليه آلامه. يذهب إليه يومياً وهو يفكر بخسارته الكبيرة. يقول لـ"العربي الجديد": "كنت آمل أن أسافر إلى ألمانيا وأعمل فيها وأتزوج بمن أحببت. جربت كلّ الوسائل سواء عبر تأشيرة سياحية أو عمل أو هجرة أو تعليم أو لمّ شمل. لم ينفع شيء فقط لأنّني في غزة".

في إحدى المحاولات حصل أحمد على تأشيرة عمل، لكنّها كانت محددة الوقت، بينما كان رقم خروجه من معبر رفح 18 ألفاً و788. وهو رقم لن يتيح له الخروج من القطاع قبل عامين.
نسرين (24 عاماً) تخرجت العام الماضي من كلية الهندسة في إحدى جامعات غزة. قبل عام من تخرجها خطبت ابن خالتها المقيم في الإمارات مع عائلته، ويعمل محاسباً فيها. طوال هذه الفترة انتظرت فتح معبر رفح كي تسافر إلى خطيبها. ما إن تسمع أيّ خبر عن فتح المعبر حتى تسعى بنفسها إلى التأكد، لكنّ معظم الأخبار كانت محض إشاعات.

في فبراير/ شباط الماضي، أعلن عن اسمها من ضمن الكشف الدوري للخروج من المعبر، لكنها عادت ومعها نحو 100، أقفل الجانب المصري رفح أمامهم بحجج أمنية. عودتها تلك المرة تسببت بمشاكل بينها وبين خطيبها الذي لم يعد يحتمل الانتظار. وبعد محاولات أخرى، طوال شهرين، صدمت في الثالث من أبريل/ نيسان الماضي برسالة منه أنّه يتمنى لها حياة سعيدة، وأن لا نصيب بينهما.

تقول لـ"العربي الجديد": "المشكلة أننا في مجتمع محافظ، وبالنسبة لهذا المجتمع أنا الآن مطلّقة حتى في بطاقة الهوية. وهذا ما يشكل عائقاً بخصوص أيّ نية ارتباط بشخص آخر. للأسف، دفعت ثمناً لا ذنب لي فيه".

تشير نسرين إلى أنّ بعضهم يدفع ما قد يصل إلى 5 آلاف دولار أميركي عبر مكاتب سفر من أجل العبور إلى مصر بالتنسيق مع الجانب المصري. كما أنّ هناك طرقاً غير شرعية كالوساطات وغيرها لجأ إليها عدد من المسافرين.

تفكك أسري
تنوه المختصة الاجتماعية نسرين أبو لبن إلى أنّ استمرار إغلاق معبر رفح يسبب توتراً واكتئاباً لمن لديه مصالح خارجية ويحتاج إلى خروج عبره. تضيف لـ"العربي الجديد": "لاحظت عدداً من المطلقات كان من أسباب طلاقهن عمل الزوج في الخارج وتركه زوجته، لأنها لا تستطيع السفر معه وهو لا يستطيع العودة. كما أنّ هناك عدداً كبيراً من المعلّقات اللواتي ينتظرن لمّ الشمل".