الدولة الفاشلة

الدولة الفاشلة

03 ابريل 2014
+ الخط -

 تشكّلت الحكومة اللبنانيّة منذ ثلاثة أسابيع بعد فراغ حكومي دام نحو عشرة أشهر، بينما مدد مجلس النواب ولايته لسنة وخمسة أشهر. وعلى أبواب انتخابات رئاسة الجمهوريّة، التي يُفترض أن تجري قبل 25 مايو/أيار 2014، موعد انتهاء ولاية الرئيس اللبناني ميشال سليمان، لا يجد العديد من السياسيين حرجاً بالقول إن هذه الانتخابات لن تجري. هي مؤشرات لتحول الدولة اللبنانيّة إلى دولة فاشلة. لا يقتصر الفشل على جانب واحد، بل يطال مختلف الأوجه، من الاقتصاد إلى االمجتمع وصولاً إلى الأمن.

في هذا الوقت، ترتفع أصوات للتهليل للخطّة الأمنيّة في طرابلس، شمال لبنان. فقد دخل الجيش اللبناني إلى أحياء كانت محرمة عليه، إن في جبل محسن أو في باب التبانة. لكن تنفيذ الخطة ارتبط بالسماح للمطلوبين الأساسيين في الجانبين بالهروب. لا قادة المحاور اعتقلوا، ولا النائب السابق، علي عيد، ونجله رفعت.

أسوأ ما في الأمر أن علي عيد مرتبط، بشكلٍ أو بآخر، بتفجيري طرابلس في أغسطس/آب 2013. هروب، لا يُمكن أن يُفهم إلا في إطار إبقاء هؤلاء على جهوزيتهم لأي معركة لاحقة في حال تقرر ذلك محلياً وإقليمياً.

احتاجت الدولة لأكثر من مئتي قتيل في طرابلس، منذ أن اشتعل هذا المحور في مايو/أيار 2008، يُضاف إليهم نحو 45 قتيلاً بتفجيري طرابلس ومئات الجرحى والخسائر الماديّة والتراجع في اقتصاد المدينة وفي صورتها، قبل أن تُقرّر التدخل.

وفي الوقت الذي كان فيه الجيش اللبناني ينتشر في طرابلس، كان مجلس النواب اللبناني يجهد لإقرار قانون ممسوخ عن القانون الذي قدّمته الهيئات النسائية لحماية المرأة من العنف الأسري، وهو قانون لا يحمي المرأة داخل الأسرة، على الرغم من أنه في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2014، قتلت ثلاث نساء لبنانيات على أيدي أزواجهن. كما رصدت الهيئات النسائيّة أكثر من 660 حالة عنفٍ ضد النساء في السنوات الثلاثة الماضية. كلّ هذا لم يدفع النواب إلى أخذ الأمر على محمل الجدّ.

تهكّم النواب في نقاشاتهم على الهيئات النسائية. فأعلن النائب عن حزب الله، علي عمّار، أن النواب يحتاجون لقانون يحميهم من عنف الهيئات النسائيّة، رداً على حملات إعلانيّة اتهمت النواب بالتقصير بسبب عدم إقرار القانون، وحملتهم مسؤوليّة مقتل النساء.

لم يكن عمّار وحده المتهكم، فرئيس المجلس النيابي، نبيه بري، سارع لرفض الاعتصامات أمام المجلس قائلاً إن "المجلس لا يُشرع تحت التهديد". برّي كان يوجّه كلامه للمياومين في مؤسسة كهرباء لبنان، الذين استُخدموا في الصراع السياسي، ثم تمّت التضحية بهم. كما وجّه بري كلامه لهيئة التنسيق النقابيّة، التي تضم موظفي القطاع العام والعسكريين والأساتذة، الذين يعترف الجميع بحقهم في سلسلة رتب ورواتب من أكتوبر/تشرين أول 2011، لكنها لم تقر لليوم تحت حجة البحث عن مصادر تمويل. أمّا السبب، فهو رفض الهيئات الاقتصاديّة لهذه السلسلة، وقد اعترف ممثل الهيئات الاقتصاديّة، نقولا شماس، بهذا الأمر بوضوح، عندما قال: "نحن نُطاع ولا نُطيع". وفي الشارع أيضاً، يتظاهر العاملون في فوج الإطفاء مطالبين بحقوقهم.

هو لبنان نفسه صاحب الترتيب السادس عالمياً في لائحة الدول التي تعرف عمليات خطف مقابل فدية بحسب تقرير لمجلة "بزنس إنسيدر" لعام 2013.

وعند الحدود الشرقيّة للبنان، ينتقل آلاف المقاتلين من حزب الله من وإلى سوريا، ولا يستطيع أي جهاز أمني في الدولة اللبنانيّة متابعة هذه الحركة. هكذا، يُدفع لبنان لأن يكون طرفاً في حرب داخل دولة مجاورة بقرار حزبٍ.

باختصار، الدولة اللبنانيّة غير قادرة على حماية مواطنيها من العنف بمختلف مصادره، أو إعطائهم حقهم عبر القضاء. الدولة غير القادرة على تأمين الحقوق الاجتماعيّة والاقتصاديّة، هي "الدولة الفاشلة" تعريفاً.