المغرب: غياب سياسة دمج المهاجرين وحماية حقوقهم

المغرب: غياب سياسة دمج المهاجرين وحماية حقوقهم

18 ديسمبر 2015
ما زالت أزمات المهاجرين في المغرب قائمة (العربي الجديد)
+ الخط -


فيما يحتفل العالم، اليوم، بيوم المهاجرين، الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2000، يوما عالميا، تبدو وضعية المهاجرين في المغرب صعبة ومتوترة، خاصة مع التحولات العالمية والهجمات الإرهابية التي شهدتها سنة 2015.

ويجمع عدد من الخبراء والمهمتين بقضايا الهجرة أن المؤشرات الغالبة على سنة 2015 هي المعاناة واستفحال أزمة المهاجرين، الذين تعرّضوا للتشرّد وتعرضوا للإساءة في رحلاتهم، فراراً من الحروب والأزمات بحثا عن حياة.

ورغم أن هذه السنة تميّزت باعتماد خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي تعهّد فيها قادة العالم بحماية حقوق المهاجرين، إلا أن أوضاعهم التي رصدتها العديد من التقارير ولم تعد تخفى على أحد من خلال الأفواج المتدفقة منهم، ما زالت تطرح الكثير من التحديات التي تدفع للتساؤل عن مدى نجاعة سياسة إدماج هؤلاء المهاجرين، وتمتيعهم بحقوق الصحة والعمل والتعليم، وكذلك الحقوق السياسية.

يقدّر عدد المهاجرين النظاميين في المغرب بنحو 78 ألف مهاجر، يشكل الفرنسيون أكثر من ربعهم ويتمركزون أساسا بالدار البيضاء، بمعدل 21 ألفا، والرباط 10 آلاف، ومراكش 7 آلاف، في حين تبقى أعداد المهاجرين غير النظاميين غير قابلة للحصر بشكل دقيق.

وقدّرت وزارة الداخلية المغربية عدد المهاجرين غير النظاميين حاليا بحوالي 25 ألف مهاجر كحد أدنى، و40 ألفاً كحد أقصى، ويتشكلون في غالبيتهم من جنسيات أفريقية مع تزايد ملحوظ للجنسيات الأوروبية والآسيوية.

وحسب خبراء في قضايا الهجرة والإدماج، فإن المغرب أحرز تقدما في حل وتسوية ملفات المهاجرين، بحكم تجاوزه للمقاربة الأمنية في التعاطي مع قضايا الهجرة، لكن ما زالت هناك مشاكل في ما يتعلق بالترسانة القانونية، والتأخر في المصادقة على قانونين بشأن اللجوء وإقامة الأجانب في المغرب، على الرغم من مصادقتها مقابل ذلك على قانون محاربة الاتجار بالبشر وتقدمها في معالجة ملفات طالبي اللجوء بنسبة 92 في المائة، أي ما يعادل نحو 28 ألف أجنبي.


ويتزامن هذا التقدم النسبي في معالجة قضايا المهاجرين مع تنظيم الدورة الأولى لأسبوع المهاجرين بالمغرب، المقامة في الفترة من 14 إلى 19 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

اقرأ أيضاً: ألف مهاجر أفريقي خارج طنجة

بدوره، أوضح الوزير المكلّف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، أنيس بيرو، أن التظاهرة التي نظمتها الوزارة بمشاركة الهلال الأحمر المغربي على مدى ثمانية أيام، تسعى لإبراز سياسة التعاون والتضامن التي ينتهجها المغرب تجاه المهاجرين، وكذلك إبراز المنجزات التي تحققت خلال السنتين الأخيرتين، والتي عززت النموذج المغربي لتدابير الهجرة.

وقال إن 5 آلاف مهاجر ولاجئ في وضعية صعبة يستفيدون من هذا الأسبوع الذي يهدف إلى تقوية الآلية الدائمة للمساعدة الإنسانية، ويشمل 11 مدينة هي الدار البيضاء والرباط وطنجة وتطوان وفاس والناظور ومراكش وأكادير والعيون والداخلة ووجدة.

يأتي هذا في الوقت الذي يدق فيه عدد من جمعيات المجتمع المدني ناقوس الخطر حول وضعية المهاجرين جنوب الصحراء، آخرها دعوة مرصد الشمال لحقوق الإنسان إلى فتح تحقيق في وفاة مهاجرين بمدن الشمال.

ورغم تأكيد صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية خلال استطلاع أجرته مطلع السنة، نجاح المغرب في توفير الظروف السوسيو ـ اقتصادية الملائمة لاحتضان المهاجرين الأفارقة المتحدّرين من بلدان منطقة جنوب الصحراء، وخاصة الباحثين عن الاستقرار وشروط العيش الأفضل، فإن شهادات عدد من المهاجرين لا تزكي هذه النتائج.

وحذر "التجمع ضد العنصرية ومساندة المهاجرين" من سياسة المغرب الأمنية على أبواب مدينتي سبتة ومليلية (شمال المملكة)، مبرزا أن السلطات الأمنية تمارس العنف في تدخلاتها ضد المهاجرين في هذه المناطق.

وفي كلمة له خلال ندوة صحافية، أمس، بالرباط، كشف بلال الجوهري، عضو التجمع، أن لديه شهادات صادمة لمهاجرين يعيشون ظروفا صعبة ويمتهنون التسول من أجل العيش. وذكر أن الحملات الأمنية التي تستهدف المناطق المحيطة بالمدينتين ترافقها اعتقالات جماعية وتخريب للممتلكات.

من ناحيتها، فإن المنظمة الدولية للهجرة تشير إلى أن ما يقارب 5 آلاف مهاجر لقوا حتفهم هذا العام في عرض البحر أو في الصحارى النائية أو عن طريق السفر عبر الجبال، وهو رقم قياسي مقارنة مع السنوات الماضية.

وفي هذا السياق، عبّر جمال الدين ريان، رئيس حركة المغاربة الديمقراطيين القاطنين بالخارج، في تصريح لـ"العربي الجديد"، عن إدانته لما وصفه بـ"الإقصاء الممنهج" لكافة الكفاءات والفعاليات النشيطة من طرف وزارة الجالية وشؤون الهجرة، في الوقت الذي ما زال يعاني فيه المغاربة المقيمون في الخارج أمام مباني السفارات والقنصليات لإتمام معاملاتهم الإدارية.

واعتبر أن مجلس الجالية المغربية يمثّل مكسباً دستورياً جاء كثمار نضال المجتمع المدني لسنوات، لكن الحكومة ما زالت لم تباشر عملية وضع قانون للمجلس، كما ينص الفصل 174 المتعلق بمجالس الحكامة، مع العلم أن الرأي العام الوطني ينتظر تجديد أعضاء المجلس لإعطاء دينامية وضخ دماء جديدة بداخل المجلس.


اقرأ أيضاً: قاصرون مغاربة في إسبانيا