الاتفاقيّة الأمنيّة بين كابول وواشنطن: مخاوف كرزاي تتحقق

الاتفاقيّة الأمنيّة بين كابول وواشنطن: مخاوف كرزاي تتحقق

19 أكتوبر 2014
رفض كرزاي بنوداً في الاتفاقية التي وقعها خلفه (الأناضول)
+ الخط -
وقّعت أفغانستان الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة نهاية الشهر الماضي، التي تسمح لواشنطن بإبقاء بعض قواتها في أفغانستان بعد الانسحاب الدولي منها نهاية العام الجاري، بهدف تعزيز وتطوير قدرات الجيش والشرطة الأفغانية ومواجهة الجماعات المسلّحة، في مقدمتها حركة "طالبان أفغانستان" وتنظيم "القاعدة".

كما تتطرّق الاتفاقية إلى أحد أهم البنود، تحديداً تلك المتعلقة بالدفاع المشترك إذا تعرّض أحد الطرفين (أفغانستان أو الولايات المتحدة) لأيّ اعتداءٍ، والعمل معاً لمواجهة كافة التحديات الأمنية التي يتعرض لها طرفا الاتفاقية. وبناءً على هذا يتوجب على الولايات المتحدة التعاون مع أفغانستان، لوقف الهجمات الصاروخية للجيش الباكستاني التي تتعرض لها المناطق الحدودية الأفغانية منذ فترة طويلة، والتي ازدادات حدّتها بعد توقيع الاتفاقية، كما تدعي السلطات الأمنية الأفغانية.

وأثار استمرار الهجمات الصاروخية وصمت الولايات المتحدة عليها، حفيظة مجلس الشيوخ الأفغاني، الذي أعرب عن استيائه البالغ إزاء عدم التعاون الأميركي مع أفغانستان في جلسته الأخيرة يوم الأحد الماضي. وطالب أعضاء المجلس الولايات المتحدة باتخاذ موقف واضح وصريح تجاه الهجمات التي تتعرض لها المناطق الحدودية الأفغانية. وأوضحوا أنه بموجب الاتفاقية الأمنية لا بد للولايات المتحدة من التعاون مع أفغانستان لحل المعضلة التي قد تدخل الجارتين، أفغانستان وباكستان، في أزمة حدودية جديدة لا تحمد عقباها.

وفي هذا الشأن، يقول عضو مجلس الشيوخ، رفيع الله حيدري، وهو ينتمي عرقياً إلى إقليم كنر الحدودي بين باكستان وأفغانستان، إنه "كنا نأمل توقف هذه الهجمات بعد توقيع الاتفاقية الأمنية مع واشنطن، لكن الغريب هو التزايد في وتيرتها بعد توقيع الاتفاقية، حيث سقط أكثر من 100 صاروخ خلال الثلاثة أيام الماضية على مختلف مناطق إقليم كنر". ويوضح أن الهجمات الصاروخية أجبرت مئات من سكان إقليم كنر على النزوح إلى إقليم ننجرهار المجاور.

ويطرح حيدري، تساؤلات حول تعاون واشنطن مع أفغانستان بهذا الصدد، والعمل على بنود الاتفاقية الأمنية.

وليس هذا فحسب، بل هدّد بعض أعضاء المجلس بإلغاء الاتفاقية إذا رفضت الولايات المتحدة التعاون مع أفغانستان. ويشير عضو المجلس أمان الله عظيمي، إلى أن "وتيرة التوتر الأمني في أفغانستان وبالتحديد في المناطق الحدودية قد ارتفعت بعد توقيع الاتفاقية مع واشنطن، وأن الهجمات الصاروخية للجيش الباكستاني على أفغانستان قد تزايدت، إذن ما فائدة الاتفاقية؟"

ويضيف عظيمي، أن "أفغانستان لا تحتاج إلى أي اتفاقية مع واشنطن إذا كانت الأمور تسير على هذا النهج، بل وندعو إلى إلغائها".

وبهدف مناقشة الملف، عيّن مجلس الشيوخ وفداً من أعضائه ليلتقي بالرئيس الأفغاني أشرف غني أحمد زاي، وهو ما أشار إليه نائب رئيس المجلس رفيع الله جل، قائلاً إن "الوفد سيلتقي قريباً بالرئيس ويطلب منه إعلان سياسية واضحة إزاء هجمات باكستان من جهة، وموقف الولايات المتحدة منها من جهة أخرى".

أما الرئيس الأفغاني فقد أكد أن حكومته ترغب في توطيد علاقاتها مع الجيران ولكن من دون أيّ مساومة على أمن بلادها. كما أوضح، يوم الأحد الماضي، خلال اجتماع له مع اثنين من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، تيم كين وإنكس كينك، أثناء زيارتهما لكابول، أن حكومته تعمل على خطة استراتيجية متكاملة لإدارة الأوضاع الأمنية في البلاد، وأنها بأمس الحاجة إلى التعاون الأميركي في هذا المجال.

وعلى الرغم من نفي باكستان الإدعاء الأفغاني بهذا الشأن، إلا أن السلطات الأفغانية والمصادر القبلية، تؤكد أن الهجمات الصاروخية على الأراضي الحدودية الأفغانية لا تزال متواصلة.

ومما لا شك فيه أن أيّ تصعيد على الحدود بين الدولتين قد يدخل المنطقة برمتها في دوامة حرب جديدة. ويستبعد المحللون أن تلعب الولايات المتحدة أيّ دور بهذا الصدد، لا سيّما وأن مادة "الدفاع المشترك" في الاتفاقية الأمنية بين كابول وواشنطن، والتي يطلب بموجبها الأفغان التعاون الأميركي، ليس لها تعريف محدد، وبالتالي لن تجني أفغانستان منها أيّ فائدة. وكان الرئيس الأفغاني السابق حميد كرزاي، قد طلب وضع تعريف معيّن لهذه المادة.

وليس ملف هجمات الجيش الباكستاني على الأراضي الحدودية الأفغانية، والصمت الأميركي عليها، هو الأمر الوحيد الذي يهدد الاتفاقية الأمنية بين واشنطن وكابول، بل استمرار قتل المواطنين الأفغان في هجمات القوات الأميركية والدولية كذلك يعد أحد أبرز التهديدات الموجهة إلى اتفاقية كابول مع واشنطن. إذ تعهدت الولايات المتحدة بتجنب قتل المدنيين وذلك من خلال تنسيق مسبق مع السلطات الأفغانية قبل تنفيذ الهجمات.

ولكن ما يحدث الآن هو عكس ذلك، إذ يستمر قتل  المواطنين الأفغان على يد القوات الأميركية والدولية. وكانت غارات جوية للطائرات الأطلسية قد قتلت الإثنين الماضي، سبعة مدنيين في إقليم كرديز جنوب البلاد، وأربعة آخرين في إقليم لغمان في الشرق. وقد نظّم سكان مدينة كرديز تظاهرة منندة بقتل المدنيين جراء عمليات القوات الأميركية والدولية.

وشهدت العاصمة الأفغانية، يوم الأحد الماضي، تظاهرة ضد القوات الأميركية والاتفاقية الأمنية، واتهم المتظاهرون الولايات المتحدة وحلفاءها بدعم الإرهاب والتطرف.

وكان وقف الهجمات الأميركية التي تؤدي إلى قتل المدنيين من أهم مطالب كرزاي، لتوقيع الاتفاقية الأمنية.

المساهمون