مليون ناخب إضافي في تونس يربكون الأحزاب قبل الانتخابات

مليون ناخب إضافي في تونس يربكون الأحزاب قبل الانتخابات

21 مايو 2019
احتمال تمديد آجال التسجيل (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
قبل يوم واحد من غلق باب التسجيل للمشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة، سجلت تونس قفزة نوعية بعد التحاق مليون ناخب جديد بالسجل الانتخابي، غالبيتهم من الشباب، وسط تشكيك الأحزاب وتعبيرها عن مخاوفها بشأن هذا "التضخم" في الكتلة الناخبة.

وفي السياق، أكد نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، لـ"العربي الجديد"، أن عدد المسجلين الجدد تجاوز مليونا وسبعة آلاف ناخب، ليصل العدد الإجمالي الجديد للتسجيلات، حتى أمس الاثنين، إلى 1007611 ناخبا، موزعين كالآتي: 538532 أنثى، و469076 ذكرا، مشيرا إلى أن أكثر من 14 ألف مسجل يمثلون التونسيين المقيمين في الخارج. 

ولفت بوعسكر إلى أن 67 بالمائة من المسجلين الجدد هم من فئة الشباب لا تتجاوز أعمارهم 35 سنة، وأن 54 بالمائة منهم إناث، في حين أن حوالي 30 في المائة من المسجلين الجدد هم من طلبة الجامعات الذين تراوح أعمارهم بين 18 و25 سنة. 

وأضاف نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنه سيتم غلق عملية التسجيل غدا، الأربعاء، بعدما تم الشروع في التسجيلات يوم 10 إبريل/ نيسان الماضي، مشيرا إلى أن مجلس الهيئة برمج جلسة في اليوم الأخير لعملية التسجيل لتقييم آخر الأرقام المسجلة في عملية التسجيل والتحيين، مشيرا إلى أن إمكانية التمديد ستدرس أيضا خلال الاجتماع، بعد دعوة العديد من الأحزاب إلى التمديد في فترة التسجيل، على غرار التيار الديمقراطي وحركة الشعب وحزب آفاق تونس وحزب المسار وحزب التكتل والبديل والجبهة الشعبية والحزب الجمهوري وغيرها.

وذكر المتحدث ذاته أن عمليات التسجيل أشرف عليها قرابة 3 آلاف عون تسجيل، رافقهم 350 منسقا جهويا، وخصصت الهيئة 600 عون للإشراف على عمليات التسجيل والتحيين في مكاتب التسجيل القارة، في حين توزع بقية الأعوان على فرق التسجيل المتنقلة.

ولم تشهد هيئة الانتخابات هذا التدفق للناخبين منذ انتخابات 2014، حيث تراجع منسوب الإقبال على التسجيل، وشهدت الانتخابات التشريعية الجزئية في دائرة ألمانيا عزوفا منقطع النظير، فلم يشارك سوى 5 بالمائة في العملية الانتخابية التي جرت في نهاية العام 2017، كما عرفت الانتخابات البلدية في 2018 الماضي انتكاسة على مستوى الإقبال والمشاركة مقارنة بالمحطات الانتخابية السابقة في 2014، حيث شارك ثلث المسجلين فقط رغم أنها كانت تمثل أول انتخابات بلدية منذ الثورة.

وتستهدف هيئة الانتخابات 3.5 ملايين تونسي يحق لهم الانتخاب والمشاركة في المحطات القادمة ببلوغهم سن 18 عاما، وتشير الإحصاءات إلى أن عدد الناخبين المسجلين في السجل الانتخابي بلغ 5 ملايين و369 ألفا و892 مسجلا، وينتظر أن يلتحق بهم أكثر من 1 مليون ناخب جديد بعد انقضاء آجال التسجيل، فيما يرجح أن يبلغ عدد الناخبين أكثر من 6 ملايين ونصف مليون مسجل للمشاركة في الانتخابات التشريعية التي ستجري يوم 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، فيما تجرى الانتخابات الرئاسية في دورتها الأولى يوم 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.

وتصاعدت مخاوف الأحزاب السياسية من تدفق سيل الناخبين، وخصوصا من فئة الشباب، لتيبدأ عن مصير مليون صوت جديد محتمل لم يكن في الحسبان.

ويعتبر الجسم الانتخابي الجديد مجهولا بالنسبة للأحزاب الكبرى التي تتابع بدقة الحسابات الميدانية وحظوظها الانتخابية لتجد نفسها أمام سلة مجهولة من الأصوات غير معلومة المصير.

وانتقد حزب النهضة، صاحب الأغلبية البرلمانية، في ندوة صحافية، التسجيلات الأخيرة، حيث قال محسن النويشي/ عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة والمكلّف بمكتب الانتخابات والحكم المحلّي: "نثمن ما قامت به هيئة الانتخابات، ولكننا ضد تضخيم السجل الانتخابي".

وشكك النويشي بحذر في عملية التسجيل، مشيرا إلى وجود "شبهة" التسجيل الآلي في عملية تسجيل الناخبين لدى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، مشيرا إلى أن عددا من المواطنين في مختلف جهات الجمهورية، وخاصة من الشبان والطلبة والتلاميذ، عندما توجّهوا للتسجيل في مكاتب الهيئة وجدوا أنفسهم مسجّلين، وغالبا ما وجدوا أنفسهم مسجّلين في مكاتب اقتراع بعيدة عن مقرّات سكناهم.

وأكد القيادي في النهضة أن "هذا الإشكال أثارته أطراف عديدة، مثل الجبهة الشعبية وحركة مشروع تونس"، داعيا الهيئة إلى الرد على "هذا الإشكال الذي قد يوظّف في أمور أخرى".

من جهته، نفى رئيس الهيئة العليا للانتخابات نبيل بفون الاعتماد على التسجيل الآلي، مبينا أن الإشعارات التي بلغت الهيئة بهذا الخصوص لم تتجاوز 15 حالة.

وأكد بفون، في تصريح صحافي، سلامة عملية التسجيل، مبرزا أن هيئة الانتخابات تلقت حوالي 4 مطالب من ناخبين طالبوا فيها بشطب أسمائهم من سجل الناخبين.

ويبدو أن توسع القاعدة الانتخابية بدأ يربك الأحزاب السياسية التي تحتاج وقتا أكثر لاستيعاب المتغير الجديد، الذي قد يخلق فارقا غير منتظر، خصوصا في ظل فوضى الترشح للرئاسيات التي أطلقتها شخصيات ونشطاء، إلى جانب التداخل بين العمل الجمعوي والحزبي ببروز جمعيات خيرية وأخرى فئوية ببرامج سياسية تقترب من القواعد الانتخابية، وتدعوهم للتسجيل والتغيير.

وفي سياق متصل، قال أمين عام حركة الشعب النائب زهير مغزاوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه تمت دعوة الهيئة إلى تمديد فترة التسجيل إلى شهر يوليو/ تموز المقبل، مشيرا إلى عدم وجود أي إشكال تقني قد يعطل عمل الهيئة أو الخارطة الانتخابية.

ولفت المغزاوي إلى أن هناك حوالي 3.5 ملايين ناخب محتمل غير مسجل، في وقت سجلت عملية التسجيل حتى الآن مليون ناخب جديد، معتبرًا أن نسق التسجيل لم يكن في أوجه خلال شهر رمضان نظرا لخصوصيته.

وشدد المغزاوي على وجود مشكلة حقيقية بالنسبة للتسجيل في الخارج، إذ توجد صعوبات كبرى فى تسجيل الناخبين، مؤكدا أنه "كلما كان عدد المسجلين كبيرا كلما كانت إمكانية المشاركة فى الانتخابات أكبر، وهو ما سيضمن قدرا أكبر من الشفافية والنزاهة للعملية الانتخابية برمتها".