أصغر مدرسة صامدة

أصغر مدرسة صامدة

25 مايو 2015
تتابع درسها على الرغم من الخوف (نور حميدان)
+ الخط -

يانون قرية فلسطينية نائية جنوب شرق نابلس، يستهدفها الاحتلال الإسرائيلي بشكل دائم، فيهدم منازل سكانها ويشردهم فيما تبقى مدرستها صامدة على الرغم من كل إجراءات الاحتلال، إذ يصرّ تلاميذها على مواصلة تحصيلهم العلمي. ربما تكون أصغر مدرسة في العالم، فسبعة تلاميذ فقط يدرسون فيها، وسبعة أشخاص أيضاً يعملون فيها، وهم أعضاء الطاقم التعليمي والمدير والحاجب.

يتحدّث مدير المدرسة، أيمن أبو شهاب، عن واقع مدرسة يانون الصعب، تلك التي بُنيت في عام 1970 والمخصصة للمرحلة الأساسية فقط، أي حتى الصف السادس أساسي. ويوضح لـ "العربي الجديد" أن "المدرسة التي يتابع سبعة تلاميذ تعليمهم فيها، إلى جانب طاقم عمل مؤلّف من سبعة أشخاص أيضاً، تبلغ مساحتها مائة متر مربع فقط. أما سبب صغر حجمها، فهو منع قوات الاحتلال البناء في هذه المنطقة المصنفة منطقة ج بحسب اتفاقية أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين".

يحاول المدير والمدرسون توسيع المدرسة من حين إلى آخر، لكن محاولاتهم لا تنجح أبداً. وقبل فترة وضعت ألواح معدنية لحماية درج المدرسة من الأمطار، إلا أن سلطات الاحتلال أصدرت أمراً بهدم هذا السقف بالذريعة ذاتها: "البناء من دون ترخيص".

وتحصيل العلم في مدرسة يانون ليس أمراً ميسراً، فتلاميذها يسكنون في أماكن بعيدة عن المدرسة، كذلك فإن الطرقات ليست آمنة بفعل الاحتلال والمستوطنين في الجوار. وهو الأمر الذي دفع بمديرية التربية والتعليم في نابلس إلى تخصيص حافلة تقلّ التلاميذ من منازلهم إلى المدرسة صباحاً فقط، في حين يضطر المدرّسون إلى نقلهم إلى منازلهم بعد انتهاء الدوام بسياراتهم الخاصة.

وعلى الرغم من الألم الذي يشعر به مدير المدرسة نتيجة ظروف المدرسة الصعبة، إلا أنه يقول ممازحاً: "هؤلاء التلاميذ يملكون حظاً لا يملكه أي تلميذ في جميع أنحاء العالم. لكل واحد منهم مدرّس".

ويشير أبو شهاب إلى مجموعة من العوامل، التي تؤثر على التلاميذ وتحصيلهم العلمي، ومنها الخوف من جنود الاحتلال ومضايقات المستوطنين. يضيف: "وهذا يعدّ التأثير الأشد عليهم، إذ إنه عامل نفسي أساسي. فهؤلاء يشعرون بحرج كبير بسبب ما يتعرضون له لا سيّما الخوف في كثير من الأحيان". ويشير إلى أنه "في حال لم يتسجّل تلاميذ أكثر في خلال السنوات الخمس المقبلة، ثمّة توجه لدى وزارة التربية والتعليم إلى هدمها".

ويتابع أن "الخوف يبقى ماثلاً في جميع الأحوال. هو خوف من أن يهدمها الإسرائيليون، أو من أن يهاجم المستوطنون أحد التلاميذ، أو يتعرض لهم في الطرقات. فنحن هنا مشاريع شهادة".

إلى ذلك، يشعر التلاميذ بقلق كبير على مدرستهم ومستقبلهم التعليمي. هم لا يشعرون بأنهم في مدرسة لأنهم يفتقدون زملاء في صفوفهم. وهذا لا يؤمّن جوّاً دراسياً، بحسب قولهم.

هشام حمايل هو أحد المدرّسين، يتحدث عن المشكلات التي تتعرض لها المدرسة والمدرّسين والتلاميذ. يقول: "نحن نتعرض لمشكلات كثيرة يومياً، لأننا نقبع في منطقة نائية محاطة بالمستوطنات من جميع الجهات، حتى أننا لا نستطيع رفع علم فلسطين أو إقامة الطابور الصباحي. أما النشيد الوطني الفلسطيني فنؤديه في إحدى غرف المدرسة وبصوت خافت حتى لا يسمعنا المستوطنون فيستهدفون المدرسة". يضيف: "إلى ذلك، لا يمكننا السماح للتلاميذ بالخروج إلى ما وراء حدود المدرسة، إذ إنهم سوف يتعرضون لمضايقات المستوطنين. فنحن في منطقة معزولة عن بقيّة القرى".

نبيل، واحد من التلاميذ، يقول: "نحن نخاف جداً على أنفسنا في أثناء الدوام المدرسي، لأن المستوطنين يعملون على مضايقتنا دائماً ويهاجموننا في داخل المدرسة. أيضاً، إذا ابتعدنا قليلاً إلى الشارع، سوف نتعرّض للمضايقات".

يانون محاصرة

قلّة هم الذين يذهبون إلى يانون عادة. لكن قاصدي هذه القرية وبيوتها ومدرستها، لا بدّ لهم أن يسلكوا طرقات وعرة وغير معبّدة في كثير من الأحيان. هنا، يبدو المكان وكأنه من القرن الماضي، فالاحتلال يمنع أعمال البناء بحجة عدم الترخيص، وفي الوقت نفسه يرفض منح أي تراخيص بناء للفلسطينيين. هكذا، تحاصر المستوطنات الإسرائيلية البيوت والمدرسة من كل الجهات.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تبني تاريخاً مزيفاً بحجارة فلسطين