إيمان البغا: "داعشيّة" على خطى بن لادن

إيمان البغا: "داعشيّة" على خطى بن لادن

24 أكتوبر 2014
البغا تنفي أن يكون "داعش" من الخوارج (الأناضول)
+ الخط -

تركت الدكتورة السورية إيمان البغا التدريس في جامعة الدمام في السعودية، لتلتحق بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

وكتبت على صفحتها على موقع "تويتر" أسباب قرارها ودوافعه ولماذا فضّلت البحث "عن كهف آوي إليه للنطق بكلمة الحق" وتركها "جامعتي الحبيبة، وسيارتي الفارهة، ومنزلي الواسع، وراتبي الضخم لأتخلص من الالتزام بقوانين الطّغاة الآثمة، كاتمي أنفاس الحق لتبقى الأمة في هوانها".

وتجعل البغا، وهي بمنتصف الاربعنيات من العمر، قدوتها بذلك زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن بقولها "نحن بحاجة إلى علماء استشهاديين يتركون الحياة الرغيدة ليقيموا الحجة على المسلمين. فعل هذا مليكي الشيخ ‫‏أسامة بن لادن، ترك ملياراته من أجل أن يحرّضنا على ‫الجهاد في سبيل الله، وعلى ترك الذل والهوان من أجل الدنيا التي يستعبدنا الكفرة من أجلها".

وتقول إنه بعد دراسة "مآسي المسلمين وسيرة رسول الله وحياة الصحابة والفتوحات والتاريخ المعاصر وفقه الجهاد على يد كبار العلماء"، اكتشفت "إني كنت داعشية التفكير والمنهج. أنا داعشية قبل أن يوجد داعش، وأعرف من وقتها أنه لا حل للمسلمين إلا في هذا الجهاد".

وتحمل إيمان، ابنة عالم الدين السوري الدمشقي البارز مصطفى البغا، دكتوراة بأصول الفقه من كلية الشريعة في جامعة دمشق ودبلوم في التربية من الجامعة نفسها، وهي تقدّمت لمسابقة المعيدين فيها ورُفضت بسبب تجاوز السن المسموح بعام واحد، ولم يشأ والدها التوسط لها مكتفياً بقبول ثلاثة من أبنائه للتدريس في كلية الشريعة.

والد إيمان يُعدّ أحد أبرز فقهاء الشافعية في سورية وتلميذ الشيخ الأشهر في دمشق حسن حبنكة، وشيخ قراء بلاد الشام محمد راجح.

وهو لم يُعلن موقفاً واضحاً من النظام السوري، بل يأخذ عليه أنصار المعارضة بأنه "دعا للرئيس بشار الأسد بالجنة" في خطبة العيد في جامع منجك بحي الميدان في دمشق، خلال شهر أبريل/نيسان 2011، وكان رئيس قسم الفقه في كلية الشريعة، وشغل ابنه الحسن منصب عميد كلية الشريعة، فيما ابنه أنس فهو ضيف مقيم على قناة الدنيا.

ولم تعلن إيمان، التي غادرت السعودية مع عائلتها، إن كانت قد شاورت أباها، مكتفية بالرد على من سألها عن ذلك "فقد انفطمت من رضاعة الحليب"، شاجبة موقف العلماء الذين سكتوا عن إعلان الجهاد فيما تبرأت أختها الدكتورة حنان وهي مقيمة في السعودية مما فعلته اختها معلنة أن الوالد غير راض عن خطوتها.

وبدأت ايمان بكتابة مشاهداتها من المناطق الواقعة تحت سيطرة "داعش"، داعية "للجهاد الحقيقي"، بالقول "الله تعالى أمرنا بقتل المعتدين وقال: واقتلوهم حيث ثقفتموهم. وأن نجعل غير المعتدين من الكفرة يعيشون بأدبهم، فقال: حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون. وأما الخائن والمنافق فسعره قرشان، والكافر المعتدي دواؤه طلقتان".

وتضيف "ما رأيته من رجال الدولة إلى الآن: أنهم قوم لا يخافون إلا الله ولا يريدون إلا الجنة. وإن كنا بحاجة إلى أمثالهم لننتصر". وتنفي إيمان نفياً قاطعاً أن يكون "داعش" من الخوارج "والله إنه على حق في كل ما يفعله".

انصب اهتمام الدكتورة إيمان قبل إعلان "داعشيتها" على الوعظ وضرورة التمسك بالحياة الإسلامية ومظاهرها ولاسيما الحجاب وقوامة الرجل فحتى حق تسمية المولود تعود للرجل.

كما كانت تدعو للابتعاد عن مظاهر الفسق والفجور كما تسميها، فتنصح بالابتعاد عن مشاهدة المسلسلات وقراءة "الأدباء الفاسقين" كنجيب محفوظ، تقول إنه "كان بارعاً في وصف الحارات وأماكن القمامة والشخصيات السلبية والمواقف الكريهة"، ونزار قباني "أتيت بدواوينه: فإذا بي أرى منها: القرف"، ومحمود درويش "البائس الذي تطاول على الذات الإلهية".

كما أنها قدمت نصائح فيما يخص شبكات التواصل: "لا يليق بفتاة أن تشارك أو تضع إعجاباً على موضوعات شباب تتحدث عن العواطف والأشواق والفراق. وأيضاً تلك الموضوعات التي تتعلق بصورة أحدهم أو مناسباته إن لم تكن محرماً له".

كما تنهى عن تقليد الغرب والاحتفال بتقويم السنة الميلادية "بعد أن هزمونا وانتصروا علينا".

ولم يُعرف عن إيمان الكثير من الاهتمام السياسي بما جرى في سورية، وكان جهدها منصبّاً على الوعظ الأخلاقي المتشدد، مكتفية بتلميحات حول الثورة السورية ومنها موقفها البارز من اغتيال الشيخ محمد سعيد البوطي والذي أثار جدالاً بين السوريين حول موقفه ومقتله أيضاً، فهي ترى أن من لا يعتبره شهيداً مخطئ وإن كان عندها قد أخطأ باجتهاده، إذ تقول "من يسمع خطب البوطي يرى فيها اجتهاداً شطّ به، لم أهتز لموته فميتته رائعة وهو في درس العلم... بكى قلبي على خسارة الأمة له".

وتفسّر موقفها غير الحاسم بتأييد الثورة السورية بأنها مهتمة بمطلبها وهو تطبيق الشرع، قائلة "لم كانت تلك الثورة التي يريدون مني أن أشترك بالولولة على الفيسبوك من أجلها؟ هم طالبوا بالثورة من أجل الحرية والحقوق... حسناً أنا لا أريد حرية ولا حقوقاً، ولم تكن يوماً حريتي هي مطلبي".

دمشق والبدع

تجهد إيمان للعودة بسورية ومدينتها دمشق لحالة الإسلام النقي كما تراها: "لا يتصورن أحد أن دمشق وغيرها في بلاد الشام يمكن أن تستمر مرتعاً للبدع والجهالات في الدين. فدمشق نشأ فيها ابن تيمية الذي قاوم البدع وحاربها".

وتتحدث عن دراسة الدين في مدينتها "أول ما بدأت به في معرفة الشرع عندما كنت أحضر دروس الوالد حفظه الله في المسجد القريب، ثم الثانوية الشرعية وكان فيها أستاذ الجميع الشيخ خير العلبي، رحمه الله، وكان على المذهب الشافعي، وكذلك أخذت الكثير من الشيخ كريم راجح، حفظه الله، وكانت الخمس دقائق شرح منه تكفي ساعات لغيره. ثم تابعت في جامعة دمشق، وكان فيها من العلماء الأفاضل، ومن لم اجتمع به منهم درست كتبه. وبعدها انشغلت بالتدريس وبرسالة الماجستير ثم الدكتوراة ثم الأبحاث، وبعد التخرّج لم أعد أمسك في يدي كتاباً لمعاصر بل أعود إلى المراجع السابقة على المذاهب الأربعة من دون تمييز بينها. وقد درّست كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب عندما كنت في السعودية، فلم أجدها تختلف عما درستُه في دمشق".

المساهمون