حوار غدامس: المخاطر والطموحات

حوار غدامس: المخاطر والطموحات

01 أكتوبر 2014
رفضت قوات "فجر ليبيا" وقف النار (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

بدأت إرهاصات الخلاف مبكراً حول الحوار المسمّى "12+12" الذي عُقد في مدينة غدامس الليبية على الحدود الجزائرية، بين ممثلين عن مجلس النواب الليبي المنعقد في مدينة طبرق في أقصى الشرق الليبي، وآخرين رافضين انعقاده فيها لمخالفات دستورية متعلقة ببروتوكولات التسليم والتسلم وفق الإعلان الدستوري، برعاية المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، برناردينو ليون، وممثلين عن حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا.

وينقسم المشهد الليبي حول المخرجات المبدئية لهذا الحوار، إلى مؤيدين ومعارضين داخل المعسكر المؤيد لعملية "فجر ليبيا"، من عسكريين وسياسيين. وأُغلقت الجلسة الأولى في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، بالدعوة إلى وقف الاقتتال في غرب ليبيا وشرقها، وفتح المطارات المغلقة، وعلاج جرحى طرفي المعارك، على أن تستأنف جلسات الحوار بعد إجازة عيد الأضحى، أي بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الحالي.

وبعد أقل من ساعة على المؤتمر الصحافي الذي جمع ليون وممثلي مجلس النواب في طبرق، والعضو الرافض له فتحي باشاغا، أعلنت "فجر ليبيا"، في بيان، رفضها المطلق لأي مفاوضات تفضي إلى وقف إطلاق النار، معتبرة أنها "انطلقت بعد اتفاق القائمين بها على ميثاق من أبرز بنوده: ملاحقة كل قوى الانقلاب على ثورة 17 فبراير/شباط في كل أنحاء ليبيا، مهما كانت مسمياتها، ونزع السلاح من أيدي كل العابثين بثوابت الثورة ومقدرات الشعب الليبي أينما وجدوا".

ورفضت "فجر ليبيا" إيقاف عملياتها العسكرية في غرب ليبيا حتى "تحقيق هدف القضاء على أذرع الثورة المضادة ونزع سلاحها بالكامل"، وفق نص البيان.

وبحسب محللين، فقد يقبل ليون، بالمبدأ، استمرار العمليات العسكرية بشكل غير معلن حتى ينتهي الحوار إلى ضمانات مطمئنة لجميع أطرافه، قد تتمثل في عدم الملاحقة المحلية والدولية لقادة عملية "فجر ليبيا"، ومشاركتهم وفق معايير ديمقراطية في إدارة العملية السياسية. إذ إن مجرد وقف العمليات العسكرية وفق مبادرة حسن نوايا، لا يُشكّل في حد ذاته ضمانة كافية لقوات "فجر ليبيا"، التي تخشى أن تكون المبادرة مجرّد مناورة حتى تستعيد كتائب "القعقاع" و"الصواعق" و"المدني"، وما يُعرف بـ"جيش قبائل ورشفانة" ترتيب صفوفها الداخلية، وتزويدها من قوى إقليمية تساندها بالسلاح وبتدريبات عناصر جدد.

وفي تصريحات سابقة لعضو الكتلة، عبد الرؤوف المناعي، لـ"العربي الجديد"، اعتبر أن "ما يقوم به ممثل بعثة الأمم المتحدة في ليبيا من فرض الحوار وشروطه وأجندته على المجتمعين من دون التشاور معهم، وتهديده رافضي التفاوض بالعقوبات الدولية، تدخل في الشأن الليبي الداخلي من ليون، وخروج عن مهمته الأساسية المنوطة به كممثل أممي".

من جانب آخر، تنقسم كتلة "الثوابت الوطنية" التي أعلن 20 نائباً من الممتنعين عن حضور جلسات طبرق حول بنود الاتفاق المبدئية التي خرج بها اجتماع غدامس، عن تأسيسها.

ويخشى بعض أعضاء مجلس النواب الليبي الرافضين لبرلمان طبرق، ولحوار غدامس أن يكون للحوار الأخير برعاية ليون، تأثير على الحكم المنتظر إصداره من الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا الليبية، إذ أنه وبحسب وجهة نظرهم، أي حوار أو تفاوض تحت غطاء الاعتراف الكامل بشرعية مجلس النواب الليبي المنعقد بطبرق سواء في غدامس الليبية أو في العاصمة الجزائر، قد يمنح الدائرة الدستورية فسحة للحكم بدستورية مجلس النواب.

ويحصل ذلك في ظل معلومات تُفيد أن أحد مستشاري المحكمة العليا، عرض على رئيس حركة "النهضة" التونسي راشد الغنوشي، إجراء لقاء ببلد لم يُحدد بعد مع رئيس حزب "تحالف القوى الوطنية" الليبي محمود جبريل، المقيم في دولة الإمارات منذ أكثر من عام، وهو ما يعني دخول بعض مستشاري المحكمة العليا الليبية في دائرة العمل السياسي والانحياز، المفترض الابتعاد عنه، بحسب مبدأ الفصل بين السلطات.

ويعتبر مراقبون أن خطوة غدامس ستكون مكملة للحوار المزمع إجراؤه في الجزائر، مع فارق يتمثل في أن الجزائر لم تشترط على أطراف الأزمة السياسية والأمنية الليبية شروطاً مسبقة كـ"وقف إطلاق النار بين الجانبين"، بحسب مصادر جزائرية.

ويرى آخرون أن خطة المبعوث الأممي الخاص تهدف إلى شق صف تحالف "فجر ليبيا" العسكري مع أحزاب سياسية مؤيدة له، كحزب "العدالة والبناء"، الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين" الليبية، وحزب "الوطن" برئاسة عبد الحكيم بلحاج، وحزب "الاتحاد من أجل الوطن"، بقيادة عضو مجلس النواب الرافض لبرلمان طبرق عبد الرحمن السويحلي، وحزب "التغيير" بقيادة المعارض السابق جمعة القماطي.

وفي اعتقادهم أن حوار غدامس يهدف إلى عزل الأجنحة السياسية السابقة عن قادة ومقاتلي "فجر ليبيا"، وإظهارها أمام الرأي العام المحلي والدولي بمظهر المتمردين الرافضين لأي توافقات سياسية تُخرج ليبيا من عنق زجاجة الاقتتال الداخلي والانهيار الاقتصادي، ورأب صدع الهوة المجتمعية.

المساهمون