تكايا خيرية في شوارع غزة لإطعام آلاف الجائعين

تكايا خيرية في شوارع غزة لإطعام آلاف الجائعين

07 يناير 2024
تكية لتوزيع الطعام بالمجان في رفح (ساهر الغرا/ فرانس برس)
+ الخط -

يتشارك الفلسطينيان محمد الفقعاوي وأنس الغندور نقل قدر كبيرة من العدس المطبوخ لتوزيع ما تحتويه من طعام على عشرات الأُسر النازحة في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة في محاولة لتخفيف معاناتهم المتفاقمة من جراء استمرار العدوان الإسرائيلي الذي ألقى بظلاله على كل نواحي الحياة.

ويُقدم القائمون على تكايا الطعام الخيرية في غزة خدماتهم إلى آلاف النازحين في المناطق التي يدّعي جيش الاحتلال الإسرائيلي أنها آمنة، وعادة ما تتبع التكايا لجمعيات أو مؤسسات خيرية، لكن هناك تكايا أخرى عفوية جرى تكوينها بشكل فردي أو جماعي بهدف مساعدة الناس على التخفيف من وطأة الأزمة.

يقول محمد الفقعاوي لـ"العربي الجديد": "قمت برفقة عدد من الأصدقاء بالاتفاق على تكوين تكية خيرية، وقمنا بتجميع الأدوات اللازمة لصنع الطعام للأسر النازحة، والاتفاق على آلية لتوزيعه بالمجان في ظل الأزمات المركبة التي يعانون منها، بداية من غلاء المواد الغذائية، وشُح غاز الطهي، وعدم تمكنهم من اصطحاب أسطوانات الغاز معهم، علاوة على غلاء الحطب والأخشاب بمختلف أنواعها. مبادرتنا تعتمد بالأساس على الجهود الفردية، إذ يتم جمع التكاليف من الأصدقاء وفق القُدرة، وعلى الرغم من عدم انتظام إعدادنا للطعام بفعل تذبذب المساهمات، إلا أننا نسعى جاهدين إلى تقديم الطعام بشكل يومي".
ويوضح صديقه أنس الغندور أن "تنفيذ المبادرة يجرى في ظروف استثنائية، إذ يعاني آلاف المواطنين بفعل العدوان الإسرائيلي الذي أدى إلى تضرر عشرات آلاف الفلسطينيين، إلى جانب تأثيراته السلبية على أساسيات الحياة اليومية للمواطنين. من هنا تظهر أهمية تكافل الجميع للصمود في مواجهة العدوان الذي استهدف البشر والحجر، ولم يُفرق بين منشأة مدنية أو رسمية. كان الاحتلال يحاول تفريقنا طوال السنوات الماضية، لذلك قررنا دعم رسالة التعاضد والتكاتف والتوحد في وجه العدوان، لنُثبت أننا شعب محب للحياة، حتى في أحلك الظروف".
في ساعات الصباح الأولى، يبدأ الفريق التطوعي تجهيز أدوات الطبخ، وإشعال النار باستخدام الحطب بفعل الأزمة الحادة في غاز الطهي، ويُطبخ العديد من المأكولات الشعبية، كالعدس والفول، أو المعكرونة، أو البازيلاء والفاصوليا مع الأرز.
وتجتمع الأزمات على الفلسطينيين في مختلف مراكز النزوح التي لجأوا إليها بعد فقدان بيوتهم نتيجة القصف الإسرائيلي، أو بسبب التهديدات المتواصلة بالمغادرة نحو مناطق محددة، وهم يعيشون ظروفاً مأساوية بفعل انعدام كافة مقومات الحياة، وفي مُقدمتها مياه الشرب والمواد الغذائية.

الصورة
طفل فلسطيني سعيد بالحصول على بعض الطعام (أحمد حسب الله/Getty)
طفل فلسطيني سعيد بالحصول على بعض الطعام (أحمد حسب الله/ Getty)

ويدفع ذلك الواقع الصعب آلاف النازحين إلى الاستفادة من المساعدات الشحيحة، أو تكايا الطعام المجاني. في منطقة تل السُلطان الواقعة في شمال غرب مدينة رفح، يتشارك الأهالي تجهيز تكية طعام تعد الوجبات التقليدية للنازحين، سواء داخل المدارس أو مراكز اللجوء، أو المقيمين في الخيام القماشية والبلاستيكية التي أُنشئت على جنبات الطرق وفي الساحات العامة.
يقول صهيب سليم، وهو أحد القائمين على التكية الخيرية، لـ"العربي الجديد"، إن "الأهالي يحاولون قدر المستطاع التخفيف من المعاناة الكبيرة التي يمر بها جميع أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وعلى وجه التحديد النازحين، والذين بات عددهم يزيد عن 1.8 مليون نسمة". وبينما يقر بعدم قدرة التكايا الموجودة على كفاية جميع النازحين بسبب أعدادهم المتزايدة بفعل حالة النزوح التي لا تتوقف من جراء تواصل العدوان، وهدم البيوت، والترحيل القسري، إلا أنه يؤكد في الوقت ذاته أنها "تعتبر لمسة حانية تخفف من حدة الأزمة".

ويشدد سليم على ضرورة زيادة أعداد التكايا في مختلف محافظات قطاع غزة، وتحديداً في محافظتي غزة والشمال، داعياً المؤسسات الخيرية المعنية بالمجتمع إلى مساندة الفلسطينيين في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها، خاصة مع فقدان الآلاف منهم مصادر الدخل، واعتماد ما يزيد عن 80 في المائة منهم على المساعدات المالية والإغاثية الخارجية.
وتسبب العدوان الإسرائيلي الذي يدخل شهره الرابع في حالة كبيرة من التكدس داخل مناطق ومراكز النزوح، خصوصاً في جنوب القطاع، في ظل معاناة شديدة لتوفير الطعام ومستلزماته بفعل الإغلاق الإسرائيلي للمعابر، وقلة وصول المساعدات الإنسانية، خصوصاً المواد الغذائية والمستلزمات الطبية.

المساهمون