مورك: الحصن الأخير للمعارضة السورية في ريف حماة الشمالي

مورك: الحصن الأخير للمعارضة السورية في ريف حماة الشمالي

17 أكتوبر 2014
المعارضة تستميت للمحافظة على مواقعها (علي ناصر/فرانس برس)
+ الخط -

شهدت بلدة مورك في ريف حماة الشمالي اشتباكات عنيفة بين فصائل المعارضة السورية وقوات النظام، إذ تمكن النظام صباح أمس الخميس، من السيطرة على مواقع استراتيجية في البلدة، ما لبثت كتائب المعارضة بعد ساعات قليلة أن استعادت السيطرة عليها. ومن بين تلك المواقع كتيبة الدبابات الواقعة شمال شرق البلدة. وقال مركز حماة الإعلامي إن فصائل المعارضة تمكنت أيضاً من السيطرة على حاجز كسّارة الفستق القريب من كتيبة الدبابات شمال شرقي البلدة، والذي كانت قوات النظام تسيطر عليه. كما تحدث المركز عن سيطرة الثوار على النقطة السادسة في مورك، وسط سقوط عدد كبير من عناصر قوات النظام بين قتيل وجريح.

لا تزال بلدة مورك من أهم وأسخن الجبهات المشتعلة في الريف الحموي الشمالي وريف إدلب الجنوبي على حد سواء. وتعتبر البلدة، بموقعها الاستراتيجي، ذات أهمية كبيرة لكل من المعارضة والنظام. تقع بلدة مورك على الأوتوستراد الدولي الرابط بين مدينتي دمشق وحلب مروراً بمحافظتي حماة وإدلب. يشقّ الطريق الدولي البلدة إلى قسمين؛ شرقي بيد قوات النظام وغربي لا يزال تحت سيطرة كتائب المعارضة المسلحة التي تستميت للمحافظة على مواقعها في مورك، كون سيطرة النظام عليها يعني فتح طرق الإمداد لقواته المحاصرة في معسكري وادي الضيف والحامدية بريف إدلب.

ولا تعدّ سيطرة كتائب المعارضة على بلدة مورك الأولى من نوعها، إذ تمكنت من إخراج قوات النظام منها في فبراير/شباط العام الماضي، لكن سرعان ما استطاع النظام استعادة السيطرة عليها، بعد أن قصفها بشتى أنواع الأسلحة الثقيلة إضافة إلى استخدامه قنابل الفوسفور الأبيض، ما أجبر المعارضة حينها على الانسحاب من البلدة.

لكن بعد أن تمكنت فصائل وكتائب عسكرية معارضة عدة، في هجوم مباغت على قوات النظام المنتشرة في البلدة ومحيطها، من السيطرة على بلدة مورك في الأول من شهر فبراير/شباط الماضي، لا تزال قوات النظام المدعومة بمليشيات عراقية ولبنانية تحاول بشكل يومي التقدم باتجاه البلدة، على الرغم من الخسائر الكبيرة التي مُنيت بها تلك القوات وتدمير عشرات الأرتال العسكرية الكبيرة التي تم إرسالها في محاولات يائسة لاستعادة السيطرة على البلدة.

ويعود سبب صمود فصائل المعارضة المسلحة في بلدة مورك، في الدرجة الأولى، إلى التنسيق والتنظيم العالي الذي يتمتع به مقاتلو المعارضة في البلدة. ويشير أحد القادة العسكريين في جبهة مورك، إلى أنه منذ السيطرة على البلدة، قامت فصائل المعارضة بمختلف انتماءاتها وتوجهاتها بتشكيل غرفة عمليات موحدة، بهدف إدارة المعركة مع قوات النظام بشكل منظم، والمساعدة في توزيع المهام والمسؤولية على كل فصيل من الفصائل المنضوية تحت الغرفة.

ويؤكد القائد العسكري، الذي رفض الكشف عن اسمه لـ "العربي الجديد"، أن تماسك الفصائل وانضباطها كان العامل الحاسم في عدم قدرة النظام على السيطرة على مورك، على الرغم من جميع محاولاته المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر لاقتحامها. ويوضح أن القرارات الصارمة التي كانت تُتخذ بحق أي فصيل أو مقاتل منضوٍ تحت جناح غرفة العمليات، كانت تؤدي دوراً كبيراً في إعطاء مصداقية كبيرة للغرفة ولفصائلها، ولا سيما بعد إخراج كل فصيل أو مقاتل يُخالف الأوامر الصادرة عن الغرفة.

أما عن حجم الخسائر العسكري الفادحة التي تكبدتها قوات النظام في الأشهر الثمانية الماضية، فيشير مركز حماة الإعلامي إلى أنه تم تدمير نحو سبعين دبابة وعشرات العربات المدرعة لقوات النظام، إضافة إلى مقتل نحو 900 عنصر من عناصر النظام والمليشيات المتحالفة معه.

كما وجّه مقاتلو المعارضة في بلدة مورك ضربة موجعة إلى قوات النظام وللحرس الثوري الإيراني، بعد أن تمكنوا من قتل ضابط متقاعد من الحرس الثوري كان يقود إحدى الحملات العسكرية على البلدة. ففي شهر مايو/أيار الماضي بثّ ناشطون صوراً قالوا إنها تعود لمقاتل إيراني استطاعت المعارضة قتله وسحب جثته. وقد ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية حينها خبر مقتل الجنرال عبد الله إسكندري، أحد قادة الحرس الثوري الإيراني، من دون أن تحدد في أي مكان قتل في سورية، في حين قال موقع "رجا نيوز" الإيراني إن إسكندري كان قائداً سابقاً للقوات البرية في الحرس الثوري. وأكد موقع وكالة "ابنا" للأنباء أن هذا القائد العسكري كان يترأس "مؤسسة الشهيد" في إقليم فارس حتى 2013.

وفي ضوء تقدم قوات النظام في ريف حماة الشمالي بعد حشد أرتال عسكرية كبيرة أسفرت عن إبعاد المعارضين عن محيط محافظة حماة، وذلك غداة وصولهم إلى مشارف مطارها العسكري وسيطرتهم على مدينة خطاب ورحبتها العسكرية، لا تزال المعارك مستمرة بين كر وفر بين قوات النظام وميليشياته من جهة وبين فصائل المعارضة المسلحة في بلدة مورك من جهة ثانية. وتحولت بيوت البلدة وأحياؤها السكنية إلى كوم من الركام والحجارة، بفعل القصف المتواصل من قبل قوات النظام بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، وفي مقدمتها البراميل المتفجرة.

دلالات

المساهمون