البرلمان العراقي يستعد لفصل تشريعي ساخن: مؤشرات لتحالفات جديدة

البرلمان العراقي يستعد لفصل تشريعي ساخن: مؤشرات لتحالفات جديدة

13 اغسطس 2019
ستعارض كتل عدة حكومة عبد المهدي(فرانس برس)
+ الخط -
لم يتمكن البرلمان العراقي خلال عامه التشريعي الأول من الاتفاق على تشريع قوانين مهمة، في مقدمتها قانون المحكمة الاتحادية، وقانون النفط والغاز، وقانون حرية التعبير، وقانون "من أين لك هذا؟" (الكسب غير المشروع). كما عجز مجلس النواب عن تفعيل حقه باستجواب وزراء في حكومة عادل عبد المهدي بسبب خلافات سياسية حادة، فيما يتوقع أن تواجه السلطة التشريعية جولة جديدة من التباينات بشأن آليات التعامل مع المادة 140 من الدستور (الخاصة بالمناطق المتنازع عليها)، التي يشدد الأكراد على تطبيقها بخلاف نواب وقوى سياسية أخرى.
كل ذلك دفع سياسيين وبرلمانيين إلى الحديث عن احتمال ظهور خارطة سياسية جديدة للتحالفات البرلمانية. مصادر برلمانية مطلعة قالت لـ"العربي الجديد"، إن قوى سياسية عراقية استغلت مناسبة عيد الأضحى في عقد لقاءات ثنائية في النجف وبغداد خلال اليومين الماضيين، لبحث موضوع تأخر إقرار القوانين المهمة وتحفظ كتل سياسية عليها، واستخدام سلاح كسر النصاب، لإفشال تمريرها، فضلاً عن مناقشة أداء حكومة عادل عبد المهدي. ووفقاً لعضو في البرلمان عن تحالف الإصلاح، فإن لقاءات جمعت زعامات سياسية في تحالفي الفتح والإصلاح بمناسبة العيد، وجرى خلالها بحث أهمية تمرير القوانين المُرحّلة من الفصل التشريعي الأول. وأضاف أن قوانين المحكمة الاتحادية، والنفط والغاز، وملف المادة 140 واستجواب وزراء بحكومة عادل عبد المهدي أبرز ما ينتظر البرلمان في فصله التشريعي الجديد مطلع شهر سبتمبر/أيلول المقبل. وأكد أن "الخلافات موجودة أيضاً في ما يتعلق بمشروع قانون الكسب غير المشروع (من أين لك هذا؟)، إذ إن بعض الكتل، لا سيما التي سبق لأعضائها أن مارسوا مهام تنفيذية قبل فوزهم في البرلمان الحالي، تخشى من تبعات هذا القانون الذي يلاحق الثروات التي حصل عليها العراقيون بطرق غير مشروعة وبأثر رجعي منذ عام 2005".

بدوره كان عبد المهدي يؤدي صلاة عيد الأضحى بعيداً عن عمار الحكيم في منطقة الجادرية ببغداد، حيث اعتادا أن يكونا سنوياً، وهو ما اعتبر مؤشراً على برود العلاقة بين الرجلين أخيراً بعد ذهاب الحكيم لخيار المعارضة وتبنيه تظاهرات ضد الحكومة خلال شهر يوليو/تموز الماضي. كما أكد مسؤولون في بغداد أن الأخير منح الضوء الأخضر باستجواب وزرائه من قبل البرلمان. ووفقاً للمصادر نفسها، فإن عبد المهدي اعتبر أن الأمر حق برلماني، لكن من حقه على البرلمان أيضاً أن يوافق على المرشح البديل لأي وزير يتم سحب الثقة منه سريعاً، وهو ما اعتبر رغبة من رئيس الوزراء بإجراء تعديلات ستكون الأولى على حكومته منذ تسلمه السلطة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

أهمية القوانين التي ينبغي أن تشرع داخل مجلس النواب دفعت عضو البرلمان رعد الدهلكي إلى الدعوة لاستغلال التقارب السياسي بين بعض قوى السلطة التشريعية، للتصويت على قوانين مهمة، خصوصاً قانون المحكمة الاتحادية الذي يتطلّب أغلبية الثلثين لتمريره، لأنه قانون دستوري ويمثل العمود الفقري للعملية السياسية. وأشار في حديث مع "العربي الجديد"، إلى وجود قوانين خلافية أخرى، إلا أنها يجب ألا تفسد للود قضية، لافتاً إلى أنه يجب أن يكون النظر إليها من زوايا مختلفة تهدف بالدرجة الأساس إلى تقويمها وتمريرها.



ولفت الدهلكي إلى أن المادة 140 من الدستور انتهت وماتت منذ سنوات لكن الأمور في المناطق المتنازع عليها يجب ألا تترك من دون حل، ولا بد من الجلوس على طاولة واحدة من أجل وضع رؤية مشتركة لهذه المناطق. وتوقع الدهلكي أن يشهد الفصل التشريعي المقبل تحالفات جديدة وقوانين وقرارات أشدّ حدة من المرحلة الماضية لأن كل شيء مبني على المصالح والرؤى.

بدوره توقع عضو البرلمان عن تيار الحكمة المعارض، حسن فدعم، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن يحدث تغيير يشمل التحالفات السياسية داخل البرلمان. وأشار إلى وجود قوى داعمة لحكومة عادل عبد المهدي كـ"الفتح وسائرون والحزب الديمقراطي الكردستاني" قد تواصل دعمه، في حين أعلنت كتل أخرى ذهابها إلى المعارضة كـ"تيار الحكمة"، لافتاً إلى أن قوى أخرى كـ"ائتلاف دولة القانون" وقوى "عربية سنية"، تراقب الأوضاع بحذر.

وتابع أن "الفصل التشريعي المقبل سيشهد طرح كثير من القضايا أهمها قانون المحكمة الاتحادية، وقانون حرية التعبير، وقوانين أخرى كالنفط والغاز، فضلاً عن استجوابات واستضافات لعدد من الوزراء"، مؤكداً أن من أهم أولويات البرلمان مناقشة البرنامج الحكومي الذي تم إعداده من قبل الحكومة والذي أظهر التدقيق أن نسب الإنجاز فيه أقلّ بكثير من المعلن"، وتوقع حدوث تعطيل في جلسة أو بضع جلسات للبرلمان، ولكن ليس بشكل مستمر.

في السياق، قالت عضو لجنة النزاهة في البرلمان عالية نصيف، إن الفصل التشريعي المقبل سيكون فصلاً رقابياً بامتياز، لأنه سيشهد 7 استجوابات في مجلس النواب، مؤكدة خلال حديثٍ صحافي أن رئيس الوزراء ارتكب مخالفة قانونية ودستورية فيما يتعلق بالمفتشين العموميين. ويصرّ عبد المهدي على تعيين مفتشين عموميين في الوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى، على الرغم من إصدار البرلمان في مارس/ آذار الماضي قراراً بإلغاء مكاتب المفتشين العموميين كونها غير دستورية.

وتعرّض مجلس النواب في الفترة الأخيرة إلى انتقادات حادة في مجالي تشريع القوانين، والرقابة على الحكومة، وهو ما دفع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي إلى تبرير ذلك بقوله إن السلطة التشريعية أعادت للحكومة 100 مشروع قانون لإعادة النظر فيها، وإرسالها مجدداً للبرلمان من أجل التصويت عليها. ووفقاً للدستور فإن الحكومة تمتلك صلاحية اقتراح مشاريع القوانين فقط، لتتم إحالتها بعد ذلك إلى مجلس النواب من أجل التصويت عليها لتصبح سارية المفعول بعد مصادقة رئيس الجمهورية.