حكومة بريطانيا تتراجع عن بعض الإجراءات المتصلة بالمناخ

20 سبتمبر 2023
أثارت تصريحات سوناك استياء جهات مختلفة (جاستن تاليس/ Getty)
+ الخط -

أعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، اليوم الأربعاء، تأجيل إجراءات رئيسية عديدة في إطار سياسة المناخ في المملكة المتحدة، وذلك في قرار عُدَّت دوافعه انتخابية وانتقدته الأوساط الاقتصادية وحتى أصوات من الحزب الحاكم.

وقال سوناك في مؤتمر صحافي، نُظّم على عجل بعد تسريب معلومات عن نواياه في وسائل الإعلام، "أنا واثق من أنّنا قادرون على اتّباع نهج أكثر واقعية وأكثر تناسباً لبلوغ الحياد الكربوني، الأمر الذي يخفّف العبء على العمّال".

والإعلان الأكثر إثارة للجدال يتعلق بتأجيل الحظر المفروض على بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل لمدّة خمس سنوات بعد المهلة المحدّدة بداية في عام 2030.

وبهذا الإجراء، فإنّ المملكة المتحدة تجعل "نهجها ينسجم" مع الجدول الزمني الذي وضعه الاتحاد الأوروبي أو بلدان أخرى، بحسب سوناك الذي أثار قراره احتجاجات في قطاع السيارات.

كذلك أعلن عن خطة التخلّص تدريجياً من أجهزة التدفئة العاملة بالغاز ابتداءً من عام 2035، والتخلي عن الإجراء المتعلق بكفاءة استخدام الطاقة في المساكن وفرض قيود شديدة على المالكين.

وهكذا يبدو أنّ طموحات المملكة المتحدة المناخية الهادفة إلى بلوغ الحياد الكربوني بحلول عام 2050 صارت ضحية أزمة القوة الشرائية التي تنهك البريطانيين وتداعياتها الانتخابية المحتملة على حزب المحافظين.

ويشحذ كلّ من حزب المحافظين الذي تراجعت شعبيته بشدّة في استطلاعات الرأي بعد 12 عاماً في السلطة وحزب العمّال أسلحتهما استعداداً للانتخابات التشريعية المرتقبة في عام 2024 المقبل، وقد دعا بعض المحافظين الحكومة منذ فترة طويلة إلى تقليص الاهتمام بالمسائل البيئية.

وفي نهاية يوليو/ تموز الماضي، أثار سوناك جدالاً عندما وعد بإصدار مئات تراخيص التنقيب عن النفط والغاز واستغلالهما في بحر الشمال.

ويأتي هذا التحوّل الجديد في الوقت الذي استنكرت فيه الهيئة المستقلة المسؤولة عن تقديم المشورة إلى داونينغ ستريت، بشأن سياساته المناخية في يونيو/ حزيران الماضي، "البطء المثير للقلق" في انتقال البلاد في مجال الطاقة، لا سيّما لجهة تحقيق الأهداف الملزمة قانوناً لعام 2030.

في إشارة سيّئة أخرى، باءت بالفشل الدعوة الأخيرة لتقديم عروض استحداث محطات لتوليد الطاقة عبر الرياح البحرية، إحدى ركائز استراتيجية الانتقال نحو طاقة تخلو من انبعاثات الكربون.

"الخطأ الأكبر"

وإذ أسعد هذا الإعلان جناح اليمين من المحافظين، إلا أنّ الانتقادات تضاعفت، حتى قبل خطاب رئيس الوزراء، بما في ذلك تلك الصادرة من معسكره.

وقال رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، الذي حدّد هدفاً بوقف استخدام السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل بحلول عام 2030، "لا يمكننا أن نضعف الآن أو نفقد بأيّ شكل من الأشكال طموحنا بالنسبة إلى هذا البلد".

بالنسبة إلى وزير الدولة السابق للطاقة المحافظ كريس سكيدمور، فإنّ هذا القرار هو "الخطأ الأكبر" في ولاية سوناك.

من جهته، حذّر الرئيس السابق للمؤتمر الـ26 للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغيّر المناخ (كوب 26) والنائب المحافظ ألوك شارما من أنّ "تراجع أيّ حزب عن هذه الأجندة لن يساعد انتخابياً".

أمّا النائب عن حزب العمّال المعارض المسؤول عن قضايا الطاقة إد ميليباند فسخر من "المهزلة التي تقوم بها حكومة محافظة لا تعرف حرفياً ما تفعله من يوم لآخر".

"ارتباك" و"غموض"

بدورها، أدلت الأوساط الاقتصادية بدلوها. وندّد اتحاد مصنعي وبائعي السيارات بـ"الارتباك" و"الغموض" الناجمَين عن هذا القرار، في حين أنّ الحكومة دعمت وساهمت مالياً لإنشاء مصانع بطاريات السيارات في البلاد وإنتاج السيارات الكهربائية التي تُعَدّ حاسمة في تحوّل الطاقة.

كذلك انتقدت منظمة "غرينبيس" الحكومة، وأفادت بأنّ "في ظلّ حكومة المحافظين، تحوّلت بريطانيا من كونها رائدة إلى كونها متخلّفة بشأن تغيّر المناخ". أضافت أنّ التحوّلات الجديدة التي أُعلن عنها، الليلة الماضية، لن تؤدّي إلا إلى تسريع تراجع تأثيرنا على الساحة الدولية".

ويبدو أنّ حكومة سوناك بدأت في التراجع عن سياسة المناخ في يوليو الماضي، بعد هزيمة حزب العمال المفاجئة أمام المحافظين في الانتخابات المحلية في غرب لندن.

وتعود هذه النتيجة إلى عدم ثقة الناخبين في توسيع نطاق الضريبة على المركبات الملوّثة لتشمل لندن الكبرى بأكملها، أو تسعة ملايين نسمة، الأمر الذي يقف وراءه رئيس بلدية العاصمة العمّالي صادق خان.

وكان استطلاع للرأي، أعدّته مؤسسة "يوغوف" في الربيع الماضي، قد بيّن أنّ 65 في المائة من البريطانيين يقولون إنّهم يشعرون بالقلق إزاء العواقب المترتّبة على تغيّر المناخ، لكنّهم بغالبيتهم يعارضون القسم الأكبر من التدابير التي تتطلب منهم جهداً شخصياً.

(فرانس برس)

المساهمون