وجيهة برويز راجة: المرأة الباكستانيّة ضحيّة الأعراف والتقاليد

وجيهة برويز راجة: المرأة الباكستانيّة ضحيّة الأعراف والتقاليد

20 مايو 2015
ثمّة قوانين تحتاج إلى تغيير (العربي الجديد)
+ الخط -

- كيف تقيّمين وضع المرأة الباكستانيّة بشكل عام؟
أحرزت المرأة الباكستانية طبعاً تقدماً ملحوظاً في خلال العقد الماضي، في جميع مجالات الحياة كالسياسة والتعليم والتجارة. فعدد كبير من النساء وجدن طريقهن إلى البرلمان والمناصب العليا، بالإضافة إلى خوضهن مجالات الإعلام والاقتصاد والتجارة. لكن مع ذلك، ظلت المرأة تواجه صعوبات مختلفة في المجتمع الباكستاني المحافظ، خصوصاً في المناطق النائية، بسبب ضعف السلطة والأعراف التي توارثها الباكستانيون جيلاً بعد جيل. وعلى الرغم من أن المرأة تشكل أكثر من ستين في المائة من المجتمع الباكستاني، إلا أنها مهمشة. فالحكومة والمجتمع المدني لم يؤديا دورهما الحقيقي، وبالتالي هي تواجه صعوبات في الحصول على حقها في مجالات الحياة، خصوصاً التعليم والصحة.

- ما رأيك في دعاوى حرية المرأة التي رفعتها مؤسسات كثيرة، وادعت الحكومة العمل لأجلها؟
أرى أنها مجرد هتافات وشعارات لا جدوى لها. في الواقع، لا أعتقد أن أحداً يقف إلى جانب المرأة أو يعمل لأجلها. في بعض الأحيان وبسبب عدم اهتمام الحكومة من جهة، والضغوطات القبلية والعادات المتبعة من جهة أخرى، لا تستطيع أسرة المرأة أو لا ترغب في الوقوف إلى جانب ابنتها، خصوصاً في قضايا الزواج. نحن رأينا كيف قتلت المرأة على مرأى من الجميع، وفي وضح النهار، أمام المحكمة الباكستانية في مدينة لاهور، لأنها اختارت شريك حياتها بنفسها ورفضت أحد أقاربها الذي اختارته أسرتها. وذلك على الرغم من أن القانون الباكستاني يسمح للمرأة باختيار شريك حياتها بعد سن البلوغ، وكذا في الشريعة الإسلامية.

- كيف تقيّمين دور المؤسسات التي تعنى بحقوق المرأة؟
ثمّة مثل يقول إن شيئاً ما أفضل من لا شيء. في اعتقادي أن تلك المؤسسات تعمل ولو ببطء، ولعملها أثر وإن كان ضئيلاً. لكن المشكلة الرئيسية هي في أن أعمال تلك المؤسسة تنحصر فقط في جمع المعلومات وإجراء الإحصائيات ورفع القضايا إلى المحكمة، في بعض الأحيان، أو توفير الحصانة القانونية لهن. ولا نلوم تلك المؤسسات كثيراً لأن الوسائل المتاحة لديها لا تسمح لها ربما بخوض كل المجالات. كذلك فإن الأعراف والتقاليد السائدة في البلاد تحول دون ذلك، بالإضافة إلى الوضع الأمني. وبسبب ضعف سلطة الحكومة في بعض المناطق النائية، خسرت بعض المهتمات بوضع المرأة أرواحهن.

- كمحامية، هل ثمّة ثغرات في الدستور الباكستاني في ما يخص المرأة، كما يدّعي بعض الناس؟
ثمّة قوانين تحتاج إلى تغيير خصوصاً في القضايا الأساسية، كزواج القاصرات المتفشي في أرجاء البلاد وتعرّض المرأة لأنواع مختلفة من العنف الأسري. كذلك نحن بحاجة إلى سنّ قوانين جديدة. لكن هذا ليس مهماً، بل الأهم هو تنفيذ القوانين الموجودة. مشكلتنا الرئيسية هي في المؤسسات التي تنفذ تلك القوانين. فنحن نجد الرشوة مثلاً متفشية في أوساط الشرطة الباكستانية والمؤسسة القضائية، وبسببها لا يمكن القبض على المتورطين في الانتهاكات التي تستهدف المرأة أولاً، وإدانتهم ثانياً. تُضاف إلى ذلك الأعراف التي تحول دون تطبيق القوانين. في قضية زواج القاصرات مثلاً، لا يلقى القبض على الوالد أو ولي الأمر ومن غير الممكن إدانته، خصوصاً وأن الحكومة لا تهتم والأعراف تمنح الوالد الحصانة.

اقرأ أيضاً: باكستان تمنعُ تعدّد الزوجات

- أشرتِ إلى زواج القاصرات. ما هي أسبابه؟
أسبابه عديدة، أهمها الفقر والعوز. عدد كبير من الآباء يحاولون التخلص من أعباء بناتهم، فيزوجونهن في سن مبكرة. وفي بعض الأحيان، يضطر الوالد إلى تزويج ابنته الصغيرة في مقابل مبلغ من المال يحتاجه. والمؤسف أن الآباء يزوجون بناتهم من كبار السن للحصول على ذلك. كذلك، للأمية دور كبير في تفشي ظاهرة زواج القاصرات، فكثر هم الآباء الذين لا يهتمون بتعليم البنات أصلاً، لأنهم يركنون عادة إلى الأعراف القبلية التي لا تسمح بتعليم المرأة وتشجع زواج القاصرات.

- تتعرّض المرأة للاعتداء بالحمض الحارق، وثمّة أرقام مخيفة تشير إلى مئات النساء سنوياً...
التخلف أخلاقياً واجتماعياً هو السبب الرئيسي والأول وراء الاعتداءات بالحمض على النساء. والضحايا عادة هن المطلقات، إذ قد يستهدف الرجل طليقته دفاعاً عن شرفه، كما يدعي. لكن عن أي شرف يتحدّث بعد الطلاق؟ كذلك فإن رفض المرأة الزواج بشخص ما، يعرضها لذلك بهدف منعها من الزواج بآخر. والمؤلم هنا صمت السلطات في معظم الأحيان، والذي يؤدي إلى انتشار الظاهرة وامتدادها إلى المدن الرئيسية، ومنها العاصمة الباكستانية إسلام آباد.

- أشرت إلى دور الحكومة، ما هو دور المجتمع المدني حيال ظاهرة الاعتداء بالحمض؟
لبعض المؤسسات الحقوقية نشاط جيد في هذا الشأن، خصوصاً من خلال المراكز التي أنشأتها لعلاج وتجميل النساء اللواتي تعرضن لذلك. أما غير ذلك، فينحصر دور المؤسسات في جمع المعلومات والإحصائيات وإثارة القضية من حين إلى آخر. وكل تلك الجهود غير كافية للتصدّي لظاهرة شوهت وجوه شابات كثيرات في بلادنا ودمّرت حياتهن. وقد أساءت كذلك إلى سمعة الشعب الباكستاني عالمياً.

- نساء باكستان شغلن مناصب عليا. هل أدّين دورهن كما يجب في ما يخصّ وضع المرأة؟
كلا. لم تؤدّ هؤلاء النساء أدوارهن. في باكستان المرأة كانت رئيسة وزراء ورئيسة برلمان ووزيرة خارجية... لكن كل هؤلاء لم يحسّنّ وضع المرأة، أي أنهن لم يؤدين دورهن الحقيقي. صحيح أن ثمّة تغييرات جاءت على أيدي هؤلاء النساء، خصوصاً في مجال التعليم والصحة، إلا أنه كان من المفروض أن يعملن أكثر.

- كيف يمكن تحسين وضع المرأة؟
أولاً، نحن بأمس الحاجة إلى وعي المرأة الباكستانية، حتى تتمكن من رفع صوتها والدفاع عن حقها. لذا نحن بحاجة إلى إعطاء المرأة حق التعليم. فمن دون التعليم والدراسة، لا يمكنها ذلك. ونحن بحاجة أيضاً إلى تنفيذ القوانين الرائجة في البلاد، والحكومة قادرة على ذلك لأن السلطة بيدها. وعند تنفيذ القوانين بحق الجناة، لا بدّ من أن تخفّ الانتهاكات بحق النساء إلى حد كبير. إلى ذلك، نحن بحاجة إلى تغيير الأعراف والتقاليد المتبعة في بعض مناطق باكستان، والتي تتسبب في خلق مصائب كثيرة للمرأة. ويبقى أنني أدعو المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية إلى العمل على أساسيات حقوق المرأة من تعليم وصحة وغيرهما، وليس فقط على المهام الروتينية من جمع معلومات وإجراء إحصائيات وتنظيم احتجاجات أحياناً.

المحامية والحقوقية في سطور 

وجيهة برويز راجة، في السادسة والثلاثين من عمرها، وهي من منطقة كهوته في مدينة راولبندي القريبة من العاصمة إسلام آباد. تابعت دراستها الثانوية في مدرسة حكومية للبنات في منطقة أي ناين وسط العاصمة، لتحصل في ما بعد على إجازة من معهد القانون في راولبندي، قبل أن تنال شهادة الماجستير في القانون من جامعة البنجاب. وقد عملت في مؤسسات حقوقية كثيرة تُعنى بشؤون المرأة، في حين شغلت بصفتها محامية مناصب في نقابة المحامين. وهي اليوم تترافع في محكمة راولبندي.

اقرأ أيضاً: الحمض يشوّه نساء باكستان

المساهمون