أعراس حلب تفقد تقاليدها

أعراس حلب تفقد تقاليدها

25 سبتمبر 2014
تخلت الأعراس عن تقاليدها بسبب الحرب (كرم المصري/باسيفيك برس)
+ الخط -
لم تمنع ظروف الحرب القاسية التي يعيشها أهالي مدينة حلب، الكثير من العائلات من إقامة حفلات الزفاف. أعراس يتشارك فيها الأقارب والأصدقاء مظاهر الفرح والاحتفال، لكنّها تفتقد نكهة التقاليد المعروفة في المدينة الواقعة، في شمال سورية.

في زفاف الابن الأكبر لعائلة أبو أحمد علواني، داخل إحدى الصالات الكبيرة للمدينة، كان المشهد مختلفاً عن العامين السابقين. يقول الوالد لـ"العربي الجديد" إنّ "معظم الناس عادوا مؤخراً لإقامة الحفلات، بعدما اقتصرت خلال العامين الماضيين على احتفال صغير صامت، يجمع عائلتي العروسين، ويُقام في منزل إحداهما". وأضاف أنّ الناس يعودون شيئاً فشيئاً إلى الفرح بعيداً عن المآسي.

اليوم، تبدأ حفلات الزفاف في حلب مع حلول الظهيرة، وتنتهي مع حلول المساء. ويقول مدير إحدى صالات الاحتفال عدنان غالب لـ"العربي الجديد" إنّ الهدف من ذلك "تمكّن جميع المدعوين من حضور الحفل، بسبب خطورة التنقل ليلاً في العديد من أحياء حلب". ويلفت غالب إلى أنّ هذا الموعد "مخالف لما اعتاد عليه أهالي حلب قبل ثلاث سنوات، عندما كانت الحفلة تبدأ بعد منتصف الليل، وتنتهي مع حلول الصباح".

كما يُلاحظ، غياب العريس عن معظم حفلات الزفاف التي تقام حالياً. ويعود السبب بحسب نغم أخت عريس آل علواني، إلى أنّه "لم يتمكن من الحضور بسبب إقامته خارج سورية".

وتضيف أنّ هذا حال معظم الشبان في سن الزواج، الذين أنهوا دراستهم الجامعية، ويعملون خارج البلاد. وتشير في هذه النقطة، إلى الخدمة العسكرية الإلزامية، التي يتهرب منها العرسان.

أما حفلة الزفاف، فتجري تلبية لرغبة العروس، ويحضرها أقارب وأصدقاء الطرفين. فيما ينتظر العريس عروسه، لتأتي إليه حيث يقيم.

وتعبّر العروس حلا عن استيائها من غياب زوجها في حفل زفافهما. كما تحزن لاضطرارها إلى الابتعاد عن أهلها، في الفترة المقبلة "كي أتمكن مع زوجي من بناء عائلة في ظروف طبيعية". ومع ذلك تبدي سعادتها بإقامة حفل الزفاف رغم الظروف الصعبة، "وهو ما لم يتح للكثير من صديقاتي"، تقول العروس.

لا يقتصر غياب العريس على حفل الزفاف، فمعظم خطوات الزواج باتت تتم عن بعد. سلمى كالكثير من الفتيات في حلب، وجدت في وسائل التواصل الاجتماعي، حلاً وحيداً للتعرف إلى خطيبها خالد، وتقديمه إلى عائلتها. وعن تجربتها بالارتباط عن بعد، تقول: "تقدمت أم خالد لخطبتي، وعرضت عليّ التعرّف إليه عبر الإنترنت. تمكنت مع عائلتي من التعرف به من خلال عدة مكالمات (سكايب)، وكانت كافية للاتفاق على كل شيء".

وعن التبدل في العادات، تقول الحاجّة أم رامي "التزمت العائلات الحلبية المعروفة، إلى ما قبل الأزمة، التقيّد بالأعراف والتقاليد الحلبية. وكان هؤلاء، يصطحبون معهم وجهاء الحي وكبار التجار لطلب يد العروس". وتضيف: "كانت التلبيسة تقام بحمّام السوق، وينظم حفل زفاف للنساء وآخر للرجال، إضافة الى احتفالات المباركة بعد الزواج".

وتعتبر أم رامي أن اتباع هذه الأعراف في الوقت الحاضر بات "شبه مستحيل".

ومع ذلك، فإنّ لتبدّل العادات، ناحية إيجابية، على صعيد التكلفة المادية. فأهل العروس يتغاضون اليوم عن الكثير من التجهيزات المطلوبة من العريس وأهله. ومن المعروف أنّ العريس، وفق التقاليد الحلبية، مسؤول عن معظم تكاليف الزواج، كتقديم المهر، والهدايا خلال الخطوبة، وشراء البيت والذهب، إضافة إلى تكاليف حفلة الزفاف وشهر العسل. لكنّ الظروف الصعبة اليوم تفرض نفسها. ويقول صادق، والد العروس سلمى: "تقدم خاطب ابنتي إليها بمحبس (خاتم خطوبة) ذهب لا أكثر. لكنّه ذو أخلاق حسنة، ويملك عملاً ليُعيل عائلته، وهذا كافٍ بالنسبة لي، لأبارك زواجه من ابنتي".

ولّى زمن العراضة
فرضت ظروف الحرب طابعاً جديداً للأعراس الحلبية، ودفعت إلى التخلي عن العديد من العادات والتقاليد المرتبطة بمراسم الزواج. ومن تلك التقاليد إقامة عراضة شعبية لزف العروسين، تتخللها مبارزة استعراضية بالسيوف. كما لا يغيب عن البال إطلاق الرصاص الابتهاجي، الذي غاب، وسط كثير من رصاص الحرب.