العراق: مصير غامض لجنود الصقلاوية... وحديث عن إخفاق "متعمّد"

العراق: مصير غامض لجنود الصقلاوية... وحديث عن إخفاق "متعمّد"

24 سبتمبر 2014
غموض مصير جنود الصقلاوية (الأناضول/Getty)
+ الخط -

يلفّ الغموض مصير مئات الجنود العراقيين المحاصرين من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في منطقة الصقلاوية في الأنبار، إذ تضاربت الأنباء عن مصيرهم، ففيما تتحدث بعض المصادر الحكومية "غير جازمة" عن تحريرهم، تشير مصادر أخرى إلى أن الاتصال انقطع بهم، بينما قال نواب إن "التنظيم قتل الجنود بغاز الكلور".

ويكشف النائب عن "التحالف الوطني"، عبد الحسين الموسوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن تفاصيل سيطرة "داعش" على المقر، مشيراً الى أنه "قبل خمسة أيام وصلت قوة تملك ذخيرة ومؤونة وتوقفت على بُعد أربعة كيلومترات من منطقة الصقلاوية والسجر، كون الطريق كانت مفخخة، وفي وقتها أُرسِلت استغاثات إلى غرفة العمليات وإلى القائد العام للقوات المسلحة من العسكريين المحاصرين، وتقدمت الفرقة الأولى نحوهم بعد تفكيك العبوات الناسفة المزروعة في الطريق".

ويلفت الى أن "هذه الفرقة سرعان ما انسحبت بعد تسليمها ذخيرة ومواد غذائية الى الجنود في الصقلاوية، لكن الأمور لم تتم بالشكل المناسب، ففور انسحاب الفرقة الأولى دخلت سيارتان نوع هامر مفخختان مع ستة أحزمة ناسفة من ناحية حي الشهداء في الصقلاوية وانفجرت في مقر اللواء، ما أدى الى استشهاد بعض المنتسبين، فيما استطاع بعضهم الآخر الانسحاب الى أماكن أخرى".

ويشير الموسوي الى أن "داعش احتجز 150 جندياً، هم حالياً في معمل الثلج في الصقلاوية، إضافة الى وجود 35 جنديّاً محتجزين في بعض البيوت في الصقلاوية، و25 آخرين في بعض البساتين المحيطة بالناحية". وأضاف "حاولنا تحديد الأماكن واتصلنا بالشخصيات الأمنية وأعطيناها هذه الإحداثيات ولا نزال ننتظر الأخبار".

لكن مصادر أمنية كانت قد ذكرت في وقت سابق أن "قوة من قيادة عمليات الأنبار وبمساندة طيران الجيش، تمكنت من فك الحصار عن الجنود المحاصرين في الصقلاوية".

واستُخدمت قضية الصقلاوية من الموالين لرئيس الحكومة السابق، نوري المالكي، لتحميل رئيس الحكومة، حيدر العبادي، مسؤوليتها واتهامه بالتأخر في إرسال التعزيزات الى الجنود المحاصرين.

وقال رئيس الكتلة البرلمانية لحزب "الدعوة"، علي البديري، في مؤتمر صحافي، إن "تنظيم داعش بعدما حاصر أكثر من 400 جندي في منطقة الصقلاوية، استخدم غاز الكلور لأول مرة، وفجّر أيضاً سيارات مفخخة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 300 جندي منهم بسبب الاختناق".

وحمّل البديري العبادي، بصفته القائد العام للقوات المسلّحة أيضاً، وقائد عمليات الأنبار الفريق، رشيد فليح، المسؤولية الكاملة عن مصير الجنود، مؤكداً أنهما "لم يتخذا الإجراءات الفورية العاجلة لإنقاذ الجنود رغم كثرة المناشدات". ووصف الحادثة بأنها "سبايكر ثانية".

ودفعت الاتهامات العبادي الى إصدار أوامر بحجز آمري الأفواج المقصّرين في حادثتي منطقتي الصقلاوية والسجر شرقي الفلوجة والتحقيق معهم.

وأوضح متحدث باسم رئيس الوزراء العراقي في تصريح صحفي أن "القائد العام للقوات المسلّحة وجّه ومنذ أربعة أيام بإيصال الإمدادات والتعزيزات العسكرية إلى القوات العراقية المحاصرة هناك، كما أمر بتكثيف الطلعات الجوية ضد معاقل تنظيم داعش الذي يحاصر قوات الجيش العراقي في المدينة".

وأكد أن "العبادي كان يتابع وبشكل مفصّل كل ما يتعلق بهذه القضية، وأن قوات من الجيش العراقي قامت فعلاً بالتقدم لتطهير تلك المناطق".

وأضاف أن "القوات تم تجميعها في المواضع الدفاعية والهجومية وهي تسيطر حالياً على الشريط الواقع شرقي الفلوجة، من منطقة السجر إلى الحيدان وتستعدّ لتحرير باقي المناطق". وأكد "إرسال قوات مكافحة الإرهاب لهذا الغرض ومحاسبة المقصّرين".

لكن مصدراً عسكرياً، رفض الكشف عن اسمه، يكشف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "القادة الأمنيين رفضوا الانصياع لأوامر العبادي، الأمر الذي دفعه الى إرسال قوات مكافحة الإرهاب لاحتجازهم"، مؤكداً أن "الضباط سيخضعون للتحقيق".

ويوضح المصدر أن "ما حدث في الصقلاوية هو إخفاق وتقصير متعمد، يحمل أبعاداً سياسية أكثر منها أمنية، بعد أن رفض قادة في الجيش تنفيذ أوامر العبادي بمساندة الجنود المحاصرين".

ويرى المصدر أن "المؤسسة العسكرية العراقية تشهد انقلاباً تقوده المليشيات التي دمجها المالكي في الجيش والشرطة". ولفت إلى أن "القادة لم يوصلوا الى الجنود المحاصرين أي إمدادات أو تعزيزات عسكرية من طيران الجيش، كما أمر العبادي".

بدوره قال وزير حقوق الانسان، محمد مهدي البياتي، إن وزارته "بدأت في التحقيق في حادثة الجنود في الصقلاوية". وأشار في بيان صحافي الى أن "هناك أخباراً تتحدث عن قيام داعش بارتكاب مجزرة ضد الجنود في الصقلاوية". وأضاف "وجهنا بفتح تحقيق، وعندما نصل الى الحقائق سنكشفها للرأي العام".

من جهتها، حذرت وزارة الدفاع، "داعش" من المساس بحياة هؤلاء الجنود، متوعدة بـ"الضرب بقوة وعنف" كل من يقف معه من "الخونة".

ويأتي ذلك في وقت يسعى فيه العبادي، بصفته قائداً عاماً للقوات المسلحة، الى عزل قادة الأجهزة الأمنية الموالين للمالكي وتعيين آخرين، بعد تسريب أنباء عن "عرقلتهم" قرارات العبادي، وبدأ بذلك فعلاً عبر عزل رئيس أركان الجيش الفريق الركن، عبود قنبر، ومعاونه الفريق، علي غيدان، وسلّم المنصبين بشكل مؤقت للجنة عسكرية.