معبر نصيب: حسابات عسكرية واقتصادية

معبر نصيب: حسابات عسكرية واقتصادية

31 أكتوبر 2014
المعارضة تكسب معركة الحدود مع الأردن (صالح محمود ليلا/الأناضول)
+ الخط -


تتواصل المناوشات بين قوات النظام السوري وكتائب المعارضة في درعا، جنوبي البلاد، في إطار تحرّكات قوات المعارضة للوصول الى معبر نصيب الحدودي، بعد سيطرتها قبل أيام على حواجز رئيسية عدة في المنطقة كأم المياذن، والكازية، والمعصرة، التي كانت تُعتبر خطوط دفاع رئيسية عن المعبر الوحيد، المتبقّي مع النظام على الحدود السورية مع الأردن.

وقد نفى عدد من قادة قوات المعارضة في المنطقة، أن تكون عملية السيطرة على المعبر قد توقفت بطلب من جهات خارجية (الأردن)، كما أُشيع في العديد من الأوساط. وقال قائد فرقة "فلوجة حوران"، أبو هادي، إن "الأردن لم ولا يتدخل أبداً في سير المعارك داخل سورية". وأكد أن "معركة الوصول الى المعبر (معركة أهل العزم) ستتواصل، وأن توقّفها لأيام عدة هو لأسباب عسكرية وتكتيكية، تتعلّق باستكمال الاستعدادات للمعركة، ولا علاقة لها بأي طلبات خارجية".

وأضاف أن "السيطرة على منطقة معبر نصيب، هدفها طرد قوات النظام من الشريط الحدودي لمحافظة درعا بالكامل، والتفرّغ لقتاله في جبهات أخرى". وأشار إلى أن "قوات المعارضة تفرض الآن شبه حصار على المعبر الحدودي، وقد يتقدم عناصرها الذين يرابطون على بعد مئات الأمتار فقط من البوابة الحدودية، في أية لحظة".

واعتبر عضو المجلس العسكري في أركان "الجيش السوري الحرّ" أيمن العاسمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "سقوط المعبر مسألة وقت، لكنه ليس طويلاً، وقد لا يتعدّى الـ10 أيام". ورهن ذلك بما يُمكن وصفه بـ"ضوء أخضر من الدول المجاورة". في اشارة إلى الأردن، الذي لا يحبّذ سيطرة فصائل مسلّحة على المعابر، وبادر إلى اغلاق معبر الجمارك القديم، قبل حوالي سبعة أشهر عندما سيطرت عليه فصائل المعارضة".

وأوضح أن "فاعلية المعبر انتهت مع سقوط هذه الحواجز، لأن المعبر بات بحكم المُغلق اليوم، والوصول إليه غير آمن". واعتبر أن "نتائج هذه المعركة هي رسالة سياسية للنظام، أكثر منها عسكرية، ومفادها أنه لم يعد للنظام وجود في تلك المنطقة، وذلك توطئة لطرده من محافظة درعا كلها، خصوصاً أن لا وجود للنظام في درعا البلد، باستثناء جزء من حي المنشية".

وبينما يجري الاعداد لطرد قوات النظام من درعا المحطة أيضاً، حيث لا يزال يحتفظ ببعض القوات والمؤسسات الحكومية، لكن عاسمي أبدى تخوّفه من أن يخف الدعم العسكري الخارجي لقوات المعارضة، ما سيؤدي حتماً إلى تراجع وتيرة عملياتها العسكرية في درعا.

وأعرب عن اعتقاده بأن "القرار الدولي لم يتخذ بعد باسقاط النظام، وانما باضعافه بحدود معينة من أجل دفعه إلى قبول حضور مؤتمر جنيف 3، فيكون موقفه أضعف ويقبل حينها بمبادئ مؤتمر جنيف واحد، القاضية بتشكيل جسم سياسي يدير مرحلة انتقالية، تأخذ صلاحيات رئيس النظام وتُبعد الأخير عن واجهة الحكم".

غير أن مراقبين يشيرون إلى مخاوف أردنية متعددة من سيطرة قوات المعارضة على المعبر الحدودي، يتمثل أولها في امكانية تعرّض المنطقة الحرّة التي بناها الأردن في المعبر، للتدمير عبر القصف المدفعي أو الجوي، أو حتى وصول القصف إلى داخل الأراضي الأردنية.

وقد يضع هذا الحكومة الأردنية في موقف حرجٍ، يُلزمها بالردّ على مصادر النيران (كما تفعل تركيا واسرائيل مثلاً)، ما يعني تورطاً اردنياً مباشراً في الصراع، خصوصاً أنه لم يسبق لعمّان استهداف قوات نظامية سورية خلال الصراع الراهن في البلاد.

ومع السيطرة على هذه المناطق، تكون قوات المعارضة قطعت طريق الامدادات التي تصل إلى النظام من جنوب السويداء وبصرى الشام، فضلاً عن تحييد أربع سرايا منتشرة اليوم في معبر نصيب ومحيطه لحماية الحدود، التي اعتادت القصف يومياً على القرى الحدودية غير الخاضعة لسيطرة النظام، مثل نصيب وأم المياذن والجيزة والطيبة وأم ولد.

كما أن المعبر بوضعه الراهن بات أشبه بالقلعة الأمنية للنظام، حيث يتم مراقبة واعتقال المطلوبين للنظام من الداخلين والخارجين، وفيه فصيلتان من الاستخبارات العسكرية والجوية، لغرض اجراء التحقيقات والاعتقالات لمستخدمي المعبر والمطلوبين من القرى المجاورة.

وتكمن أهمية الحواجز التي سيطرت عليها قوات المعارضة، وخاصة حاجز أم المياذن في وقوعها على أوتوستراد دمشق عمان الدولي، اضافة إلى أن الحاجز يُعتبر خط الدفاع الأول عن معبر نصيب الحدودي، وهو المعبر الوحيد المتبقّي للنظام مع الأردن، كما يقطع التواصل بين قرى عدة في الريفين الشرقي والغربي لدرعا.

ويقول ناشطون إن "النظام جهّز معبراً حدودياً في منطقة الرويشد، أقصى شرق محافظة السويداء، على المثلث الحدودي بين الأردن وسورية والعراق، كبديل عن معبر نصيب، كي يضمن وجود منفذٍ في ظلّ شح المنافذ الحدودية الذي يواجهه".

ويؤكدون أن "المعبر مهم لكل من النظام السوري والأردن، وعبره يستورد الجانب السوري سيارات الدفع الرباعي وقطع غيار وغيرها من المستوردات الأساسية، بينما تدخل عبره الى الأردن الخضر والمنتجات السورية واللبنانية، فضلاً عن الاستثمار في المنطقة الحرة السورية الأردنية المشتركة، المحاذية للمعبر".