السوريّون عالقون على الحدود

السوريّون عالقون على الحدود

28 ديسمبر 2014
يوجد أربعة معابر رسمية بين لبنان وسورية(جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -
كثيرةٌ هي الحواجز والعقبات التي يجب على السوريين اجتيازها قبل الوصول إلى لبنان. إذ تمنع قوات الأمن اللبنانية النازحين من الدخول إلى أراضيها. حتى أن العابرين من غير النازحين يعانون الأمرّين لعبور الحدود. ويقول أبو مازن، وهو سائق، إن المسافر يجهد لإقناع قوات الأمن اللبنانية بعدم نيته اللجوء أو البقاء فترة طويلة في لبنان. يضيف أن "عدد العابرين قلّ كثيراً، ولم يعد يتجاوز العشرات"، لافتاً إلى أن "العديد من شركات النقل البرّي توقفت عن العمل في الآونة الأخيرة، ما أثر بشكل جدي على عملنا كسائقين".

يوضح أبو مازن أن "كثيرا من الذين يسافرون معه لا يقصدون اللجوء إلى لبنان. يرغب البعض فقط في التوجه إلى سفارات عدد من الدول في بيروت كونها مغلقة في دمشق"، مضيفاً "هناك أيضاً من يرغب في زيارة أقاربه أو أبنائه، أو قضاء إجازة لعدّة أيام بعيداً عن الحرب في سورية".

تمييز
هناك أربعة معابر رسمية بين لبنان وسورية، وهي العريضة والدبوسية وجوسيه وجديدة يابوس، تسيطر عليها جميعاً قوات النظام السوري، وتشكل المنفذ الوحيد للنظام مع دول الجوار. ويقول السائق قاسم إن "القيود التي تفرضها السلطات السورية واللبنانية تختلف من معبر إلى آخر"، موضحاً أن "معبر العريضة الساحلي بات مخصصاً لعبور الموالين للنظام، ويحظى هؤلاء بتسهيلات كبيرة من الطرفين"، علماً أنه المعبر الوحيد الذي يشهد رحلات نقل يومية للمسافرين من محافظتي طرطوس واللاذقية.

ويتابع: "تمنع مفرزة الأمن العسكري السوري المتواجدة هناك كل من يحمل هوية من حلب أو إدلب أو غيرها من اجتياز المعبر، ويتعرض حاملها للمساءلة والتحقيق من دون أي أمل في العبور".

في السياق، يشير الناشط عبد السلام القاضي إلى أن "معبر جديدة يابوس - المصنع بات بمثابة مصيدة لاعتقال الناشطين السلميين والكتاب والصحافيين المعارضين للنظام السوري، وقد شهد مئات حوادث الاعتقال، كان آخرها اعتقال المعارض لؤي حسين". فيما تؤكّد المتحدثة باسم الشبكة السورية لحقوق الإنسان لـ "العربي الجديد" أن "الشبكة وثقت اعتقال 356 شخصاً عند معبر جديدة يابوس منذ عام 2012، بينهم 52 امرأة وطفلان".

في المقابل، يوضح عبد الله، الذي يأتي إلى لبنان بين الحين والآخر، لـ "العربي الجديد"، أن "المسافرين عبر معبري الدبوسية وجوسيه يضطرون لاستئجار وسيلة نقل خاصة قد تصل كلفتها إلى 175 دولاراً، بالإضافة إلى دفع تكاليف العودة إن لم يسمح لهم بالعبور". يروي أن "عناصر قوات الأمن عند معبر الدبوسيّة صادرت كل ما أملكه من مال بذريعة منع تداول العملات". يسأل: "ما هي العملة النقدية التي يتوجب على السوريين استخدامها، في حال منعوا من حمل الدولارات"؟

عبور مشروط
يقول قاسم إن شروط قوات الأمن اللبناني للدخول إلى البلاد "مطاطيّة"، وتتعلّق "بمزاجية الضابط المسؤول". يضيف: "غالباً ما يتوجب على السوري حمل بطاقة سفر مدفوعة أو إقامة رسمية في لبنان أو عقد عمل. مع ذلك، العبور ليس مضموناً". بدورها، تروي هيا أنها قامت بحجز بطاقة عبر مطار بيروت، لكنها اضطرت للمبيت على الحدود بحجة عدم جواز دخولها قبل 7 ساعات من موعد الطائرة. تضيف: "طلبت قوات الأمن اللبناني تزويدهم بنسخة عن البطاقة وشهادتي الجامعية قبيل الدخول". تشكو "المعاملة غير اللائقة التي يتعرض لها طالبو العبور من قبل قوات الأمن اللبناني".

في المقابل، يبحث عدد من الذين لم ينجحوا بالعبور عن سبل أخرى. تقول سمر لـ "العربي الجديد" إنها "اضطرت أخيراً إلى دفع مبلغ 300 دولار لعائلة لبنانية لاستضافتها، ثم قامت العائلة بتأكيد الأمر لدى السلطات، وتم وضع اسم العائلة عند المعبر ليُسمح لها بالدخول".

من جهته، يذكر سامر عبيد أنه "اضطر أخيراً للسفر من مطار جبلة إلى لبنان، إلا أن شركة الخطوط الجوية السورية اشترطت عليه دفع كلفة السفر ذهاباً وإياباً، وتبلغ 300 دولار".

يضيف: "لم تكن الرحلة الجوية أقل عبئاً على المسافرين، بخاصة أنه ليس هناك مواعيد محددة للرحلات الجوية. كان علي انتظار ساعات طويلة". يتابع أن "مئات السوريين من الملاحقين أمنياً أو الهاربين من خدمة العلم، بالإضافة لمن مُنعوا من اجتياز المعابر الرسمية، يضطرون للمغامرة وقطع الحدود عبر المعابر غير الشرعية الممتدة على طول الحدود السورية اللبنانية (250 كلم)، على الرغم من خطورة الأمر".