"13 نيسان" اللبناني... حرب مستمرّة في بلد معلّق

"13 نيسان" اللبناني... حرب مستمرّة في بلد معلّق

13 ابريل 2014
على أحد جدران بيروت (جوزف عيد، getty)
+ الخط -

لو أننا، في لبنان، دخلنا مرحلة السلم بعد انتهاء الحرب الأهليّة عام 1990، لكان المجتمع اللبناني اليوم يُقيم أسبوعاً احتفالياً بهذه النهاية. أسبوعٌ يرقص اللبنانيون فيه، ويغنّون. يتذكرون ضحاياهم، الذين تقول بعض الأرقام إنهم تجاوزوا مئتي ألف قتيل (لا أرقام رسمية!)، لكنّا ببساطة، كتبنا تاريخاً واحداً لهذه الحرب.

الأمر ليس كذلك. لذلك نجد أهالي المخطوفين يُمضون سنتهم التاسعة في خيمة، ولا مَن يسأل عنهم. مهلاً. كم عدد المخطوفين؟ لا أرقام رسمية أيضاً. يراوح العدد بين 2640، بحسب تقرير لجنة التحقيق الرسمية عن المخطوفين والمفقودين التي شكلتها الحكومة اللبنانيّة، و17000، بحسب الأرقام التي يتداولها المجتمع المدني اللبناني. حال المهجرين ليست أفضل. عاد 16.6 في المئة منهم إلى منازلهم، فقط لا غير.
في الذكرى الـ24 لانتهاء الحرب الأهليّة في لبنان، ما زلنا نبحث خططاً أمنيّة، لسحب سلاح الميليشيات، ولاستيعاب مقاتلي هذه الميليشيات في الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة. بعد 24 عاماً، جلّ ما حصل هو إعادة إعمار شوّهت هوية بيروت. طالت إعادة الإعمار بيروت الكبرى، ولم تطل الأطراف. أصلاً، الحرب التي قاتل فيها أبناء الريف، وكان أحد أسبابها محاربة الحرمان، لم تُغيّر شيئاً.
أبرز إنجازان، في سنوات ما بعد الحرب، كانا تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي، وتحرير كلّ لبنان من الاحتلال السوري، العسكري والسياسي. عمليّة التحرير في الحالتين لم تُستثمر لإعادة بناء الدولة اللبنانيّة واستعادة الحد الأدنى من هيبتها تمهيداً لفتح حوار جدي حول عقد اجتماعي جديد. كما نتجت عن الحالتين مشكلة شائكة يُمكن لها أن تُفجّر النسيج الاجتماعي. في الأولى سلاح حزب الله، وفي الثانية اتهام مذهب أساسي في لبنان لآخر باغتيال أبرز شخصياته في حقبة ما بعد الحرب.
الحرب الأهليّة اللبنانيّة لم تنتهِ. بدقائق، يستعيد البلد الانقسام الطائفي، إلى جانب الانقسام المذهبي (السني ـ الشيعي) الذي بات يحكم العلاقات الاجتماعيّة والسياسيّة في لبنان. ففي الأسبوع الماضي، ناقش المجلس النيابي مشروع قانون لتعديل قانون العقوبات لجهة تجريم ضرب الأولاد في المدارس وداخل الأسرة. سقط التعديل. جاء التصويت طائفياً بالكامل. ستة وثلاثين نائباً مسلماً صوّتوا ضد التعديل، وخمسة وثلاثين نائباً مسيحياً صوتوا معه.
الحرب الأهليّة لم تنتهِ. فأمراء الحرب لا يزالون هم القادة السياسيون في البلد. الأحزاب التي خاضت الحرب، تُدير مرحلة السلم. الشعارات لم تتبدّل. المنظومة الاقتصاديّة كذلك، إذ لا تزال بضع عائلات تُدير الحياة الاقتصاديّة.
مسبّبات الحرب الأهليّة لا تزال قائمة. كاد البلد أن ينزلق إليها في محطات عدة، منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري وانسحاب الجيش السوري من لبنان. أبرز تلك المحطات، كانت في السابع من مايو/ أيار 2008، وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة.
ما يمنع تكرار تجربة الحرب، هو القرار الدولي والإقليمي بمنع اندلاعها. المناعة اللبنانيّة ضد الحرب ضعيفة جداً. تعزيز هذه المناعة لا يكون إلا بقرار بانتفاضة سياسيّة واجتماعية واقتصادية وثقافيّة، ما يعني إجراء تغيير شامل في الطبقة السياسيّة اللبنانيّة. حتى ذلك الوقت، يبقى لبنان بلداً معلقاً.