الشهيدة الفلسطينية سوسن منصور.. غابت الفراشة وابتسامتها

الشهيدة الفلسطينية سوسن منصور.. غابت الفراشة وابتسامتها

26 مايو 2016
كان بإمكان الاحتلال اعتقال سوسن لكنهم قرروا قتلها(العربي الجديد)
+ الخط -



قبل ساعات من استشهادها، لاعبت سوسن علي منصور (17عاما) طفلي شقيقتها محمود (4 سنوات) وسيف (3 سنوات)، وجهزت لهما طعاما، وسبق ذلك يوم كامل من المرح والسعادة التي تتخلل دراستها واستعداداتها المتواصلة من أجل التقدم لامتحان الثانوية العامة "التوجيهي" السبت المقبل.

لكن الاحتلال الإسرائيلي أجهض هذه الأحلام الصغيرة، بثلاث رصاصات اخترقت جسدها لدى مرورها على حاجز بيت إكسا، القريب من قريتها بدو شمالي غربي القدس المحتلة.

ووفق إفادة والدها علي منصور لـ"العربي الجديد"، فإن والدة سوسن وشقيقتها اللتين كانتا متواجدتين في منزل العائلة، لا تعرفان كيف غادرت سوسن البيت، وذهبت ظهر أول أمس الاثنين إلى حاجز بيت إكسا، لتضع نقطة نهاية لحياتها، وتغيب الابتسامة التي لازمتها طيلة 17 عاما.

"لقد غابت ابتسامة فراشة الدار" يقول والدها، الذي سبقته دموعه، وهو يسرد بعضا من تفاصيل حياتها، يضيف "كل الدنيا لا تعوضني عن ضحكتها، الله يصبرني ويجعل مثواها الجنة".

سوسن، التي كانت تتمنى إكمال دراستها العليا بعد إنهاء "التوجيهي"، صغيرة العائلة، صاحبة ابتسامة ومرح "فلا تعقيدات لديها في الحياة"، فيما كان يتابع الوالد المتقاعد من مجال التدريس، مسيرة دراستها وخصص لها مدرسين مختصين من أجل "إكمال الحلم برؤية ابنته خريجة جامعية، لكن كل شيء انتهى"، يقول والدها.

كان والد سوسن في طريق عودته من عمله في مدينة القدس المحتلة، حيث يعمل بستانياً في تنسيق الحدائق والاهتمام بها، والذي شغله بعد تقاعده من مهنة التعليم، حيث مرّ على حاجز بيت إكسا بعد وقت قليل من إطلاق جنود الاحتلال الرصاص على سوسن، ولم يكن يتوقع أن تكون شهيدة الحاجز.




نظر الوالد إلى صورة فتاة مضرجة بدمائها من خلال الهاتف النقال لسائق المركبة العمومية التي أقلته من القدس، حيث نشرت الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكان إحساس الأبوة قويّا لدى الوالد، إذ عرف أن الشهيدة هي ابنته سوسن.

ويشدد على أن الجندي الذي أطلق الرصاص باتجاه سوسن كان بإمكانه اعتقالها أو إطلاق الرصاص التحذيري في الهواء بدلا من قتلها، إذ كانت سوسن تبعد نحو 15 مترا عن الحاجز، والجنود خلف سياج لا يمكن لأحد اختراقه، فكيف لها أن تنفذ عملية طعن بسكين؟ يتساءل الأب بحرقة كبيرة، قبل أن يستدرك بيقين المؤمن "أسأل الله أن يعوضني خيرا لأنه تعالى اختار سوسن إلى جواره".

"طفلتي البريئة رحلت، غابت ضحكتها التي لا يمكن لأحد أن يعوضني إياها، لقد قتلتها الأيدي الآثمة بدم بارد"، يتابع الوالد الذي استدعته قوات الاحتلال إلى معسكر عوفر غربي رام الله بعد ساعات قليلة على استشهادها، إذ يؤكد لـ"العربي الجديد"، أنّ "ضابطا من جيش الاحتلال اعتذر له عن قتل ابنته سوسن!"، لكن الأب رفض الاعتذار وقال له "ماذا سينفعني اعتذارك وماذا سيجدي؟".

حاجز بيت إكسا الذي يخنق تجمع قرى مقدسية إلى الشمال الغربي من القدس، جنوده مدربون وكان بإمكانهم اعتقال سوسن، لكنهم قرروا الإعدام بحقها، يوضح سعيد يقين من قياديي حركة فتح في المنطقة لـ"العربي الجديد".

في المدرسة، وفي قرية بدو، كما العائلة، لا يصدق الجميع استشهاد سوسن، صاحبة الدعابة والمرح، والتي تصفها معلماتها بأنها كالفراشة، "التي ما وطأت مكانا لم تترك فيه أثراً".