مختصون: استخدام الاغتصاب كسلاح حرب جريمة ضد الإنسانية

مختصون: استخدام الاغتصاب كسلاح حرب جريمة ضد الإنسانية

23 مارس 2016
تنظيم داعش يبادل النساء كهدايا (Getty)
+ الخط -
"تتضاعف حالات الاغتصاب خلال النزاعات والحروب، وتفوق بكثير الأرقام التي يتم التبليغ عنها"، بحسب المطران أوزا، من بعثة الفاتيكان، التي نظمت حلقه نقاش في نيويورك، حول موضوع العنف والاغتصابات في النزاعات المسلحة والحروب، على هامش فعاليات المؤتمر الـ60 للجنة المرأة المستمر حتى 24 مارس/ آذار الجاري.

وقال المطران: "غالبا ما تقوم الأطراف المتنازعة باستخدام الاغتصاب كسلاح حرب، يهدف إلى التخويف ونشر الرعب في صفوف العدو، لكن يتم التغاضي عن موضوع النساء المغتصبات، ويتم التعامل معهن كضحايا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

وأضاف "بعد الكشف عن عمليات اغتصاب منظمة ومنهجية واسعة، ضد النساء في البوسنة، في مطلع التسعينيات، كما في رواندا، بدأ مجلس الأمن بنقاش مسألة الاغتصاب المنظم والعنف الجنسي في الحروب والنزاعات، ضد النساء كجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية. وأصدر المجلس في هذا السياق، سبعة قرارات تجرّم وتدين هذه الممارسات الإجرامية".

وأوضح أنه كثيرا ما تقوم الأطراف المتنازعة في حرب ما "باستخدام الاغتصاب كسلاح حرب يهدف إلى التخويف ونشر الرعب في صفوف العدو، كما يستخدم العنف الجنسي والاغتصابات كأداة حرب لتغيير تركيبة إثنية لمنطقة ما للأجيال القادمة، بسبب الآلاف من الأطفال الذين يولدون نتيجة تلك الاغتصابات. ناهيك عن استخدامه في بعض المناطق كأداة لنشر الأمراض بما فيها الإيدز".

وفي ندوة نظمتها سفارة فرنسا في الأمم المتحدة حول الموضوع، تحدثت نادية مراد، العراقية الأيزيدية، عن قصة تمكّنها من الهرب بعد خطف تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لها ولآلاف العراقيات الأيزيديات والاتجار بهن، منذ أغسطس/ آب 2014 عند احتلاله منطقة سنجار، شمال العراق.

وقالت وهي واقفة أمام قاعة اكتظت بالحضور، "أنا واحدة من آلاف النساء الأيزيديات اللواتي أخذن كسبايا، وتم بيعهن، وقام الرجال كذلك بتبادلهن واستخدامهن كهدايا لرجال آخرين، أعضاء في تنظيم الدولة، كانوا فوق عمر الـ35. وفي بعض الأحيان كانت الفتيات دون عمر التسع سنوات".

وقدّرت نادية عدد الأيزيديات اللواتي لا زلن في قبضة "داعش" بحوالي 3 آلاف امرأة على الأقل.

وشهدت نادية مذبحة عائلتها أمامها، ومقتل ستة أفراد منهم بمن فيهم والدتها، قبل أن يتم ترحيلها إلى الموصل، وهناك تم بيعها من قبل رجال التنظيم حيث اغتصبها على الأقل عشرة منهم. وتؤكد أن الكثير من النساء يغتصبن ويتم "تبادلهن" بين أكثر من عشرين أو حتى ثلاثين شخصاً.

بدورها، أكدت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة، والمعنية بالعنف الجنسي أثناء النزاع المسلح، زينب هاوا بنغورا، أن النساء والأطفال هم أكثر الشرائح المتضررة والتي تعاني في النزاعات والحروب، لكن كثيرا ما يتم التغاضي عن موضوع النساء المغتصبات، بل إنه لا يتم التعامل معهن في الكثير من الأحيان كضحايا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وأضافت "لا يمكن الحديث عن محاربة الإرهاب، دون الحديث عن الاغتصاب المُمنهج في النزاعات، كجزء من استراتيجية تدر على تنظيمات كتنظيم "داعش" ملايين الدولارات، حيث يقدّر ما قام بجمعه من نخاسة النساء بحوالي 30 إلى 45 مليون دولار أميركي".

ولا يقتصر ارتكاب تلك الجرائم في العراق وسورية على تنظيم الدولة الإسلامية، بل تشير تقارير مختلفة للأمم المتحدة إلى تورط أطراف مختلفة في مناطق النزاعات بتلك الممارسات، بما فيها تعرّض النساء والرجال للاغتصاب في السجون وخلال التحقيق، وخاصة مع أطراف في المعارضة وأسرهم في أنحاء مختلفة من سورية.

وأشارت قرارات الأمم المتحدة، في أكثر من مناسبة، إلى أن "العنف الجنسي عندما يستخدم بشكل منهجي ومنظّم، بحيث يصبح أداة حرب، فإنه يشكل تهديدا للسلام والأمن الدوليين، ويستدعي عمليات أمنية واستجابة قضائية".

وبلغة الأرقام، ففي حرب البوسنة، ما بين الأعوام 1992 إلى 1995، تم اغتصاب ما بين 50 إلى 60 ألف امرأة. أما في كولومبيا، ما بين الأعوام 2001 إلى 2009، فيقدّر عدد النساء المغتصبات بحوالي نصف مليون امرأة، وفي الكونغو حوالي 430 ألف امرأة ما بين الأعوام 2006 إلى 2007. وفي العراق وسورية، يقدّر عدد النساء المغتصبات في السنوات الأخيرة بالآلاف.

وتبقى الأرقام تقديرية، بحسب إحصائيات لمؤسسات مختلفة، بما فيها الأمم المتحدة، بل إن كثيرا من المختصين يؤكدون أن الأرقام الحقيقية للاغتصاب في أوقات النزاعات والحروب أكبر بكثير مما يتم التبليغ عنه.

وتشير دراسة نشرت عام 2013، في "المجلة الأميركية للأوبئة"، قام بها أساتذة من عدة جامعات أميركية، إلى أن 7 في المائة فقط من حالات الاغتصاب التي ترتكب في الحروب والنزاعات، يتم التبليغ عنها للشرطة أو الأطباء أو العاملين الاجتماعيين.

وعزت الدراسة ذلك إلى كون كثير من المجتمعات تقوم بلوم الضحية على الجريمة التي ارتكبت بحقها، ناهيك عن "العار" الذي تشعر به الضحية والوصمة الاجتماعية التي تلاحقها، لذنب لم ترتكبه، وكذا في ظل وجود معتقدات مترسخة في المجتمعات بـ"ملكية" المرأة وجسدها.

وحسب الدراسة نفسها، بدلا من تقديم المساعدة للضحية، يتم السكوت على الجريمة التي ارتكبت بحقها. ناهيك عن الصعوبات النفسية والجسدية التي تعيشها الناجيات، والتي تحول أحيانا دون قدرتهن حتى على الكلام والتعامل مع الموضوع.

ورغم أهمية وجود وسائل قانونية لملاحقة المتهمين على الصعيد الدولي والمحلي في كل دولة، إلا أن "الحرب على ثقافة العنف" كمقياس للنهوض بالشعوب، ومحاربة التخلّف لا يمكن لها أن تتحقق دون أن تتوقف المجتمعات عن تجريم ولوم الضحايا، والتعامل مع جسد المرأة من منطق الملكية العائلية وأنه قابل للخدش بشكل لا يمكن تصليحه.



اقرأ أيضا:المغرب: الحكومة تصادق على قانون تعنيف النساء

المساهمون