مخاوف سورية من ارتفاع معدل جرائم القتل في مناطق قسد

21 مايو 2024
من مناطق سيطرة قسد شمال شرقي سورية، 26 مارس 2024 (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سورية تشهد ارتفاعاً في جرائم القتل، مع تسجيل 46 جريمة منذ بداية العام، وتعزى هذه الجرائم إلى غياب القانون والفوضى السائدة.
- الفقر، الضغوط المجتمعية، انتشار المخدرات، والفكر العشائري والقبلي من بين الأسباب الرئيسية لتزايد الجرائم، بالإضافة إلى الفساد وغياب القضاء والقوانين الرادعة.
- المجتمع المحلي يعاني من تراجع الشعور بالأمان والاستقرار، مع تزايد الخوف والانكفاء على الذات، وتسليط الضوء على جريمة قتل مروعة في الحسكة تعكس حدة الوضع الأمني.

يثير تزايد جرائم القتل في مناطق قسد (قوات سوريا الديمقراطية) شمال شرقي سورية مخاوف السكان، سواء أكانت تلك الجرائم بدافع السرقة أو ناجمة عن خلافات عشائرية. وقد أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تقرير أصدره في نهاية الأسبوع الماضي، بأنّ 46 جريمة قتل عمد سُجّلت في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية منذ مطلع العام الجاري، علماً أنّ تسع جرائم منها وثّقها المرصد منذ بداية شهر مايو/ أيار الجاري.

وتقول الحقوقية السورية منتهى عبده لـ"العربي الجديد"، إنّه منذ مطلع الشهر الجاري تتزايد جرائم القتل في مناطق "قسد" بسورية، وذلك بصورة ملحوظة. تضيف عبده أنّ "لا قانون ناظماً في المنطقة، ولا تستطيع الضابطة العدلية ولا القوى الأمنية إيجاد حلول لهذه الفوضى في المنطقة"، مشيرةً إلى أنّ جرائم القتل في مناطق "قسد" بمعظمها "حوادث فردية على خلفية قضايا مالية أو عائلية، وأحياناً بين الأخ وأخيه أو الزوج وزوجته أو أولاد العمّ".

وتتابع عبده أنّ "الفقر وضغوط المجتمع وانتشار المخدرات وكذلك السلاح في يد الناس عموماً" تؤدّي إلى تزايد الجرائم، إلى جانب "الفكر العشائري والقبلي". وتوضح الحقوقية السورية أنّ "أحداً لم يعد يستجيب لوجهاء العشائر. في السابق، كان ثمّة ضبط، أمّا اليوم فالجميع يتصرّف فردياً والجميع يريد أن يأخذ حقّه بيده"، مشدّدةً على أنّ "الفساد بدوره فاقم الأوضاع". وتكمل عبده أنّ "لا قضاء ولا قوانين رادعة في الوقت الراهن، بل وساطات تدخل في هذا الإطار"، لافتةً إلى أنّ "الجرائم العائلية بمعظمها يسيطر عليها القاضي حتى لا يتفاقم الأمر. وإعادة الأمور إلى العرف العشائري في المنطقة يفقد القانون سلطته إلى حدّ ما".

في الإطار نفسه، يقول المدرّس السوري المتقاعد محسن عبد الحميد، من سكان مدينة القامشلي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "معدّلات جرائم القتل في مناطق قسد غير مسبوقة" في الآونة الأخيرة. يضيف أنّ "الأمر لم يكن كذلك في السابق"، إذ لم تكن أخبار الجرائم تكثر كما هي الحال اليوم، مؤكداً "لم نكن نخاف من التنقّل ولا من ترك أبواب المنزل مفتوحة في النهار. لكنّ الأمر اختلف في الأعوام الثلاثة الأخيرة". وإذ يشير عبد الحميد إلى أنّ "جرائم القتل تزايدت ومعها جرائم السرقة"، يخبر عن "الترابط المجتمعي الذي كان بين السكان في السابق".

ويتابع عبد الحميد أنّ "بعد سيطرة قسد على المنطقة، حافظ المجتمع على السلم الأهلي إلى حدّ معيّن في البداية، ثمّ راح الاستقرار يتراجع"، شارحاً أنّ "المواطنين انكفأوا على أنفسهم وقد بُثّ الخوف في النفوس". وعلى سبيل المثال، يقول إنّ "أحداً من أصحاب الأعمال لا يستطيع اليوم التنقّل من دون خوف أو حمل مبلغ كبير من المال والتنقّل به أو الاحتفاظ حتى بجرّار زراعي في القرية، علماً أنّنا كنّا (في السابق) نحتفظ بالمحاصيل في بيادر الريف، أو نترك أغراضاً أمام المنازل من دون خوف". ويؤكد عبد الحميد أنّ "شعور الأمان اختفى. وكلّ مواطن يخاف من اعتداء عليه من دون أيّ محاسبة، فتُهدَر الحقوق من دون أيّ رادع".

تجدر الإشارة إلى أنّ جريمة وقعت في حيّ العزيزية بمدينة الحسكة، أوّل من أمس السبت، قُتل فيها شاب في الثلاثين من عمره بطلق ناري على يد شقيقه. وقد أخبر المواطن خالد السطام المقيم في المدينة "العربي الجديد" أنّ "خلافاً وقع بين الشقيقَين انتهى بمقتل أحدهما"، مشدّداً على أنّ "الجريمة في الحقيقة كانت مروّعة. الشقيقان متقاربان في السنّ، ومن المخيف أن يصل الخلاف بينهما إلى حدّ القتل".

المساهمون