توسّع "النصرة" في إدلب يمهّد لصدام مع "داعش"

توسّع "النصرة" في إدلب يمهّد لصدام مع "داعش"

27 ديسمبر 2014
"النصرة" تحاول سد المداخل الممكن لـ"داعش" اختراقها(فادي الحلبي/فرانس برس)
+ الخط -

ما أن حققت "جبهة النصرة" قبل نحو أسبوعين، أكبر انتصار لها على النظام السوري عبر السيطرة على معسكري وادي الضيف شرقي مدينة معرة النعمان الاستراتيجية، و"الحامدية" المحاذي لقرية الحامدية جنوبي المدينة، في ريف إدلب الجنوبي على طريق دمشق حلب، حتى وضعت الجبهة نصب عينها مطار أبو ظهور العسكري، تمهيداً للسيطرة على كامل الريف الإدلبي والتوجه إلى المدينة.

لكن حتى تتمكن "النصرة" من حشد كامل قواتها باتجاه المطار العسكري، سعت إلى تأمين الخطوط الخلفية للمطار. وبينما تسيطر على معظم ريف إدلب الجنوبي الشرقي، إلا أنها لا تأمن ريف حماه الشمالي الشرقي، خصوصاً أن الخارطة تميل عند الاتجاه إلى الجنوب إلى تنظيم "الدولة الإسلامية"، والذي يسيطر على معظم المناطق المحيطة في مدينة السلمية في ريف حماه الشرقي، والممتدة حتى غربي مدينة الرقة، معقل التنظيم في سورية.

ومن أجل ذلك، شنّ مقاتلو "النصرة" هجوماً قبل خمسة أيام على مقرات لواء "العقاب" الإسلامي، في بلدة قصر ابن وردان في ريف حماه الشرقي، وتمكنوا خلاله من السيطرة على كامل المقار وأسر عدد من عناصره، فضلاً عن مصادرة جميع الأسلحة، بينما استطاع قائده صدام الخليفة الهروب إلى مناطق تمركز "داعش" في ريف حمص الشمالي.

والمعروف عن "لواء العقاب" أنه مقرب من تنظيم "داعش"، وكان المسؤول الأول عن إدارة أموره في ريف حماه الشرقي، إلا أنه قرر إثر الاقتتال بينه وبين "الجيش الحر" النأي بالنفس عن الطرفين، قبل أن تقوم جبهة النصرة بالقضاء عليه.

ولم يكن هناك أي ردة فعل من قبل التنظيم حتى الآن، والذي يتواجد في ريف حماه الشرقي بشكلٍ كبير، ويسيطر على أوتوستراد سلمية الرقة باتجاه الجنوب، الذي يشمل قرى ناحية عقيربات وما حولها بالكامل، إضافة إلى بعض القرى التابعة لمنطقة صبورة، وبعض القرى التابعة لمنطقة بري الشرقي، وعلى مناطق عدة على طريق حماه ــ الرقة. ويبدو "داعش" منشغلاً هذه الأيام بمعارك مع القوات النظامية السورية على أوتوستراد سلمية الرقة، قرب قرية جب خسارة.

وقد تحاول "النصرة" في حال تمكنت من السيطرة على مطار أبو ظهور العسكري، وأحكمت قبضتها بشكل كامل على منطقة إدلب، الصدام مع "داعش". وبالإضافة إلى ضمانها معظم مناطق الريف الجنوبي، فإن الجبهة تسيطر أيضاً على ريف حماه الشمالي الشرقي، حتى منطقة السعن غرباً، بينما يعتبر أوتوستراد سلمية الرقة، والذي تسيطر عليه القوات النظامية السورية الحد الفاصل بين الطرفين. وتتحرك الجبهة مدفوعة برغبة في الثأر من طرد التنظيم لها من مناطق عدة، أبرزها مدينة الرقة ودير الزور شرقي البلاد، ومناطق أخرى في ريف حلب الشمالي.

وكانت النصرة قد تمكنت منذ بداية الشهر الماضي، من القضاء على "جبهة ثوار سورية" التابعة لـ"الجيش السوري الحر"، وطردها من منطقة جبل الزاوية، كما هيمنت على معظم المناطق في ريف إدلب.

وما قد يفتح باب الحرب على مصراعيه، استعداد النظام السوري لترك مدينة السلمية لتنظيم "الدولة الإسلامية"، على أمل ضرب التنظيم والجبهة المتخاصمين ببعضهما. ومن أهم العوامل التي كانت تدفع النظام للتمسك بمدينة السلمية، خط الإمداد العسكري له شرقي المدينة، والذي يصل العاصمة بشمال سورية، إلا أنه مع سيطرته على مدينة مورك في ريف حماه الشمالي، فإنه قد يبحث عن خط إمداد جديد.

وسبق أن سحب النظام السوري نحو 30 آلية ثقيلة وعتاداً من قطعاته العسكرية في شرقي حماه لتدعيم جبهة مورك، ما سمح لـ"داعش" بالقيام بعمليات عسكرية محدودة في المنطقة سبّبت هلعاً لدى السكان، وتخوّفاً من اجتياح التنظيم لمناطقهم.

وفي السياق، يشير مدير تنسيقية ريف حماه الشرقي المكنى بأبي عبدو لـ"العربي الجديد" بأن "لواء العقاب من الفصائل التي تعمل لصالح داعش من دون إعلان أنها تتبع له مباشرة، إذ تم خطف بعض أفراد الجيش السوري الحر من المناطق التي يسيطر عليها، وهم موجودون في سجون التنظيم في الرقة".

وحول إمكانية اصطدام الطرفين، يرى أبو عبدو أنّ "هذا الاحتمال موجود، لأن داعش يسيطر على آبار النفط الموجودة بمنطقة شاعر، وجبهة النصرة تحتاج إلى تمويل، وهي تسعى إلى السيطرة عليه، إضافة إلى حاجتها في قرى ناحية عقيربات، من أجل فتح الطرق والتواصل بين الشمال السوري ومنطقة القلمون".

ويشير الناشط الإعلامي إلى "تخوفات بين المدنيين من إعلان النصرة لإمارة، لأنه سيكون كارثياً على الثورة السورية، وبالتالي فإن التحالف الدولي لن يتردد في توسيع نطاق غاراته".

من جهته، توقع قائد "ألوية وصقور الغاب" في ريف حماه، والتابع لـ"الجيش السوري الحر"، المقدم جميل رعدون، في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن تكون هناك حرب بين الطرفين، على خلفية سيطرة النصرة على مقرات لواء العقاب ومصادرة سلاحهم"، مشيراً إلى أن "الخلاف العقائدي الموجود بين الطرفين، هو أقوى من أي خلاف آخر".

ويوضح رعدون بأن "جبهة النصرة تتجه إلى الريف الشرقي، لسدّ المداخل التي من الممكن أن يخترقها تنظيم داعش، في وقت يجري فيه التسابق بين الطرفين على مصادر التمويل"، لكنه لمّح إلى أن "تكون الغلبة للتنظيم في حال نشوب الحرب، والأيام القليلة المقبلة ستكشف كل الحقائق.

وتصبّ التسريبات التي حصلت عليها "العربي الجديد" من داخل مطار حماه العسكري قبل يومين، والتي تؤكد قيام النظام السوري بإخلاء المطار، في ذات السياق، خصوصاً أن الأنباء تقول إن "النصرة" في مقدمة هذه الفصائل. وفي حال نجحت الجبهة في السيطرة على مطار أبو ظهور وحماة العسكريين، فإن خارطة المناطق الخاضعة لها تحت ستمتد من جبل الزاوية إلى ريف حماه الشرقي ووادي الضيف، وسيساعد هذا الخط في إعلان "الإمارة الإسلامية" التي لطالما حذر قياديو الجيش الحر وناشطون ومدنيون منها، على غرار ما فعل تنظيم "الدولة الإسلامية"، والذي كان طموحه أوسع من إمارة، وأعلن خلافة إسلامية قبل أشهر.