الإمارات تكافح لإنقاذ حفتر: لا نيّة لدعم الحلّ السياسي

الإمارات تكافح من أجل إنقاذ حفتر: لا نيّة لدعم الحلّ السياسي

12 مايو 2020
واصلت قوات الوفاق استهداف مليشيات حفتر (الأناضول)
+ الخط -
تسعى دولة الإمارات لإنقاذ أوضاع حليفها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي عوّلت عليه في تنفيذ مشروعها في ليبيا، في وقت لا تزال قوات حكومة "الوفاق" تستهدف مواقع حفتر في مختلف المناطق.

وفي آخر المستجدات الميدانية، قال المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب" عبد المالك المدني، إن المدفعية الثقيلة استهدفت، فجر اليوم الثلاثاء، أحد مراصد مليشيات حفتر في منطقة الوشكة، غرب سرت، مؤكداً تدميره بالكامل. وأضاف، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن سلاح الجو واصل عملياته الاستطلاعية والقتالية في أجواء غرب البلاد، مشيراً إلى أن ضرباته دمرت، ليل أمس الإثنين، شاحنة وقود لمليشيات حفتر بمنطقة الشويرف، الواقعة على خطوط الإمداد الواصلة بين قاعدة الجفرة وجنوب طرابلس، بالإضافة لاستهداف آليات مسلحة بمحيط وداخل قاعدة الوطية الجوية، جنوب غربي طرابلس.

في غضون ذلك، كشفت مصادر برلمانية مقربة من رئيس مجلس النواب المجتمع بطبرق عقيلة صالح، عن فشل جهود المصالحة التي تقودها دولة الإمارات بينه وبين حفتر، بعد إصرار صالح على المضي في تفعيل مبادرته السياسية التي أعلن عنها نهاية إبريل/نيسان المنصرم بين الأوساط الليبية، معتزماً لقاء أكبر قدر من وفود المناطق والقبائل لحشد الدعم لمبادرته التي أكدت المصادر نفسها لـ"العربي الجديد"، أنها لقيت أيضاً تشجيعاً مصرياً وروسياً.

وبالتزامن مع جهود الإمارات المحلية من أجل إنقاذ ما تبقى من مشروعها في ليبيا بعد تزايد ملامح فشل دور حفتر، خصوصاً مع قرب سقوط آخر معاقله في غرب البلاد، يرى الباحث السياسي الليبي سعيد الجواشي، أنها دفعت الدول المتوسطية لإصدار بيانها الخماسي من القاهرة، أمس الإثنين، كمحاولة لعرقلة الدعم التركي لقوات حكومة "الوفاق" التي شارفت على اقتلاع وجود قوات حليفها حفتر من الغرب الليبي.
وركز البيان الخماسي، الذي وقعت عليه مصر وفرنسا واليونان وقبرص وانضمت إليه الإمارات، على الاعتراض على مذكرتي التفاهم الأمنية والبحرية بين حكومة الوفاق والحكومة التركية، معتبراً أن المذكرتين وسيلة للتدخل التركي في ليبيا الذي يمثل "تهديداً لاستقرار دول جوار ليبيا في أفريقيا وكذلك في أوروبا".

من جانبها، انتقدت وزارة الخارجية بحكومة الوفاق البيان، معتبرة أنه تضمن "مغالطات وتجاوزات بحق الدولة الليبية وسيادتها الوطنية"، معربة عن استغرابها لانضمام دولة الإمارات إلى هذا البيان الخاص بشرق المتوسط "وهي ليست دولة متوسطية، ما يوحي بأهداف ومآرب أخرى".

ويرى الجواشي في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن دفع الإمارات للدول المتوسطية الأربع لإصدار هذا البيان، يأتي لدعم عملية "إيريني" الأوروبية المتعثرة، والتي تقف وراءها فرنسا، كوسيلة لعرقلة وصول الدعم التركي عبر البحر إلى حكومة الوفاق وقواتها.

وبعد أشهر من توالي الدعوات الدولية لـ"هدنة إنسانية"، تجددت الدعوة للعودة للعملية السياسية ووقف إطلاق النار، آخرها دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس لوقف إطلاق النار وإحياء العملية السياسية، وفق تقريره الذي قدمه لمجلس الأمن عن عمل البعثة الأممية في ليبيا أمس الإثنين.

لكن الجواشي لا يرى نية لدى الإمارات في دعم الحل السياسي والعودة للمفاوضات التي توقفت قبل أشهر، مقابل ميلها للاستمرار في دعم حفتر، معللاً ذلك بـ"تورطها في دفع ملايين الدولارات لدعم حفتر، كما أنها رهنت مواقفها السياسية لدى حلفائها الغربيين، وخصوصاً في واشنطن، لصالح دعم حفتر وإمكانية لعبه دوراً أساسياً للسيطرة على الأوضاع والفوضى التي تعيشها ليبيا"، معتبراً أن قادة الإمارات لا ينظرون في الخيارات السياسية التي يمكن أن تفرز شخصيات جديدة وهياكل سياسية قد تتعارض مع أطماعها.

وتتطلب عودة المشهد الليبي إلى طاولة الحوار، بالإضافة لوقف القتال، تعيين مبعوث أممي جديد خلفاً لغسان سلامة المستقيل منذ مطلع مارس/آذار الماضي، لكن يبدو أن الإمارات تسعى لجعل المنصب شاغراً، فقد مارست ضغوطاً دبلوماسية على واشنطن، وحثتها على الاعتراض على تعيين الدبلوماسي الجزائري رمطان لعمامرة لشغل المنصب، لأنها تعتبره مقرباً من حكومة الوفاق، بحسب تقرير لـ"فرانس برس" في التاسع من إبريل/نيسان.

ويرجح الجواشي أن أحد أهداف الإمارات، من خلال دفعها لإصدار البيان الخماسي ومشاركتها فيه، هو محاولة لملمة شتات حلفائها الذين يبدو أنها خسرتهم، فأغلب العواصم الأوروبية ترى في انتكاسات حفتر العسكرية أخيراً إمكانية لاستئناف العملية السياسية، أما القاهرة، التي يبدو أنها خسرت رهانها على حفتر وبدأت ملامح تورطها العسكري في الظهور، آخرها أسر إسماعيل دعماش الرائد في الجيش المصري، والذي أكدت أسره حسابات موالية لحفتر، فبدأت في تقديم الدعم لشخصيتين بديلتين عن حفتر كصانعَي سلام، للتماهي مع مرحلة ما بعد اللواء المتقاعد.

يُذكر أنّ هاتين الشخصيتين هما صالح، الذي أيدت القاهرة مبادرته السياسية، وعبد الرزاق الناظوري رئيس الأركان المعين من مجلس النواب، الذي فتحت معه مصر قناة تواصل كونه شخصية عسكرية لم تشارك في الحرب على طرابلس.
ولا تبدو أبوظبي على وفاق تام مع السياسة الروسية في ليبيا، خصوصاً وأن الدور الروسي فيها مختلف ومعقد، بحسب الكاتب السياسي الليبي علي أبوزيد. ويشرح أبوزيد رأيه بالقول إن "موسكو تنظر إلى حفتر كحليف مرحلي يساعدها في إعادة وجوه النظام السابق للواجهة"، لافتاً إلى وجود مؤشرات واضحة إلى تعويل سياسي روسي على إعادة النظام للواجهة، خصوصاً سيف الإسلام القذافي، مستدلاً بدعمها للقنوات الفضائية المحسوبة على نظام القذافي، وشرائها حصصاً فيها.

وأشار أبوزيد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى نجاح موسكو في تحالف بين حفتر وقيادات من النظام السابق، ويرى في التقارب الروسي مع تركيا دليلاً على عدم رهان موسكو على حفتر. وأضاف أن موسكو نجحت في عقد مقاربة مع تركيا لـ"منع الأوروبيين من الانفراد بالملف الليبي، وقد نجح الاثنان في هذا الأمر إلى حدّ بعيد، وكانت من نتائجه محاولة الأوروبيين استدراك الموقف بعقد مؤتمر برلين الذين لم تطبق مخرجاته على أرض الواقع إلى الآن".

لكلّ ذلك، يؤكد الجواشي، أن الإمارات تكافح لوحدها من أجل انتشال نفسها من المستنقع الليبي الذي هوت فيه، ولا خيار لها سوى الاستمرار في دعم حفتر المرة تلو المرة.