نتنياهو يسعى إلى التحالف مع بينيت لضمان مستقبله السياسي

نتنياهو يسعى إلى التحالف مع بينيت لضمان مستقبله السياسي

20 سبتمبر 2014
عوائق كثيرة تقف أمام نتنياهو (ساشا موردوفيتس/Getty)
+ الخط -

على الرغم من أن انسحاب وزير الداخلية الليكودي، جدعون ساعر، من الحياة السياسية قد ضمن أن يكون بنيامين نتنياهو مرشح حزب "الليكود" المقبل لرئاسة الوزراء، على اعتبار أن ساعر كان يرى نفسه نداً قوياً لزعيم الحزب، إلا أن عوائق كبيرة لا تزال تحول من دون بقاء نتنياهو في رئاسة الحكومة بعد الانتخابات المقبلة.

فرئيس الوزراء في إسرائيل لا يُنتخب مباشرة، بل إن النظام السياسي الإسرائيلي قد منح الكتل البرلمانية وحدها الحق في تحديد هوية الشخص الذي تقع عليه مهمة تشكيل الحكومة، وهذا لن يتأتي إلا في حال حصوله على تأييد أكثر من 60 نائباً من أصل 120 نائباً يشكلون الكنيست.

ونظراً لأن جميع استطلاعات الرأي العام التي جرت أخيراً تؤكد أن عدد المقاعد التي سيحصل عليها "الليكود" لن تتجاوز ثلاثين مقعداً، فإن هذا يعني أن نتنياهو يحتاج إلى دعم 31 نائباً على الأقل من أحزاب أخرى لكي يواصل القيام بمهام منصبه كرئيس للوزراء بعد الانتخابات.

من هنا فإن نتائج استطلاعات الرأي العام التي تؤكد أن الجمهور الإسرائيلي يرى نتنياهو أكثر المرشحين ملاءمة لتولي منصب رئيس الوزراء غير ذات قيمة عملية باستثناء قيمتها الدعائية.

وإذا أخذت بعين الاعتبار مواقف مختلف الأحزاب من نتنياهو، فإن تكليفه بمهمة تشكيل الحكومة في أعقاب أي انتخابات مقبلة يبدو صعباً جداً، فأحزاب يسار الوسط واليسار التي يمثلها كل من حزب "العمل" و"ميريتس" لا يمكن أن تدعم ترشيح نتنياهو. كما أن حزب "ييش عتيد"، بزعامة وزير المالية، يئير لبيد، شريك الليكود الحالي، لا يمكن أن يدعم ترشيح نتنياهو في أعقاب تفجر خلافات عميقة في وجهات النظر بشأن قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية.

في الوقت نفسه، فإن حزب "يسرائيل بيتنا" بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، أوضح أنه لم يعد يرى في نتنياهو مرشحاً جديراً لتولي منصب رئيس الوزراء، مع العلم أن ليبرمان حرص طوال أيام الحرب على التشكيك في قدرات نتنياهو القيادية واتهمه بشكل صريح بأنه أضاع فرصة القضاء على تهديد حركة "حماس".

علاوة على ذلك، فإن الأحزاب الدينية، ممثلة في حزبي "شاس" و"يهدوت هتوراة" لا يمكن أن تغفر لنتنياهو "خيانته" لها عندما استبعدها من ائتلافه الحالي ارضاءً لحزب "ييش عتيد" الذي اشترط عدم ضم "الحريديم" للحكومة.

فضلاً عن ذلك، فإن الرئيس روفي ريفيلين، الذي عمل نتنياهو بشكل كبير لضمان عدم انتخابه رئيساً، لن يتطوع لمساعدته، وسيستغل كل ما تسمح به القوانين واللوائح للتوصية بتكليف مرشح آخر في حال أخفق نتنياهو في تجنيد 61 نائباً لتأييده.

ويحاول نتنياهو، الذي يدرك تعقيدات الواقع، اعتماد استراتيجية تتمثل في بلورة تحالف انتخابي بين "الليكود" وحزب "البيت اليهودي" الذي يمثل التيار الديني الصهيوني، والذي يقوده وزير الاقتصاد، نفتالي بينيت، وهو الحزب الذي تتوقع استطلاعات الرأي العام أن يحل في المركز الثاني بعد الليكود.

وهناك دلائل على أنه على الرغم من الخصومة الشخصية الكبيرة بين نتنياهو و بينيت، التي تفجرت خلال الحرب على غزة، فإن هناك ما يدل على أن المصلحة المشتركة باتت تقتضي التعاون بين الشخصين.

ويعي نتنياهو أن دعم حزب "البيت اليهودي" سيعزز من فرص تكليفه بتشكيل الحكومة المقبلة، في حين يرى بينيت أن التعاون المؤقت مع نتنياهو يمكن أن يساعده على تحقيق حلمه في أن يصبح يوماً أول رئيس وزراء في إسرائيل من التيار الديني الصهيوني.

فقد كشفت صحيفة "معاريف" في عددها الصادر في 12 سبتمبر/أيلول الجاري النقاب عن أن كلاً من نتنياهو وبينيت بحثا إمكانية تشكيل قائمة انتخابية موحدة لكل من "الليكود" و"البيت اليهودي"، بحيث يحصل بينيت على منصب وزير الخارجية في الحكومة المقبلة، علاوة على منح ممثلي حزبه حقائب وزارية تؤثر على المشروع الاستيطاني، مثل وزارة المالية ووزارة الإسكان، مع العلم أن حزب "البيت اليهودي"، هو أكثر الأحزاب تمثيلاً للمستوطنين في الحكومة والكنيست.

ومما يدل على أن بينيت يتعامل مع هذا الاحتمال بشكل جدي، قيامه بفرض لائحة قانونية جديدة لحزب "البيت اليهودي"، تعزز من قبضته على الحزب وتسمح باستبعاد قيادات حزبية يرى أنها تشكل تهديداً لقيادته، ولا سيما الوزير أوري أرئيل. وترى الصحيفة أن الذي يدفع نتنياهو لـ"بلع" بينيت، رغم الخصومة الشخصية، حقيقة إدراكه أنه من دون تعاونه لن يكون رئيساً للوزراء.

على كل الأحوال، هناك ما يشير إلى أنه في حال تمكن نتنياهو من تشكيل الحكومة المقبلة، فإنها ستكون الولاية الأخيرة له كرئيس للحكومة، وذلك في ضوء تواصل تمرد نواب ووزراء "الليكود" عليه من جهة، وبسبب اتساع نطاق التأييد للتيار الديني الصهيوني على حساب "الليكود" من جهة أخرى.

وهناك معضلة أخرى ستواجه نتنياهو، وتتمثل في أن الكتلة البرلمانية لـ"الليكود" ستكون مشاكسة لنتنياهو كما هو الحال بالنسبة إلى الكتلة الحالية.

ويجري اختيار مرشحي الليكود للبرلمان عبر انتخابات تمهيدية يشارك فيها منتسبو الحزب في جميع مناطق إسرائيل، ونظراً لأن المستوطنين اليهود في الضفة الغربية قد تمكنوا من تنسيب أعضاء للحزب بشكل يفوق بأضعاف المرات نسبة هؤلاء المستوطنين بالنسبة لسكان إسرائيل، فقد لعب المستوطنون دوراً فاعلاً في تحديد هوية نواب الحزب، الذين عادة ما يتم اختيارهم من الشخصيات التي تعارض توجهات نتنياهو، ويميلون لتقليص قدرته على المناورة السياسية، ولا سيما في كل ما يتعلق بالتعاطي مع الفلسطينيين والعرب والولايات المتحدة الأميركية.