التعذيب.. ما يخشاه معتقلو تونس

التعذيب.. ما يخشاه معتقلو تونس

26 مايو 2015
التعذيب ما زال مستمراً (محمد مدلا/الأناضول)
+ الخط -

خلال شهر مارس/آذار الماضي، سجلت المنظّمة التونسية لمناهضة التعذيب 11 شكوى من قبل أشخاص تعرّضوا للتعذيب في مراكز الشرطة والسجون. وما زالت المنظمات الحقوقية تُوثّق حوادث كثيرة مماثلة خلال زيارتها لمراكز التوقيف والسجون، عدا عن الشكاوى التي تصلها من أهالي السجناء والموقوفين.

ولا تقتصرُ حالات التعذيب التي وصلت إلى المنظمة على فترة معينة. فهذه الحوادث تتكرّر على مدار العام سواء في مراكز التوقيف أو السجون. في 16 يناير/كانون الثاني عام 2015، اتصلت عائلة محمد الصغير بوقرة بالمنظمة لتخبرها عن تعرّض ابنها في سجن برج الرومي في محافظة بنزرت للتعذيب في حبسه الانفرادي، بالإضافة إلى حرمانه من الدواء في بعض الأحيان.

وتوضح المنظمة أنه بتاريخ 12 يناير/كانون الثاني الماضي، زارت عائلة محمد ابنها، ورأت ضمادات على عينه اليسرى مع آثار دماء على خدّه. ولدى استفسارها عن الأمر، قال إنه بعد مطالبته عناصر السجن بالحصول على دوائه أكثر من مرة، تقرر إيداعه السجن الانفرادي في 27 ديسمبر/كانون الأول عام 2014، فتعرض للتعذيب من قبل أعوان السجن، ما أدى إلى فقء عينه اليسرى. وفي 29 من الشهر نفسه، نقل إلى مستشفى الرابطة في العاصمة، بعد إجراء عملية جراحية له، لكنه أصيب بالعمى في عينه اليسرى.

شكوى أُخرى وصلت إلى المنظمة في أول شهر مارس/آذار الماضي من عائلة مراد بن عثمان، الذي اعتقل في منطقة الأمن الوطني بالقرجاني (مؤسسة أمنية) في العاصمة التونسية بسبب قضية جنائية. وخلال زيارتها له، أخبرها أنه لم يعد قادراً على تبديل ملابسه بسبب الضرب الذي تعرض له، بالإضافة إلى الصعق بالكهرباء. وتعرض معتقل آخر، يدعى حازم حمودي، للتعنيف من قبل عناصر السجن، كما أخبرت عائلته المنظمة التونسية بتاريخ 28 مارس/آذار عام 2015.

في السياق، تقول رئيسة المنظمة، راضية النصراوي، لـ"العربي الجديد"، إن التعذيب ما زال مستمراً، وغالباً ما تتصل العائلات بالمنظمة بعد زيارة أبنائها، لتخبرها عن العنف الذي يتعرض له بعض السجناء والموقوفين. وتؤكد أن الإفلات من العقاب وعدم الاهتمام الجدي بملفات التعذيب خلال الحكومات المتعاقبة، هما سببان رئيسيان لتواصل الانتهاكات داخل السجون.

اقرأ أيضاً: ابتهال عبد اللطيف تتبنى قضايا سجينات الرأي المحررات بتونس
 
وتلفت المنظمة إلى ورود شكاوى عدة عن سوء معاملة الموقوفين أو المعتقلين في منطقة الأمن الوطني بالقرجاني، مؤكدة ضرورة مراقبة هذه المؤسسة الأمنية من قبل الإدارة والهيئات الحقوقية، والاهتمام بصحتهم وعلاجهم، وعدم معاقبة أولئك الذين يلحون للحصول على حاجياتهم الأساسية. وتطالب أيضاً بالتحقيق في حالات التعذيب والعنف وسوء المعاملة، وإنصاف ضحايا هذه الانتهاكات.

في السياق، تُشير غالبية المنظمات الحقوقية في تونس إلى تواصل انتهاك حقوق الإنسان في السجون، واستمرار التعذيب كالضرب والسجن الانفرادي والصعقات الكهربائية. وسجلت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب أكثر من 400 حالة تعذيب و10 حالات وفاة بين عامي 2011 و2014.

وكان المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) قد صادق في 9 أكتوبر/تشرين الأول عام 2013 على مشروع قانون إنشاء هيئة وطنية للوقاية من التعذيب، وانضمام تونس إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب. وتضمن المشروع تعديلات قانونية تتعلق ببعض بنود مجلّة الإجراءات الجزائية.

وينص القانون في فصله الأول على إنشاء هيئة عامة مستقلة، تسمى الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو العقوبة القاسية، على أن تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي. وتتولى مراقبة مراكز الاحتجاز من خلال زيارات دورية منتظمة وأخرى فجائية بهدف مكافحة التعذيب ومختلف الانتهاكات بحق المحتجزين، بحسب المعايير الدولية.

أيضاً، ينص على انتخاب هيئة من قبل المجلس التشريعي، تتكون من 16 عضواً، ستة منهم يمثلون منظمات المجتمع المدني المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، وأستاذان جامعيان متخصصان في المجال الاجتماعي، وعضو متخصص في قضايا الأطفال، وعضوان يمثلان قطاع المحاماة، وثلاثة أعضاء يمثلون هيئة الأطباء، من بينهم طبيب نفسي.

وتجدر الإشارة إلى أنه حتى اليوم، لم تنشأ هذه الهيئة بسبب ضعف الإقبال على الترشح لعضويتها، وخصوصاً من قبل المتخصصين في حماية الأطفال، ما يعني أنه سترد إلى المنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان مزيد من الشكاوى.

اقرأ أيضاً: الأحكام في تونس تصدر والإدارات لا تنفذها