الحراك الانتخابي في إسرائيل: ليفني ولبيد الأكثر قلقاً

الحراك الانتخابي في إسرائيل: ليفني ولبيد الأكثر قلقاً

23 أكتوبر 2014
نتنياهو يسعى لردع شركائه من مواصلة التهديد (يوريال سيناي/Getty)
+ الخط -

تشهد إسرائيل، في الأسبوع الأخير، حراكاً إعلاميّاً وحزبيّاً نشطاً لم ينتظر بدء الدورة الشتوية للكنيست الأسبوع المقبل، حول مسألة تقديم موعد الانتخابات العامة في إسرائيل إلى الربيع المقبل، بعد أن كان الحديث، بداية، عن تقديمها إلى أوساط عام 2016 بدلاً من عام 2017.

ودبّت الحياة في شرايين وعروق السياسيين الإسرائيليين بسرعة أكبر ممّا كان متوقعاً، وقد يكون مرد ذلك إلى لهفة أعضاء الكنيست والوزراء في الحكومة للعودة إلى عناوين الصحف والنشرات الإخبارية، بعد أن كانت عطلة الكنيست والأعياد اليهودية أبعدت غالبيتهم العظمى عن الأنظار، وأيضاً الحرب على غزة التي لم تترك حيزاً كافياً يتّسع لكل أعضاء الكنيست وقادة الأحزاب للكلام في أمور الحرب والعدوان، كما هو التقليد في إسرائيل في أوقات الحروب والاعتداءات، إذ تصدّر الجنرالات السابقون وأعضاء الكابينت المشهد الإسرائيلي السياسي والإعلامي.

وشكّل الحديث، بداية، داخل حزب "الليكود"، استعدادات رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لتقديم موعد الانتخابات الداخلية، وفق إعلان وزير المواصلات يسرائيل كاتس في فترة عيد العرش، شرارة سرعان ما رفع إشعالها مستوى "الأدرينالين" والخوف سوية في صفوف قادة الأحزاب الذين يخشون ألا ينجحوا في تكرار وتحقيق النتائج نفسها التي حققوها في الانتخابات الأخيرة في العام الماضي.

وتمكّن نتنياهو، خلال الأسبوع الأخير، من رفع منسوب القلق لدى كل من تسيبي ليفني، زعيمة حركة "هتنوعاة" التي تملك ستة مقاعد، ولدى وزير المالية يئير لبيد الذي يملك حزبه 19 مقعداً، كون الاثنين الأكثر تضرراً في حال جرت انتخابات مبكرة.

فإعلان نتنياهو تراجعه عن دعم قانون تخفيف شروط التهويد الذي قدّمه العميد احتياط العزار شطيرن من حركة "هتنوعاه"، وهو من المتدينين الصهيونيين، في موازاة عقد نتنياهو محادثات وإجرائه اتصالات بأحزاب "الحريديم" الأرثوذكس الذين يعارضون أي تساهل في تحديد هوية اليهودي، ولا سيما من ولدوا لأمهات غير يهوديات ولو كان آباؤهم يهوداً، أوحى بجدية رئيس الوزراء، ولو ظاهريّاً على الأقل، في ردع شركائه في الائتلاف عن مواصلة التهديد والتلويح بالانسحاب من الحكومة الحالية، وقبول التحدي والذهاب إلى الناخب الإسرائيلي في وضع انتخابي يهدد ليفني ولبيد، وحتى وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، باحتمالات خروجهم خاسرين من قرار الناخب الإسرائيلي.

وفي هذا السياق، يجب قراءة إعلان ليفني، أمس الأربعاء، عن تشكيل لجنة مع لبيد بحجة الدفع إلى تسوية سياسية مع الفلسطينيين، كستار ومناورة إعلامية لا غير، ولا سيما إذا تذكرّنا أن طروحات ليفني للحل الدائم مع الفلسطينيين تختلف كليّاً عن طروحات لبيد، وهو ما برز خلال العدوان على غزة. ففيما تسعى ليفني إلى الوصول إلى تفاهم مع السلطة الفلسطينية ومع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، تحديداً باعتباره الشريك الأفضل للمفاوضات، فإن لبيد لم يُخفِ عداءه السلطة الفلسطينية، بل إنه دعا في أوجّ العدوان إلى عقد مؤتمر إقليمي يكون رافعة للضغط على الجانب الفلسطيني لقبول الإملاءات الإسرائيلية. وهو طرح يقترب بالذات من طروحات ليبرمان الداعية إلى التوصل إلى اتفاق أولاً مع الدول العربية ككل وبعد ذلك مع الفلسطينيين.

والواقع أن الحراك الذي أبدته ليفني ولبيد أخيراً، جاء عمليّاً لمواجهة وتعزيز مواقفهما داخل الائتلاف الحكومي، ورداً على انفراط عقد التنسيق بين حزب لبيد وحزب "البيت اليهودي" بقيادة المتطرف نفتالي بينيت، لمصلحة تنسيق شبه تام، بحسب الصحف الإسرائيلية أيضاً، بين بينيت ونتنياهو، اللذين يتفقان في القضايا السياسية الأساسية وفي مقدمها رفض الدولة الفلسطينية وتعزيز الاستيطان في كل مكان من الضفة الغربية.

والواقع أن نتنياهو يسعى من خلال حراكه الأخير، إلى رمي الكرة في اتجاه لبيد وليفني، لتخييرهما بين الانضباط في الائتلاف الحكومي وعدم افتعال الأزمات الائتلافية، وبين الذهاب إلى انتخابات يمكن أن تنقلب عليهما بفعل تراجع القوة الانتخابية لهما حسب استطلاعات الرأي الإسرائيلية التي نُشرت في الفترة الأخيرة، وأشارت إلى تضاؤل وتراجع التأييد الشعبي لكل منهما.

وعليه، فإن سيناريوهات السياسة الحزبية الإسرائيلية محصورة، اليوم، في ثلاثة سيناريوهات، الأول بقاء الوضع الحالي وانضباط الشركاء الحاليين لنتنياهو، مما يعني تعطيل أي نشاط سياسي ودبلوماسي على الصعيد الفلسطيني ومواصلة "الجمود" الحالي، وهو الأرجح حالياً ما لم تحدث تطورات جديدة.

السيناريو الثاني هو استقالة وانسحاب لبيد وليفني من الحكومة أملاً في إسقاطها، وهو خيار مستبعد حاليّاً، خوفاً من عدم القدرة على إسقاط الحكومة الحالية وإدخال "الحريديم" إليها بدلاً منهما، في المرحلة الأولى، وخسارة قوتهما البرلمانية مع إتمام الحكومة والكنيست دورتهما القانونية والرسمية في عام 2017، إذ أن خروجهما إلى المعارضة يعني أيضاً إزاحة الأضواء عن الحزبين وقائديهما ليفني ولبيد، وبقائهما في مقاعد المعارضة التي ستزيد من قلة وفاعلية تأثيرهما لمصلحة البرنامج الانتخابي لكل منهما، وهو أمر ضعيف لكنه وارد.

أما السيناريو الثالث والأخير، فهو اتجاه نتنياهو فعليّاً إلى خوض انتخابات مبكرة، في الربيع المقبل، وعدم استبدال حزبي لبيد وليفني بأحزاب "الحريديم"، والركون إلى انضمام "الحريديم" للحكومة المقبلة. لكن هذا السيناريو يبقى أيضاً بعيداً ويمكن أن يتحقق فقط في حال واصل نتنياهو الاستخفاف بلبيد وليفني ودفعهما إلى الخروج من الحكومة وإسقاطها من باب "علي وعلى أعدائي يا رب".

المساهمون