القوات الخاصة ببنغازي تنضم لحفتر والحكومة تدعو لتعليق البرلمان

القوات الخاصة ببنغازي تنضم لحفتر والحكومة تدعو لتعليق البرلمان

18 مايو 2014
الجيش أعلن التزامه بالشرعية (محمود تركية/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

 

اكتمل مشهد محاولة الانقلاب المستمرة منذ أربعة أيام في ليبيا، بشكل مباشر، ومنذ فبراير/شباط الماضي بشكل غير مباشر، على يد اللواء خليفة حفتر، بعدما نقل الرجل معركته من بنغازي، حيث تراجعت قواته، إلى العاصمة طرابلس. وترجم ذلك، يوم الأحد الماضي، بالهجوم على المقرات السيادية، بعد استهداف مبنى المؤتمر الوطني (البرلمان) واقتحامه وإحراق أجزاء منه، واختطاف موظفين منه، وسرقة وثائق مهمة خاصة بمَن يشملهم قانون العزل من أركان ورموز نظام العقيد معمر القذافي، كاللواء حفتر مثلاً.

لكن تداعيات محاولة انقلاب حفتر، الذي تربطه علاقات "أمنيّة" وطيدة مع الولايات المتحدة، وأجهزة استخباراتها، لم تنته بعد، ولا سيما مع إعلان قوات ليبية جديدة الانضمام له يوم الإثنين. يأتي ذلك بينما اقترحت الحكومة الليبية دخول المؤتمر الوطني في "إجازة برلمانية" حتى انتخاب برلمان جديد، فيما لجأت بعض الدول إلى إجلاء بعثاتها من ليبيا خوفاً من تدهور أمني أكبر. أما الجزائر، فواصلت إجراءاتها لتأمين حدودها بإعلان مصدر أمني أن الجزائر قررت فرض قيود على العبور عبر الحدود البرية مع ليبيا بسبب مخاوف أمنية.


انضمام قوات جديدة لحفتر 

وأعلن قائد القوات الخاصة الليبية في بنغازي، ونيس بوخماده، انضمام قواته إلى "عملية الكرامة" التي يقودها حفتر، الذي بدا في خطابه كأنه يستعير مفردات خطاباته حيال الإسلام السياسي، من حكام مصر ما بعد الثالث من يوليو/تموز، والإمارات، المصابتين برهاب الإسلام السياسي "الإرهابي". وقال بوخماده لوكالة "رويترز" في مدينة بنغازي في شرق البلاد: "نحن مع حفتر".

كذلك أعلنت قاعدة جوية في مدينة طبرق شرقي البلاد، في بيان نشر، يوم الإثنين، على مواقع للتواصل الاجتماعي أنها "قررت الانضمام لقوات حفتر التي تقاتل الإسلاميين". وتنضم القوات الجديدة إلى  لواءَي "الصاعقة" و"القعقاع" اللذين انضمّا إلى رجال حفتر. ولم تكن محاولة الانقلاب المدعّمة بالطائرات والأسلحة الثقيلة والمدرعات والمصفحات، الموضوعة في خدمة حفتر، لتكتمل، إلا بانضمام اللواءين المعروفين بعدائهما لكل ما يمتّ للإسلاميين، أكانوا "معتدلين" أم "متشدّدين" بصلة، وعلاقاتهما ببعض الدول الخليجية، كالإمارات، معروفة.

في المقابل، أعلنت جماعة "أسود التوحيد" القريبة من تنظيم القاعدة في ليبيا، يوم الإثنين أنها ستقاتل القوات الموالية لحفتر. وأضاف أحد المسلحين الملثمين، الذي عرف عن نفسه باسم أبو مصعب العربي، في شريط مصور، أن الجماعة "ستنضم إلى الميليشيات الإسلامية الأخرى التي استهدفها الموالون لحفتر"، وذلك بحسب ما نقلت وكالة "أسوشييتد برس".

ومن غير المعروف ما إذا كانت مجرد صدفة أن تكون التطورات الأمنية الأخيرة، التي بدأت يوم الجمعة، جاءت بعد ساعات فقط على إعلان وزارة الدفاع الأميركية عن نقل عدد من القوات الأميركية الخاصة إلى جزيرة صقلية، المجاورة للسواحل الليبية، بسبب "بواعث قلق بشأن الاضطرابات في شمال أفريقيا، ما يعزّز قدرة الولايات المتحدة في الردّ على أي أزمة". وكان لافتاً أيضاً الصمت الأميركي المتواصل منذ ثلاثة أيام، إزاء التطورات الليبية الأخيرة.

الجيش ملتزم بالشرعية

وفيما هدأت الأوضاع الميدانية في الساعات الماضية، جددت قيادة رئاسة الجيش الليبي التزامها بالشرعية الدستورية في البلاد، وتحقيق أهداف ثورة فبراير، التي أنهت حكم العقيد معمر القذافي.

وعبرت رئاسة الجيش، في بيان لها يوم الإثنين، نقلته وكالة "الأناضول" عن استهجانها لكافة "الأعمال الإرهابية التي تستهدف منتسبي الجيش والمواطنين"، مؤكدة أنها "تعمل على اجتثاث الإرهاب بالتعاون مع الثوار الحقيقيين لصالح الوطن والشعب".

وأشارت رئاسة الجيش، إلى أنها تراقب الأحداث الدامية، التي تعيشها مدن ليبية عدة، و"تعمل بكافة جهدها على وقف نزيف الدم ووضع حد للفوضى"، معتبرة أن "الانقسام بين الليبيين ضاعف من الأفعال الدنيئة لأعداء الوطن من الإرهابيين والانقلابيين".

ودعا البيان إلى العمل من أجل "التهدئة والحوار وقطع الطريق على أعداء الوطن في الداخل والخارج"، مطالباً الجميع "بالحوار والمصالحة لتحقيق الأمن".

وكان قائد جهاز الشرطة العسكرية في الجيش الليبي، مختار فرنانة، قد ظهر في تسجيل مصور، يوم الأحد الماضي، يعلن فيه تجميد عمل البرلمان الليبي، وتكليف الهيئة التأسيسية للدستور بأعمال السلطة التشريعية وتشكيل حكومة طوارئ جديدة، الأمر الذي نفاه الجيش فيما بعد، متعهداً بملاحقة كافة العسكريين الذين يحاولون الانقلاب على السلطة.

من جهته، أصدر القائد الأعلى للجيش الليبي، رئيس البرلمان، نوري أبوسهمين، قراراً بتكليف آمر قوة درع ليبيا الوسطى (قوة احتياطية للجيش الليبي مكونة من المقاتلين الثوار) بمهام تأمين طرابلس، وحماية مداخلها ومخارجها ومؤسساتها الحكومية.

ووصف أبوسهمين في التكليف، ما يحدث في طرابلس بأنه "يشكل تهديداً للأمن القومي الليبي ومساساً بثورة فبراير"، حسبما ذكرت وكالة أنباء الأناضول.

مبادرة حكومية

في هذه الأثناء، أعلنت الحكومة الليبية المؤقتة، في ختام اجتماع طارئ لها، الإثنين، أنها قدمت "مبادرة وطنية" إلى المؤتمر الوطني العام تقضي بأن يدخل هذا المؤتمر في "إجازة برلمانية" حتى انتخاب برلمان جديد.

وجاء في بيان صادر عن الحكومة، نقلته وكالة "فرانس برس"، أنها "تتقدم إلى المؤتمر الوطني العام بمبادرة وطنية لرأب الصدع" تتضمن نقاطاً عدة، بينها "دخول المؤتمر الوطني العام في إجازة برلمانية حتى يتم انتخاب البرلمان القادم، وتسلم له السلطة التشريعية عند ذلك". 

وقبيل طلب الحكومة تعليق أعمال البرلمان، أكد النائب في البرلمان الليبي عبد الوهاب القايد، أن "البرلمان سيعقد جلسة عادية غداً الثلاثاء يمنح خلالها الثقة لحكومة رئيس الوزراء الجديد، أحمد معتيق، ومناقشة ملف المحاولات الانقلابية المتتالية".

وعبّر القايد عن أسفه "لمحاولات شرعنة الانقلابات" التي يقودها العسكريون المتقاعدون أمام الرأي العام عبر وسائل الاعلام الليبية والدولية، في إشارة إلى قوات حفتر.

وسبق لميليشيات "القعقاع" و"الصواعق"، المتحالفتين مع حفتر، أن أعربتا صراحةً  أنهما هاجمتا البرلمان، الأحد الماضي، "لأن النواب دعموا الإرهاب"، مطالبتين بتعليق عمل البرلمان، وتسليم السلطة إلى هيئة تضع دستوراً جديداً" للبلاد.

وفي السياق أيضاً، كان طبيعياً أن يقول حفتر إن العملية العسكرية التي بدأها، منذ يوم الجمعة في بنغازي، شرق البلاد، تحت اسم "كرامة ليبيا"، "ليست انقلاباً ولا سعياً إلى السلطة، ولا تعطيلاً للمسار الديموقراطي الذي اختاره الليبيون، بل استجابة لنداء الشعب الليبي، وهي معركة الدفاع عن الشعب وصيانة لأرواح ضباط وجنود الجيش الليبي التي تزهق كل يوم". وتابع حفتر، في بيانه، الذي قال إنه صدر في مدينة بنغازي، أنه "ما دام الإرهاب قد فرض علينا المواجهة، فلتكن بالسلاح".

إجلاء دبلوماسيين والجزائر تغلق الحدود

في غضون ذلك، يستمر القلق العربي والغربي من تطوات الأحداث في ليبيا. وأعلن السفير السعودي في ليبيا، محمد محمود العلي، أن "السفارة السعودية والقنصلية علّقت أعمالهما بالكامل وأغلقت أبوابهما يوم الإثنين".

وأوضح السفير السعودي، في تصريح لوكالة الأنباء السعودية "واس"، أن "كامل البعثة الدبلوماسية غادرت العاصمة الليبية على متن طائرة خاصة نتيجة للأوضاع الأمنية التي تمر بها ليبيا حالياً".

وأوضح أنه "نتيجة للظروف الحالية، والوضع الأمني، غادرت البعثة بالتنسيق مع الجانب الليبي"، مشيراً إلى أنه سوف تعود البعثة حال استقرار الأوضاع في العاصمة الليبية. وأكد أنه يتم التواصل مع "الجانب الليبي حول المستجدات كافة".

وفي أنقرة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، تانجو بيلجيك، إن "تركيا أغلقت قنصليتها في مدينة بنغازي يوم الاثنين عقب تلقي تهديد بمهاجمتها".

وأضاف "أُغلقت القنصلية كإجراء أمني، وسيتقرر ما إذا كانت ستظل مغلقة غداً أم لا في ضوء الوضع الأمني".

وقال شاهد عيان لوكالة "رويترز" إنه "تم إنزال العلم التركي من فوق مبنى القنصلية في ثاني أكبر مدينة ليبية، لكن لم يتم إجلاء المسؤولين والموظفين الأتراك".

من جهته، قال مصدر أمني جزائري لوكالة "رويترز" إن الجزائر فرضت قيوداً على المعابر الحدودية، وتسمح فقط بعبور المواطنين الجزائريين من ليبيا والمواطنين الليبيين إلى ليبيا.
بدوره، أعلن مصدر في شركة الطاقة الجزائرية الحكومية "سوناطراك"، يوم الاثنين، أن الشركة أمرت عمالها بالعودة من لييبا بسبب مخاوف أمنية في الدولة المجاورة.

وقال المصدر إن حوالي 50 من عمال سوناطراك كانوا يعملون في ليبيا، وسيغادرون كلهم خلال يومين. 

وفي ردود الفعل الغربية، دعا  الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف إلى تجنب أي استخدام للقوة، معرباً عن قلقه حيال استمرار تدهور الوضع في ليبيا.

وقال المتحدث باسم وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين آشتون، مايكل مان، إن "الاتحاد يدعو الليبيين إلى العمل معاً من أجل تعزيز احتمالات انتقال ناجح في ليبيا".

المساهمون