هل يؤثر اقتحام المليشيات للسفارة الأميركية على تظاهرات العراق؟

هل يؤثر اقتحام المليشيات للسفارة الأميركية على تظاهرات العراق؟

بغداد

زيد سالم

avata
زيد سالم
02 يناير 2020
+ الخط -
يتابع المتظاهرون في ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية بغداد، ما يجري من تطورات على مستوى التوتر الإيراني الأميركي في بلادهم، الذي بلغ مرحلة الاحتكاك على المستوى العسكري والاحتجاجي، فكانت ضربة الأحد الماضي، التي وجهتها المقاتلات الأميركية لمعقل مليشيا "كتائب حزب الله" الموالية لطهران، في بلدة القائم أقصى غربي العراق على الحدود مع سورية.
وكانت الضربة بمثابة الرد على مقتل أميركي في قاعدة "كي وان" بمدينة كركوك، إذ إن الحكومة الأميركية تعتقد أنّ مليشيا الكتائب هي المسؤولة عنه.
كما يراقب المتظاهرون، اقتحام المليشيات، أول أمس الثلاثاء، المنطقة الخضراء"، وانتهاك حرمة السفارة الأميركية ومحاصرتها لنحو 32 ساعة، وإلحاق أضرار بعدد من المنشآت التابعة لها.

وقد اقتحم المعتصمون بقيادة رئيس هيئة "الحشد الشعبي" فالح الفياض، ومساعده جمال جعفر "أبو مهدي المهندس"، وقيس الخزعلي، وهادي العامري، وكلهم موالون لطهران، حرم السفارة الأميركية، وما لفت المتظاهرين في بغداد، أن عناصر "الحشد" كتبوا على جدران السفارة "سليماني قائدنا"، في إشارة إلى قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.

وبقيت ساحة التحرير بجماهيرها هادئة ومذهولة، طيلة الثماني والأربعين ساعة الماضية، فالمستغرب إمكانية اقتحام المنطقة الخضراء بسهولة من قبل عناصر المليشيات، مع العلم أن مئات القتلى والجرحى سقطوا في بغداد، خلال الشهرين الماضيين، بنيران قوات الأمن، لسبب بارز، هو نية عبور أحد الجسرين؛ الجمهورية أو السنك، فيما لم يتعرض أي من المعتصمين وجماهير الفصائل لأي أذى خلال اقتحامهم مبنى السفارة الأميركية، فيما يتوقع آخرون من ساحات بغداد التي تواصل احتجاجها منذ الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أن يؤثر التوتر الأميركي الإيراني على التظاهرات العراقية.
وتواصل "العربي الجديد"، مع أكثر من متظاهر وناشط في بغداد، بشأن ملف التوتر الأخير بين أميركا وإيران، وقد أجمع معظمهم على أن ما يجري حالياً في العراق، هو "أمر كارثي، فعلى الرغم من كل التضحيات التي قدمها العراقيون، خلال الفترات الماضية، وفترة التظاهرات الأخيرة على وجه الخصوص، من أجل إبعاد العراق عن نيران المشاكل الدولية والإقليمية، والنأي بالنفس عن الخط الإيراني، إلا أن أطرافاً مسلحة تسعى إلى توريط العراق ببحيرة من دم، وحرب لا ناقة للعراقيين فيها ولا جمل"، مبينين أنّ "ساحات التظاهر ترفض النفوذ الإيراني والفصائل المدعومة من طهران، والتي لا توالي العراق، وتتخذ من البلاد معسكر عمل، ومكاناً للاقتتال، وبالتالي هناك خشية من قمع التظاهرات أكثر من السابق، بسبب اعتقاد الأحزاب العراقية بأن التظاهرات مدعومة أميركياً، وأن هذه هي الفترة المناسبة لإسكات المحتجين السلميين".

وأعرب الناشط علي كاظم عن مخاوفه من أن يكون التوتر الحالي والتصعيد بين واشنطن وطهران، فرصة للقوى الموالية لإيران من أجل عودة القمع والعنف ضدهم. وأضاف: "وسائل الإعلام بدت أنها غير مهتمة بالتظاهرات باليومين الماضيين، بسبب ما حدث من هجوم على السفارة، وهذا قد يمنح المليشيات والسلطة فرصة لمعاودة إرهابها ضدنا".
في السياق، قال عضو مجلس النواب العراقي عن تحالف "الفتح" المدعوم من إيران، حسن سالم، إنّ "الاحتجاجات اليوم لم يكن غرضها استعراض العضلات، إنما كانت من أجل الأخذ بالثأر من أميركا"، وفقاً لزعمه، مقرّاً في حديث إلى "العربي الجديد"، بأن "جميع قادة "الحشد الشعبي" كانوا موجودين لحظة اقتحام حرم السفارة الأميركية "لكنهم لم يوافقوا على التخريب، إلا أن مثل هذه الأمور تحدث في أي تظاهرة شعبية"، وفقاً لتعبيره.
واعتبر أن "تظاهرات "الحشد" هي رسالة، وإذا لم تصل إلى الولايات المتحدة، فستكون للمقاومة الإسلامية طرقها الأخرى في تفهيم المحتل ما يريده الشعب".
وتطلق المليشيات العراقية المرتبطة بإيران على نفسها اسم "المقاومة الإسلامية".

وفي سياق موازٍ، اتهم عضو بائتلاف "دولة القانون" الذي يتزعمه نوري المالكي، من وصفهم بـ"كتيبة أميركية خاصة" بالتورط بقتل المتظاهرين، وأضاف: "اكتشفنا ذلك لأنها كانت تقنص المتظاهرين، وهي الطرف الثالث، وهدفها إشعال حرب أهلية في العراق"، وفقاً لحديث مع "العربي الجديد"، قال فيه إنه "آن الأوان لأن تُغلق السفارة الأميركية في بلادنا، وأن تُطرد كل أشكال الوجود الأجنبي".
إلى ذلك، رأى المحلل والباحث العراقي عبد الله الركابي، أنّ "الفصائل التي اعتصمت واقتحمت مبنى السفارة الأميركية، تسعى إلى ضرب أكثر من عصفورٍ بحجر واحد، فقد تفاقم عندها الغضب، من ضربات متتالية أميركية موجعة، وكان آخرها الدعم الإعلامي للاحتجاجات العراقية المناهضة للحكومة العراقية المقربة من إيران، والأحزاب التي توالي طهران علانية".
ولفت، في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، إلى أنّ "الفصائل سعت اليوم إلى توجيه ضربة غير مباشرة إلى التظاهرات العراقية، بحجة أنها مدعومة من أميركا... وقد يؤثر الأمر فعلاً على الاحتجاجات خلال الأيام المقبلة، من خلال حملات إعلامية أكثر كثافة من السابق، للنيل من رموز الاحتجاجات، وتسفيه المطالب الشعبية، مع زيادة جرعة الاتهامات للمتظاهرين بتلقيهم أموالاً ودعماً خارجياً".

ذات صلة

الصورة
أبو تقوى السعيدي (إكس)

سياسة

أسفر استهداف طائرة مسيّرة مقراً لفصائل "الحشد الشعبي" يتبع لـ"حركة النجباء"، عن مقتل المسؤول العسكري للحركة مشتاق طالب علي السعيدي المكنى "أبو تقوى".
الصورة
الصدريون أمام البرلمان (العربي الجديد)

سياسة

لا يزال الآلاف من أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يعتصمون في المنطقة الخضراء، وسط العاصمة بغداد، منذ قرابة شهر، وينصبون خيامهم بالقرب من مبنى البرلمان الذي كانوا قد اقتحموه مطلع الشهر الجاري
الصورة
Getty-Commemorative ceremony for Qasem Soleimani in Tehran

سياسة

القسم الثاني من السيرة الذاتية لـ"فيلق القدس"، الذراع الخارجية الضاربة للحرس الثوري الإيراني، والعنوان الأبرز في الخلافات الإقليمية والدولية مع إيران بشأن سياساتها الإقليمية.
الصورة

سياسة

عادت التظاهرات إلى محافظة ذي قار جنوبيّ العراق، على خلفية حريق مستشفى الحسين المخصص لعزل مصابي كورونا، في مدينة الناصرية مركز المحافظة، الذي سبّب مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة عشرات آخرين.

المساهمون