"هيومن رايتس": مصر سجنت 150 متظاهراً سلمياً في مايو

"هيومن رايتس": مصر سجنت 150 متظاهراً سلمياً في مايو

25 مايو 2016
تظاهرات 25 إبريل (العربي الجديد)
+ الخط -
قالت "هيومن رايتس ووتش" إن محاكم مصرية حكمت على أكثر من 150 شخصا بالسجن منذ مطلع مايو/أيار الحالي، لمشاركتهم في مظاهرات سلمية أو لاتهامهم بنشر أخبار كاذبة.

وقالت "رايتس ووتش" في بيان، اليوم، إنه "على السلطات الإفراج عن المعتقلين وإسقاط الاتهامات عنهم وإخلاء سبيل مئات النشطاء والمتظاهرين الآخرين المحتجزين على ذمة التحقيق في اتهامات تنتهك الحق في حرية التجمع السلمي وحرية التعبير".

وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نديم حوري: "تستخدم السلطات المصرية حجج تهديد الأمن القومي لسحق معارضة الشباب المصري. هذه السياسة تقوّض الأمن، ولا تحققه، وتحرم الشباب من أي مساحات للمعارضة السلمية لا تؤدي بهم إلى السجن".

وحكمت المحاكم على 152 شخصا في 3 محاكمات بالسجن من سنتين إلى 5 سنوات، في اتهامات تتصل بالتظاهر، وعلى 2 آخرين بأحكام سجن أقصر في محاكمات أخرى. وحُكم على أغلبهم بموجب قانون يحظر المظاهرات السلمية إلا بموافقة وزارة الداخلية.

واعتقلت الشرطة جميع المدعى عليهم في الأيام السابقة على فض مظاهرات سلمية، وخلالها، بتاريخ 15 و25 إبريل/نيسان، احتجاجا على قرار الحكومة بالتنازل عن جزيرتين للسعودية. وقال 47 معتقلا، في 18 مايو/أيار بعد الحُكم عليهم، إنهم سيبدأون إضرابا عن الطعام، ودخل 3 منهم المستشفى جراء حالاتهم الصحية الحرجة، بحسب قول نشطاء، لكن لم تعلن السلطات عن أية معلومات بشأنهم.

وينتظر 86 آخرين على الأقل أحكاما في 3 محاكمات أخرى جارية. وقالت "جبهة الدفاع عن متظاهري مصر"، إن 585 شخصا بينهم أطفال يواجهون اتهامات، من بين 1312 شخصا اعتقلوا بين 15 إبريل/نيسان و5 مايو/أيار.

وقضت محكمة جنح قصر النيل بالقاهرة، بالسجن عامين مع الشغل في 14 مايو/أيار، بحق 51 متظاهرا اعتقلوا في مظاهرات 25 إبريل/نيسان، و18 منهم حُكم عليهم غيابيا بعد إخلاء سبيلهم بكفالة.

كما قضت محكمة الدائرة 21 إرهاب شمال الجيزة، بالسجن 5 أعوام مع الشغل في محاكمتين لـ101 متظاهر آخرين، تم القبض عليهم في 25 إبريل/نيسان في الدقي والعجوزة، ومن بين المحكومين، سبق أن أُفرج عن 54 شخصا بكفالة ثم حُكم عليهم غيابيا. كما غرّمت المحكمة 79 شخصا ضمن مجموعة الدقي بمبلغ 100 ألف جنيه مصري (11 ألف دولار).
في 24 مايو/أيار قررت محكمة جنح مستأنف الدقي إلغاء عقوبة السجن للـ47 متهما الحضور، الذين بدأوا إضراباً عن الطعام، وغرّمت كلاً منهم 100 ألف جنيه مصري. قال محامون لهيومن رايتس ووتش إن المتهمين عليهم دفع الغرامة أو المكوث ثلاثة أشهر في السجن.



ويحق للمحكوم عليهم غيابيا طلب إعادة المحاكمة أمام المحكمة نفسها. بينما يحق فقط للمدعى عليهم الذين حضروا المحاكمة الاستئناف أمام محكمة استئناف. وأجّلت محكمة استئناف قصر النيل قضية 33 متظاهرا إلى 4 يونيو/حزيران.

وأفرجت السلطات عن 13 طفلا بموجب كفالة في قضية قصر النيل، وعن 10 آخرين في قضيتي العجوزة والدقي، لكن أحالتهم لمحاكمات لم تبدأ بعد أمام محاكم ابتدائية للأحداث.

في 19 مايو/أيار حكمت محكمة جنح المقطم على الناشط ياسر القط بالسجن عاما، في اتهامات بنشر أخبار كاذبة وحيازة منشورات معادية للدولة. وقال محامٍ يمثله لـ"هيومن رايتس ووتش"، إن القاضي "انتهك مبادئ سلامة الإجراءات القانونية"، إذ أصدر حكمه في الجلسة الأولى ورفض طلبات الدفاع الأولية، مثل الاطلاع على نسخة كاملة من ملف القضية، وطلب شهادة ضباط أمن في المحكمة لكي يطرح عليهم الدفاع أسئلة.

وقال محامون لـ"هيومن رايتس ووتش" إن قضيتي الدقي والعجوزة هي أول قضايا جُنح يسمعون أنها عرضت على محكمة إرهاب. وقال سامح سمير، المحامي بـ"المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، إنه يبدو أن لا سند لإحالة بعض المتظاهرين إلى محكمة إرهاب ومتظاهرين آخرين إلى محكمة اعتيادية.


تعذيب المعتقلين

وأكد سمير، الذي يمثل متظاهرين في قضية قصر النيل، أن السلطات لم تسمح له بالوقت الكافي لمقابلة موكليه وأن المدعى عليهم وضعوا وراء حاجز زجاجي في قاعة المحكمة، فلم يتسن لهم سماع أو رؤية ما يجري بشكل واضح.

وتمت محاكمتا الدقي والعجوزة في سجن الجيزة المركزي، داخل معسكر للأمن المركزي، معروف باسم الكيلو 10.5، ونُظرت قضية قصر النيل في معهد أمناء الشرطة بمنطقة طرة، جنوبي القاهرة.
وتزايد عقد القضاة لمحاكمات في معاهد ومراكز أمنية بدلا من قاعات المحاكم. يقول محامون إن هذه المعاهد، التي تشرف عليها وزارة الداخلية، هي السلطة المسؤولة عن الاعتقال، وإنها ليست مواقع محايدة وتُعرّض حيادية المحاكمة بأسرها للخطر.

وقال محامون إن القضاة في القضايا الثلاث، بدا أنهم يعتمدون بالكامل على محاضر الشرطة والتحريات، وأشار الحُكم الصادر بقضية قصر النيل، الذي اطلعت عليه "هيومن رايتس ووتش"، إلى محاضر الاعتقال التي زعمت أن المتظاهرين قطعوا الطريق وهددوا الأمن العام و"حرضوا" على الحكومة.

كذلك اعتمد القضاة على قانون التظاهر لسنة 2014، وكذلك المادة 102 مكرر من قانون العقوبات التي تعاقب على "نشر الأخبار الكاذبة"، إذ قالوا إن المتظاهرين "نشروا أخبارا كاذبة بأن الدولة تنازلت عن جزيرتي تيران وصنافير" بقصد الإضرار بالنظام العام والمصالح الوطنية.

وقال محامون ونشطاء إن قوات الأمن اعتدت على المتظاهرين المعتقلين وألحقت ببعضهم إصابات في معسكر الجبل الأحمر للأمن المركزي قرب القاهرة، في 30 إبريل/نيسان، بعد أن رفضوا نقلهم إلى سجن آخر قبل العرض على النيابة.
وفي 17 مايو/أيار أفادت مجموعة "الحرية للجدعان"، وهي مجموعة نشطاء مستقلة، بأن حراس سجن الجيزة المركزي ضربوا المعتقلين بالطابق الأول من السجن. وقالت هيومن رايتس ووتش إن على النيابة التحقيق في هذه الادعاءات.


ولا زال العديد ممن قُبض عليهم في الاعتقالات الجماعية محتجزين على ذمة التحقيق، بينهم المحاميان مالك عدلي وهيثم محمدين، وأحمد عبد الله رئيس مجلس أمناء "المفوضية المصرية للحقوق والحريات"، ومحمد ناجي ومينا ثابت، الباحثان بمجال حقوق الإنسان، والصحافيان عمرو بدر ومحمود السقا.

وقال بعض النشطاء إنهم لن يستأنفوا أحكامهم احتجاجا على النظام القضائي، الذي يراه العديدون أداة في يد الأمن الوطني. وكتب الناشط ياسين محمد، والذي حُكم عليه بالسجن 5 أعوام، على "فيسبوك"، إنه "ليس لدي ذرة اعتراف بهذا القانون الكرتوني". وكان قد حُكم عليه بالسجن 15 عاما في قضية أخرى تعود لمظاهرة سلمية من عام 2013، وأُفرج عنه في 2015 بعد عفو رئاسي. ولم ينطبق العفو على قضية أخرى حُكم عليه فيها بالسجن عامين. ولم يتم الفصل في الطعن المقدم في تلك القضية.

وفي 4 مايو/أيار حكمت محكمة جنح السيدة زينب على الناشطة سناء سيف بالحبس 6 أشهر بتهمة "إهانة القضاء"، بعد أن رفضت التعاون مع تحقيق النيابة معها. وقال محاموها إنها أخبرت وكيل النيابة أن القضاء فقد حياده والتزامه بتحقيق العدل. وأسقطت النيابة عنها الاتهامات الأصلية لكن تقدمت باتهامات جديدة بإهانة القضاء، ورفضت سيف الطعن على الحُكم وهي في سجن النساء بالقناطر.
في 9 مايو/أيار أصدر 3 مقررين خاصين بالأمم المتحدة بيانا مشتركا أعربوا فيه عن القلق إزاء "اشتداد حملة قمع المظاهرات السلمية" في مصر ودعوا الحكومة لوقف "ردود الفعل غير المتناسبة" التي تسهم في "تدهور المناخ القائم".