الأسير الفلسطيني عاصف الرفاعي.. قصة صمود ونضال ضد السجان والسرطان

الأسير الفلسطيني عاصف الرفاعي.. قصة صمود ونضال ضد السجان والسرطان

20 سبتمبر 2023
الأسير الفلسطيني عاصف عبد المعطي الرفاعي مصاب بالسرطان (العربي الجديد)
+ الخط -

تزايدت مخاوف عائلة الأسير الفلسطيني عاصف عبد المعطي الرفاعي (21 عاماً)، من قرية كفر عين شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية، المصاب بمرض السرطان، من فقدانه في أي لحظة، وذلك في ضوء تفاقم حالته الصحية بعد اكتشاف تطورات جديدة للورم داخل جسده. القلق يتصاعد أكثر بسبب الإهمال الطبي الذي يعانيه عاصف منذ اعتقاله في سجون الاحتلال الإسرائيلي قبل عام تقريباً.

عاصف الرفاعي يحتاج إلى دعم شعبي ورسمي عاجل لإنقاذ حياته، وفقاً لتصريح والده عبد المعطي، في مقابلة مع "العربي الجديد". جاء هذا التصريح خلال فعالية إسنادية نظمت يوم الثلاثاء في غالبية محافظات الضفة الغربية، تضامناً معه ومع الأسرى المرضى.

والجدير بالذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل في سجونها أكثر من 700 أسير مريض، منهم حوالي 200 أسير يعانون من أمراض مزمنة، بما في ذلك 24 أسيراً يكافحون مع مرض السرطان والأورام بدرجات متفاوتة، ومن بين هؤلاء، يُعتبر وضع الأسير عاصف الرفاعي من بين الأصعب والأشد.

تدهور إضافي

يوم الأربعاء الماضي، نقل الأسير عاصف من مستشفى سجن الرملة إلى مستشفى "أساف هروفيه" الإسرائيلي نتيجة تدهور حالته الصحية، وأجريت عملية جراحية له بعد اكتشاف ورم جديد في مجرى البول، الذي ألحق ضرراً كبيرًا بوظائف كليته اليسرى، واستدعى إدراج أنبوب لإخراج البول، بحسب ما أفاد به والده عبد المعطي.

وأوضح أيضاً أنه "بالإضافة إلى الورم الجديد في المسالك البولية، يعاني عاصف من انتشار السرطان في مناطق مختلفة من جسده، بما في ذلك الكبد وجدار البطن والقولون والغدد والأمعاء".

وبحسب الوالد، فإن آخر جلسة علاج بالإشعاع الكيميائي أجراها عاصف كانت قبل شهرين من اعتقاله، وكان من المفترض أن يكمل أربع جلسات إضافية، ولكن توقف العلاج لمدة ستة أشهر، ولم يتم إعطاؤه العلاج إلا مرة واحدة في شهر مارس/ آذار الماضي. وكشف أن عاصف يعيش في ظروف إهمال طبي بمستشفى سجن الرملة.

تحذير من استشهاده

ما يحدث مع عاصف يزيد من خطورة حالته الصحية، وعدم نقله إلى مستشفى مدني بشكل دائم يثير قلقاً عميقاً لدى عائلته. ووفقاً لوالده، "نعيش حالياً في توتر متواصل وقلق مستمر بشأن وضعه. كنا نخشى عليه عندما كان بيننا، والآن وهو بعيد عنا، نشعر بقلق مضاعف نتيجةً للإهمال الطبي الجسيم الذي يعانيه".

ووفقًا لوالده فقد "تعرض ابني عاصف لسياسة الإهمال الطبي منذ اعتقاله قبل نحو عام، وتم اعتقاله دون مراعاة حاجته الضرورية لاستكمال العلاج. ولم يتم تقديم أي علاج له خلال الأشهر الأولى من اعتقاله، مما أدى إلى تفاقم وضعه الصحي وانتشار المرض في جسده".

ما يقلق عائلة عاصف أكثر من اعتقاله الحالي هو الإصابة بسرطان القولون بعد الإفراج عنه من السجون بعد اعتقاله الثالث، وبحسب والده فقد "كانت إصابته بهذا المرض في سن مبكرة جداً، ومع تدهور حالته الصحية وانتشار المرض في جسده، نحن في حالة صدمة وقلق دائم".

يقول والده: "لا يوجد لدينا دليل حول إن كانت إصابة عاصف بالسرطان مما ورثه من إهمال في سجون الاحتلال، لكننا مصدومون من إصابته بسرطان القولون، حتى الأطباء مصدومون كون هذا النوع من السرطان يصيب الإنسان في الخمسينيات من عمره، لا يهمني اعتقال ابني عاصف حتى لو كان يواجه حكمًا عاليًا بتهمة مقاومة الاحتلال، ما يقلقني هو إصابته بالسرطان، وبدء انتشاره في عدة أماكن من جسده، خلال أشهر، وبشكل متسارع".

أهمية إسناده والأسرى المرضى

يتحدث والد عاصف الرفاعي بكل وضوح، عن ضرورة مساندة ابنه والعمل على الإفراج عنه، ويقول: "لقد بات مطلوباً تفعيل ضغط وحراك شعبي ورسمي فلسطيني من أجل إنقاذ حياة ابني، والإفراج الفوري عنه، نحن قلقون عليه، وأخشى أن أفقد ابني في أية لحظة، في ظل الإهمال الطبي الممارس بحقه".

من جهته، يؤكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية قدورة فارس، في كلمة له، خلال وقفة مساندة لعاصف والأسرى المرضى أمام مقر الصليب الأحمر الدولي بمدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله، "أن من أصعب تعبيرات العدوان على الأسرى ما يتعرضون له من جريمة إهمال طبي، خاصة ما يتعرض له الأسيران عاصف الرفاعي ووليد دقة".

ويشير فارس إلى أن "من أبرز ما يعانيه عاصف الرفاعي هو عدم نقله إلى مستشفى مدني ليقيم فيه للعلاج بشكل دائم، ولم ينقل إلا لوقت قصير فقط، ويعتقل في ما يسمى عيادة سجن الرملة، التي تفتقر لأن تكون عيادة". وإذ يؤكد ضرورة مساندة الأسرى ومواجهة ما يتعرضون له من جرائم، يشير إلى "وجود نقاش في فلسطين لرفع وتيرة المشاركة لإسناد الأسرى في نضالهم".

في 24 سبتمبر/ أيلول 2022، بمناسبة الذكرى العشرين لميلاده، اعتقل الشاب عاصف الرفاعي على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي. يُذكر أن عاصف وُلد في نفس اليوم من عام 2002، وهذا يعني أنه وُلد قبل اعتقال والده بحوالي ستة أشهر. تلك الفترة القصيرة من الحياة شكلت بداية رحلة عاصف في عالم المعاناة. وبالنسبة لعاصف، بدأت التحديات منذ نعومة أظفاره، وعندما بلغ سن الخامسة عشرة، تعرض لإصابة بالرصاص في أطرافه السفلية خلال مواجهات مع قوات الاحتلال.

بعد ذلك، اعتقل الشاب عاصف عندما كان عمره 16 عاماً، ولكن هذا لم يكن نهاية المعاناة بالنسبة له. لقد تعرض لإصابة أخرى في أطرافه السفلية خلال مواجهات جديدة، مما أدى إلى اعتقاله مرة أخرى لعدة أيام. ولكن هذه التكرارات ليست سوى بداية لمعاناته، حيث أمضى عاصف عشرة أشهر في اعتقال ثالث. وفي هذا الاعتقال الثالث، تمت مواجهته باتهامات بمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يؤكده والده.

على مر الأعوام، حرم الاحتلال عاصف من حقه في العيش في بيته مع عائلته التي تضم والديه وسبعة أفراد آخرين (ثلاثة أولاد وأربع بنات). كما حرمه الاحتلال من حقه في التعليم وبناء مستقبله بسبب اعتقالاته المتكررة والتي ألحقت به أذى كبيراً.

المساهمون