الاختفاء القسري الممنهج في مصر جريمة ضد الإنسانية

الاختفاء القسري الممنهج في مصر جريمة ضد الإنسانية

05 اغسطس 2015
+ الخط -
كشف تقرير منظمة "هيومان رايتس مونيتور"، صدر أمس الثلاثاء، عن التصاعد الخطير في حالات الاختفاء القسري في مصر، خصوصاً بعد الانقلاب على الرئيس المعزول، محمد مرسي في عام 2013.

وأورد التقرير، أن السلطات المصرية، لم يقتصر دورها على القبض على مواطنيها وتعريضهم للاختفاء القسري فقط، بل تعذبهم، أيضاً، خلال فترة الاختفاء، ولا تظهرهم إلا وقد اعترفوا بتهم لم يرتكبوها تحت وطأة التعذيب، ما يعد مخالفاً للقانون، طبقاً للمادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكلتاهما تنص على عدم جواز تعرض أحد للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وكذلك المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يمنع إكراه أي شخص على الشهادة ضد نفسه، والاعتراف على ذنب لم يرتكبه.

ولفت التقرير إلى تعرض أسر المختفين قسرياً لضغوطات نفسية شديدة، لعدم علمها بمصير أبنائها، ولا ما يحدث معهم من انتهاكات قد تودي بحياتهم. كما تظل أسرة المختفي تعاني من التفكير في كل الاحتمالات التي قد يتعرض لها هذا الشخص، التي تؤثر في استقرارهم النفسي وشعورهم بالأمان، خصوصاً الأطفال منهم.


وتلقت منظمة "هيومن رايتس مونيتور" كثيراً من شكاوى الأسر التي تعرض ذووها للاختفاء القسري لمدد ليست بالقصيرة ولا يعلمون عنهم شيئاً. وتتهم هذه الأسر السلطات المصرية بشكل مباشر باعتقال ذويهم وإخفائهم قسرياً، ثم إنكار وجودهم في جميع أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز ومنع عرضهم على النيابة. كما تتهم النيابة العامة بعدم القيام بدورها المنوط بها من الرد على الشكاوى والبلاغات التي يرسلها الأهالي إلى النائب العام ووزارة الداخلية وغيرها من الهيئات الحكومية.

كما رصدت المنظمة حالات قتل عدة خارج إطار القانون، فبعد التعرض للاختفاء القسري يتم العثور على جثامين الضحايا، وقد لفقت لهم تهم بالإرهاب وغيره.


واستعرض التقرير حالات الاختفاء القسري التي شملت الفئات المختلفة بمن فيهم الأطفال، ومحاولة التقليل من هذه الجريمة البشعة. موضحاً أن "هناك منهجية في طريقة القبض على المتهمين وفي اشتراكهم بالتهم نفسها، وفي إنكار جميع أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز القانونية وغير القانونية حيازتها ضحايا الاختفاء القسري، وكذلك دور أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز في تعذيب الضحايا تعذيباً شديداً - أدى في حالات عديدة إلى الوفاة– لانتزاع اعترافات من الضحايا بارتكابها تهماً لفقت لهم، ونشر مقاطع فيديو لهم وقد اعترفوا بارتكاب تلك التهم وتشويه سمعتهم والقضاء على مستقبلهم عن طريق إذاعة تلك الاعترافات المنزوعة تحت التعذيب، وهو أمر مخالف للقانون".

وأضاف التقرير" يتضح جليّاً الدور الأكبر الذي تقوم به النيابة العامة والقضاء في تلفيق التهم ومساعدة الجهات الأمنية بانتهاك حقوق المواطنين المصريين بشكل قد يؤدي إلى إعدامهم". ويشير إلى أن " السلطات المصرية أصبحت تستخدم الاختفاء القسري كسلاح ضد معارضيها وأداة لتكميم الأفواه، فمن بين من تَمّ توثيق اختفائه طلاب وقيادات سياسية وشبابية وصحافيون ومحامون، منهم من أجلي مصيره، ومنهم من لا يزال رهن الاختفاء القسري، ومنهم من قتل داخل السجن نتيجة التعذيب".


وقد رصدت المنظمة ما يقرب من 280 حالة قتل داخل السجون نتيجة للتعذيب، مع توقع ارتفاع هذا العدد، يومياً، نتيجة غياب المحاسبة، والإفلات الكامل من العقاب الذي يتمتع به موظفو الدولة". ورأت أنه "نتيجة تأثير هذه الجريمة على المجتمع المصري بشكل خاص وعلى المجتمع الدولي بشكل عام، فإن من مسؤولية السلطات المصرية أن تقوم بالتوقف عن ارتكاب تلك الجريمة، وأن تلتزم بالقانون والدستور والمواثيق التي وقعتها وصادقت عليها".

ولفت التقرير إلى أن هناك 94 دولة وقّعت على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وصادقت عليها 44 دولة أيضاً، ولم تكن مصر واحدة منها.

وأعربت المنظمة عن بالغ قلقها من انعدام المحاسبة والإفلات المستمر من العقاب بمعاونة النيابة العامة والجهات القضائية، ما يؤدي إلى نشر جريمة الاختفاء القسري بشكل أكبر، بل قد يؤدي إلى انتشارها بين أفراد المجتمع الواحد الذين رأوا مثالاً حيّاً في قوات الأمن والقضاء وتنكيلهم المستمر بمعتقلي الرأي والسياسيين، ما قد يدفعهم، أيضاً، إلى ارتكاب جرائم الاختفاء القسري في حق مواطنين آخرين، نظراً لأن تلك الجريمة تمضي بلا حساب أو عقاب.

وقد أثبت التقرير، أن الاختفاء القسري في مصر منتشر ومتكرر بصورة ممنهجة، ويستهدف فئة معينة من المواطنين المصريين، ما يجعل هذه التهمة ترقى إلى كونها جريمة ضد الإنسانية.

اقرأ أيضاً:تعذيب وإخفاء مصري بسبب بيانات إنترنت خاطئة