"منارات أمل" للمكفوفين في فلسطين 48

"منارات أمل" للمكفوفين في فلسطين 48

16 يونيو 2015
خلال إحدى ورش التدريب (العربي الجديد)
+ الخط -

ما زالت الآراء المسبقة تتحكم في كيفية تعاطي فلسطينيي الـ 48 مع الأشخاص المعوقين. وتقول الإحصائيات إن هناك نحو 7500 مكفوف في أراضي الـ 48، كما أن أكثر من خمسين في المائة يولدون مكفوفين كنتيجة لزواج الأقارب، و2 في المائة من هؤلاء فقط ينخرطون في سوق العمل.

قبلَ عشر سنوات، بادر المحامي عباس عباس مع مجموعة من الناشطين إلى تأسيس جمعية "المنارة" لمساعدة الأشخاص المعوقين، وتوعيتهم والعمل على تمكينهم والدفاع عن حقوقهم ودمجهم في المجتمع، حتّى لا يعانوا من أي إقصاء اجتماعي أو آراء مسبقة أو تهميش.

بدأت الجمعية العمل فقط مع المكفوفين. وبعد سنوات عدة، شمل عملها دعم وتمكين جميع الأشخاص المعوقين. وقد أطلقت الجمعية مشاريع عدة تهدف إلى تثقيف ورفع وعي تلاميذ المدارس، حمل إحداها اسم "الآخر هو أنا". فيما يهدف مشروع الآخر إلى تمكين هؤلاء وتعليمهم اللغات وفق طريقة برايل، وتوفير مركز لهم لتعليم الكومبيوتر. ومن خلال مشروع التمكين الإبداعي، نظمت الجمعية عملاً موسيقياً بعنوان "منارات أمل"، ألفته مجموعة من التلاميذ.

في السياق، يقول المحامي عباس عباس لـ "العربي الجديد" إنه ولد وهو يعاني من إعاقة بصرية، كنتيجة لزواج الأقارب. تعلم في مدرسة المطران في الناصرة. يضيف "لا أؤمن بتعليم التلاميذ المعوقين في المدارس الخاصة بهم، لأن هذا يحرمهم من أمور كثيرة تؤثر سلباً على نموهم وشخصيتهم وثقتهم بأنفسهم". يضيف: "أوصي بتطبيق مبدأ الاحتواء والاندماج لنكون جزءاً لا يتجزّأ من المجتمع. فالتنشئة الصحيحة تكمن من خلال الاندماج مع السلك العام".

ويلفت إلى أن هناك أفكارا مسبقة حول الأشخاص الذين يعانون من إعاقة بصرية، لافتاً إلى أنه "للتخلص من الآراء المسبقة، نحن بحاجة إلى جيل جديد". يضيف أن "الأطفال يتقبلون الغير أكثر من غيرهم، لأنهم ما زالوا في طور بناء شخصيتهم".

يحكي عن المشروع الأهم المتمثل بتأسيس مكتبة المنارة العربية، وهي المكتبة العربية الأولى التي تلائم المكفوفين". يتابع أنها "تحتوي على كتب باللغة العربية مطبوعة بطريقة برايل، مع تسجيل صوتي"، وتسعى إلى تعزيز قدرات الأشخاص المعوقين للاندماج في المجتمع وإيجاد فرص عمل".

اقرأ أيضاً: مكفوفون يساعدون المبصرين

تضم المكتبة كتباً أدبية وثقافية، على غرار "عائد إلى حيفا" لغسان كنفاني، ورواية "عزازيل" ليوسف زيدان، ودواوين لمحمود درويش مثل "سجل أنا عربي"، وقصص للأطفال وكتب لتعليم اللغات وأخرى للتنمية البشرية، بالإضافة إلى المقالات الطبية وغيرها. ويشير إلى أن المكتبة بالنسبة له كانت بمثابة حلم، واصفاً إياها بـ "المشروع الرائد" باللغة العربية. يضيف أنه أراد قراءة أكبر عدد من الكتب، ولم يجد كتباً باللغة العربية. "عندما كنتُ صغيراً، كنت أطلب من عائلتي وأصدقائي قراءة الكتب لي، ولم يكن هناك أي مكتبة متخصصة باللغة العربية"، لافتاً إلى أنه كان يقرأ باللغتين الإنجليزية والعبرية.

يتابع عباس أننا "حققنا الحلم. وبدعم من مؤسسة التعاون الفلسطينية، جهزنا استوديو عصريا، ونعمل على تسجيل الكتب بشكل دائم منذ خمس سنوات". يضيف أن 15 ألف شخص يزورون الموقع الإلكتروني للمكتبة يومياً. وكنتيجة لأهمية الموقع، ساعدتنا شركة غوغل على تسويقه.

في السياق، تقول أملود حسن التي تعمل في المجال الاجتماعي والمسؤولة عن البرامج في جمعية المنارة، وهي مكفوفة أيضاً، أنها تعلمت في مدرسة راهبات الناصرة للصم والمكفوفين حتى الصف الخامس الابتدائي في مدينة الناصرة، وأكملت المرحلة الثانوية في مدرسة أخرى. من خلال تجربتها، تقول إنه "من الأفضل لنا كأشخاص معوقين التعلم في مدارس عادية، لأنها تساهم في توسيع آفاقنا ودمجنا، حتى لا نكون معزولين عن مجتمعنا، وكي يتقبلنا الآخرون". تعمل حسن في مجال توعية الأشخاص المعوقين وذويهم حول القضايا الحقوقية. تضيف: "نصغي إلى مشاكل الناس ونحاول تزويدهم بالمعلومات، وخصوصاً من خلال خط الجمعية الخاص للاستشارات الذي تشرف عليه مجموعة من المتخصصين في المجالات الاجتماعية والقانونية".

أيضاً، تقول حسن إننا "نسعى إلى مساعدة الأهل ليكونوا أكثر قدرة على التعامل مع أولادهم، بالإضافة إلى مساعدة الأولاد الذين يعانون من إعاقة، ليكونوا أكثر قدرة على مواجهة التحديات، ومواجهة الآراء المسبقة في المجتمع". تضيف أنه "غالباً ما ينظر إلى الأشخاص المعوقين بدهشة أو استغراب". وترى أنه من خلال الخط الساخن، يمكن للأشخاص التعبير عن معاناتهم ومعرفة كيفية التصرف في المواقف المختلفة التي يواجهونها.

اقرأ أيضاً: جهاز لقراءة النصوص