هل يطلق كورونا مسار مصالحة جديداً في المغرب؟

هل يطلق كورونا مسار مصالحة جديداً في المغرب؟

30 مارس 2020
دعوات لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين بالمغرب (فاضل السنا/فرانس برس)
+ الخط -
في الوقت الذي تواصل فيه الدولة المغربية حربها ضد فيروس كورونا الجديد، في ظل إجماع لافت على تثمين سياستها في هذا الصدد، حتى من قبل أشرس معارضيها، انضمت جمعية هيئات المحامين إلى المطالبين باستثمار أجواء ذلك الإجماع لإطلاق مصالحة تبدأ بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ومعتقلي الرأي والحراكات الاجتماعية.

وطالبت جمعية هيئات المحامين بالمغرب، في رسالة وجهتها، الاثنين، إلى وزير العدل محمد بنعبد القادر، بإطلاق مسار جديد من المصالحة الوطنية، ووقف جميع المحاكمات والمتابعات الجارية ضد نشطاء وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، والصحافيين والمدونين وكتاب الرأي، وكل المتابعين لأسباب سياسية.

كما طالبت جمعية هيئات المحامين، في الرسالة التي وصلت إلى "العربي الجديد"، بإطلاق سراح جميع المعتقـلين السياسيين ومعتقـلي الرأي والحراكات الاجتماعية، بما في ذلك حراك الريف وجرادة، داعية إلى استغلال فرصة الإجماع الوطني التي تحققت في هذه الظروف العصيبة جراء تفشي فيروس كورونا الجديد من أجل تسوية هذه الملفـات العالقة.

ومنذ بدء فرض السلطات المغربية لحالة الطوارئ الصحية في 20 مارس/ آذار الحالي، كانت لافتة دعوة العديد من الشخصيات الحقوقية والسياسية للدولة المغربية إلى تحقيق مصالحة حقيقية، تتجاوز التعبئة الجماعية ضد كورونا إلى إجراءات ذات طبيعة سياسية وحقوقية، مثل الدعوة إلى إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين.

وفي هذا السياق، وجهت شخصيات سياسية وأكاديمية وحقوقية وإعلامية وجمعوية، الأسبوع الماضي، "نداء الأمل" إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، من أجل إصدار عفو ملكي شامل عن كافة المعتقلين على خلفية حراك الريف، وعن الصحافيين المحكومين منهم والمتابعين، على اعتبار أن من شأن ذلك أن "يعزز الظرف الوطني التعبوي المتزامن مع وباء كورونا"، وأن "يقوي مناعته المرجوة، ويزيد من ثقتنا وأملنا في المستقبل".

وقال الموقعون على النداء: "لقد بدأ المجتمع برمته، في غمرة هذه المحنة، يستعيد ثقته في الدولة، وفي مؤسساتها، وفي أطرها المجندة، لما أبانت عنه، خلال هذه الأيام العصيبة، من رؤية استراتيجية وإرادة استباقية لتجاوز أسباب الأزمة ومعالجة مخلفاتها، ومن مسؤولية في الأداء وتضحية من أجل سلامة المواطنات والمواطنين، وما من شك في أن عودة الثقة هذه سوف تُمكِّن المواطن من بناء الوطن، كما سوف تُمكِّن الوطن من بناء المواطن".

وتابع الموقعون على النداء: "وفي هذه الظروف بالذات التي يجابه فيها الوطن، دولةً ومجتمعاً ومواطناً، الوباء الفتاك، مجابهةً لا مُخلَّفين فيها، فإننا، نحن الموقعين على نداء الأمل هذا، المرفوع إلى جلالة الملك، نرى أن إصدار عفو ملكي شامل عن كافة المعتقلين على خلفية حراك الريف، وعن الصحافيين المحكومين منهم والمتابعين، من شأنه أن يعزز هذا الظرف الوطني التعبوي، وأن يقوي مناعته المرجوة، ويزيد من ثقتنا وأملنا في المستقبل".

 

وإلى جانب النداء الذي وقعت عليه شخصيات وازنة، أمثال إسماعيل العلوي، الأمين العام السابق لحزب التقدم والاشتراكية، والوزير السابق بنسالم حمّيش، ونحو 200 من القيادات الفكرية والسياسية والثقافية من مشارب مختلفة، طالبت اللجان المحلية لدعم الحراك الشعبي بالريف وقضية معتقليه، بضرورة إطلاق سراح معتقلي الحراك الشعبي بالريف، وفتح مصالحة وطنية شاملة يكون عمادها التضامن بين كل مكونات الشعب لتجاوز هذه اللحظات العصيبة، داعية "مختلف القوى الحية وعموم القوى الديمقراطية إلى تكثيف العمل من أجل المطالبة بإطلاق سراح معتقلي الحراك الشعبي بالريف وعموم معتقلي الرأي ببلادنا".

وبحسب شريفة لموير، الباحثة في العلوم السياسية، فإن التلاحم الذي أظهره المغاربة لمواجهة فيروس كورونا يمكن تقويته من خلال انفراج سياسي بإطلاق معتقلي حراك الريف ومختلف الحركات الاجتماعية والسياسية، والتعاطي الإيجابي مع كل الدعوات التي تقوي الأمل عبر التجاوب الإيجابي في لحظة فارقة وصعبة من تاريخ المغرب، مشيرة إلى أنه "إذا كانت الدولة قد أظهرت مشروعية إنجاز واختارت إنقاذ أرواح البشر على التبعات الاقتصادية، فإن هذا الحس الشعبي يقوي الأمل في تحقيق دولة المصالحة، ويصب في اتجاه تقوية مفهوم سيادة القانون ويدعم المؤسسات".

وقالت الباحثة في العلوم السياسية، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "المواطن المغربي أثبت بوعيه أنه يقدم مصلحة الوطن على سواها، وأن الدولة لجميع أبنائها، كما أظهر ملك المغرب حرصه على تماسك شعبه في إطار وحدة وطنية وجعل الإنسان أسبقية على كل شيء"، لافتة إلى أنه "مع مضامين الثقة والعزم يمكن للعاهل المغربي إصدار العفو عن المعتقلين في حراك الريف، والتأسيس لمرحلة جديدة سيكون عنوانها ترسيخ سيادة القانون، كمعطى يكرس هيبة الدولة في إطار  ترسيخ القانون، دون أن ننسى أن المغرب لطالما عُرف بالتسامح مع أبنائه في إطار الوطن غفور رحيم".