حدائق القامشلي السورية غير آمنة للتنزه

حدائق القامشلي السورية غير آمنة للتنزه

03 مايو 2023
تخشى الفتيات من تحرش المراهقين بهن في الحديقة (العربي الجديد)
+ الخط -

يصف معلم الجغرافيا السوري، أحمد حمو، المدن بأنها مجموعة من الكتل الإسمنتية المتلاصقة التي تحجب الشمس، وتمنع تدفق الأوكسجين، كما أن شوارعها وطرقاتها المفروشة بالأسفلت تشعر سكانها بأنهم كرغيف خبز على صفيح فرن ساخن، في حين تغيب الحدائق العامة والمساحات الخضراء.
من مدينة القامشلي، يقول حمو لـ "العربي الجديد": "لم تراع بلديات النظام السوري في تخطيط المدن حاجة السكان إلى مساحات خضراء، وحاجتهم إلى الفراغات المفتوحة للحفاظ على نسب معقولة من الأوكسجين، أو زراعة الأشجار والعشب للحد من التلوث، ما يجعل بيئة المدن السورية جافة وقريبة من الصحراوية. في القامشلي التي تشهد توسعاً عمرانياً متواصلاً، لا اهتمام بإنشاء حدائق أو متنزهات، وتغيب الأحزمة الخضراء، والحدائق القليلة الموجودة تفتقر إلى الرعاية".
بدورها، تقول المهندسة الزراعية، ميادة محمد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحدائق في كل دول العالم هي رئة المدن، ومكان للتنزه، لكنها في القامشلي أصبحت مساحات سيئة بسبب انتشار التدخين والمخدرات والتحرش، ونرجو من الجهات المعنية المحافظة على هذه الحدائق، ومراقبتها حتى تتمكن العائلات من إيجاد مكان آمن للترفيه، خاصة في أيام العطلات".
في كلّ يوم جمعة، ترافق سيلفا كوريه أطفالها الثلاثة إلى الحديقة العامة في القامشلي، لمنحهم فسحة في الهواء الطلق، وتؤكد لـ"العربي الجديد": "أحرص على اصطحابهم إلى الحديقة العامة رغم بعدها عن منزلي للترفيه عنهم، واستنشاق بعض الهواء النظيف، لكنني أصاب بالتوتر إذا ما ابتعدوا عني قليلاً خشية أن يتشاجروا مع بعض المراهقين الذين يعبثون في الحديقة، أو يتعلموا منهم التدخين".

الصورة
يحرص الأهل على مرافقة أطفالهم إلى الحديقة لحمايتهم (العربي الجديد)
يحرص الأهل على مرافقة أطفالهم إلى الحديقة لحمايتهم (العربي الجديد)

وتشير صبا سيبان إلى حاجة أطفالها للخروج من المنزل، قائلة لـ "العربي الجديد": "يملّ الأطفال من البقاء في المنزل، ومن الدراسة، ويطالبون بالتنزه أسوة بأقرانهم، وحاولت أن أرافقهم إلى الحديقة في أيام العطلات الرسمية، لكن شجارات المراهقين وسلوكهم السيئ ينعكسان سلباً على أطفالي، ما جعلني غير متحمسة لاصطحابهم إلى الحديقة، وأصبحنا نكتفي بالجلوس أمام باب المنزل، وعندما تحين لنا الفرصة نخرج إلى الريف القريب من المدينة، لكن ذلك مكلف مادياً نظراً لارتفاع كلفة التنقل".
ويقول بدر محمد، وهو مالك صالة ألعاب داخل حديقة عامة بالقامشلي، لـ "العربي الجديد": "حدائقنا ستكون من أجمل ما يكون في حال الاهتمام بها من قبل البلدية، وعندها سترغب العائلات المجيء إليها للاستمتاع بوقتها، فهي المتنفس الوحيد للشعب. حالياً لا تستطيع العائلات جلب الأطفال إلى الحدائق بسبب تواجد المراهقين والشبان الذين يقومون بأمور مزعجة في ظل غياب الرقابة من قبل مؤسسات النظام، فبعضهم يحملون الأسلحة، أو يتلفظون بالألفاظ البذيئة، ونشاهد حالات تحرش لفظي وجسدي متكررة".

الصورة
الرقابة غائبة في حدائق القامشلي العامة (العربي الجديد)
الرقابة غائبة في حدائق القامشلي العامة (العربي الجديد)

يضيف محمد: "أكثر الحدائق العامة لا يوجد فيها إضاءة، باستثناء بعض الحدائق التي تمت إنارتها من قبل بعض الجمعيات والمنظمات، والنظافة معدومة، وغالبية المغاسل مغلقة. كمستثمر في الحديقة، أهتم بنظافتها قدر المستطاع، وهناك أيضاً مسؤولية مباشرة على السكان في الاهتمام بالحدائق وأماكن التنزه، وينبغي زيادة التوعية العامة من خلال القيام بحملات نظافة تطوعية، والحديث عن السلوك الإيجابي عند زيارة الحدائق".
من جهته، يؤكد مسؤول مكتب الصحة التابع لبلدية القامشلي، فارس عثمان، لـ"العربي الجديد"، وجود عقوبات للمخالفين الذين يقومون بالتدخين داخل الحدائق، وأن القانون ينص على منع تقديم النارجيلة أو مشروبات الطاقة أو الكحوليات للأشخاص دون 18 سنة، وتطبق العقوبة في المرة الأولى، وفي حال تكررت المخالفة يغلق لمدة تتراوح بين 7 إلى 10 أيام، وتتضاعف العقوبة بعد ذلك.

ويشرح عثمان آلية عمل مكتب الصحة، قائلاً: "عملنا بشكل عام هو التحقق من نظافة المكان، وسلامة العاملين من أي مرض عبر امتلاك بطاقة الصحة. الجولات تتم بشكل مستمر في المتنزهات والمطاعم التي تفتح أبوابها في فصل الصيف للتأكد من شروط النظافة، ومن جودة اللحوم والأطعمة والأراجيل. البلدية تقوم بإعطاء حق استثمار المتنزهات والحدائق عن طريق مكتب الحدائق والتشجير، وعبر إجراءات قانونية سنوية، أما المشاكل الأخلاقية فالمسؤول عنها صاحب المتنزه، وفي حال حدوث مشكلة داخل الحدائق العامة، كالمشاجرات، أو مخالفة الآداب العامة، عندها يتم طلب تدخل قوى الأمن الداخلي".

المساهمون