ما هي أهداف التصعيد الروسي الأخير ضد إدلب؟

ما هي أهداف التصعيد الروسي الأخير ضد إدلب؟

06 ابريل 2019
استهدف القصف مواقع عدة في إدلب(عامر الحموي/فرانس برس)
+ الخط -

واصلت روسيا والنظام السوري التصعيد العسكري في محافظة إدلب في إطار محاولاتهما للضغط على السكان والفصائل المقاتلة وتركيا وأوروبا، لتحقيق أهداف عدة، في مقدمتها إفراغ بعض المناطق من سكانها عبر موجات نزوح والتمهيد لسيطرة النظام على المحافظة، تحديداً ما يُسمّى "المنطقة منزوعة السلاح"، التي يفترض أنها آمنة من القصف بموجب التفاهمات الروسية التركية. وبعد يومٍ دامٍ كانت حصيلته عشرات القتلى والجرحى، واصلت قوات النظام أمس الجمعة قصف مناطق في إدلب، موقعة المزيد من الخسائر البشرية في صفوف المدنيين. وقد أُصيب مدنيان بجروح جراء القصف المدفعي على الأحياء السكنية في مدينة خان شيخون، فضلاً عن وقوع أضرار مادية جسيمة في منازل المدنيين. كما قصفت قوات النظام مناطق في بلدة جرجناز بريف إدلب الشرقي ومناطق في مدن مورك واللطامنة وكفرزيتا في ريف حماة الشمالي، أسفرت عن وقوع أضرار مادية بحسب ما أفاد به الدفاع المدني.

من جهته، استهدف الطيران الروسي بعدد من الغارات مدينة خان شيخون جنوبي إدلب، عقب وقفة احتجاجية لإحياء الذكرى الثانية لمجزرة الكيميائي في المدينة. وقالت مصادر محلية إن "الطيران الروسي استهدف محيط مدينة خان شيخون بأربع غارات صاروخية بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة استهدفت مكان الوقفة التي نظمها مواطنون وناشطون، في ذكرى إحياء مجزرة خان شيخون الكيميائية، التي سقط فيها 100 مدني وأُصيب ما يزيد على 400 آخرين". وكان القصف من قوات النظام على ريف إدلب أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 40 مدنياً في مدينة كفرنبل، بينهم أطفال ونساء، بينما جُرح آخرون جراء القصف على مدينة معرة النعمان.

وقال مركز الدفاع المدني في كفرنبل إن "عدد ضحايا القصف على البلدة ارتفع إلى 13 شخصاً، بينهم ثلاثة أطفال وامرأتان، فيما هناك جثتان مجهولتا الهوية نتيجة قصف صاروخي محمّل بالقنابل العنقودية على وسط مدينة إدلب في ذروة حركة المدنيين بالأسواق". وكشف الناشط أحمد المصري لـ"العربي الجديد"، أن "ثلاثة صواريخ عنقودية شديدة الانفجار استهدفت سوق الخميس الشعبي، في المدينة التي لا مواقع فيها أو مقار عسكرية لفصائل المعارضة المسلحة، أو هيئة تحرير الشام"، معرباً عن اعتقاده بأن "توقيت ومكان القصف كان مقصوداً بهدف قتل أكبر عدد من المدنيين". ورأى المصري أن "روسيا والنظام ربما يستهدفان ترويع الأهالي ودفعهم للنزوح، وإبقاء حالة التسخين في ادلب بهدف الضغط على تركيا في هذا الملف". ومنذ ساعات الصباح الأولى أمس الجمعة، واصل الطيران الروسي التحليق في أجواء محافظة إدلب، الأمر الذي أدى إلى إلغاء صلاة الجمعة في كفرنبل ومناطق أخرى، وسط مخاوف المدنيين من شن المزيد من الغارات على الأحياء السكنية.

وفي ردها على هذا التصعيد، قصفت فصائل المعارضة مواقع لقوات النظام في بلدة محردة بريف حماة الغربي ما أدى الى مقتل عنصر لقوات النظام وإصابة اثنين. وأفادت "الجبهة الوطنية للتحرير" التابعة لـ"الجيش الحر" في بيان لها، بأنها "استهدفت مواقع قوات النظام والمليشيات الموالية لها في مدينة محردة، رداً على قصفها المناطق الخارجة عن سيطرتها".

من جانبها، ذكرت وسائل إعلام موالية للنظام، أن "شاباً قُتل نتيجة قصف مدفعي وصاروخي على مدينة محردة"، من دون تحديد صفة الشاب إن كان عسكرياً أو مدنياً. كما قُتل خمسة عناصر لقوات النظام السوري بقصف صاروخي لـ"هيئة تحرير الشام" على قرية شم الهوى جنوبي المحافظة.



وأشارت وسائل إعلام مقرّبة من النظام إلى أن "العناصر ينتمون للقوات التابعة للضابط سهيل الحسن"، فيما نشرت "هيئة تحرير الشام" مقطعا مصوّرا، أظهر استهداف مجموعة تابعة لقوات النظام بصاروخ موجه.
وفيما بررت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية القصف بإقدام الفصائل المسلحة على إطلاق صواريخ على مواقع لقوات النظام والقاعدتين الروسيتين في اللاذقية وطرطوس، رأى القيادي في المعارضة السورية المسلحة العقيد فاتح حسون، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الهدف من القصف هو إحداث شرخ في العلاقة بين الثورة السورية وتركيا، عبر مواصلة خرق اتفاق سوتشي الخاص بإدلب".

ورأى حسون أن "روسيا تحاول أيضاً اللعب على وتر النزوح، والتهديد بعمل عسكري في إدلب ينتج عنه موجات نزوح كبيرة من المنطقة التي تضم أكثر من 3 ملايين شخص، بغية الضغط على الدول الأوروبية من أجل الحصول على مساعدات مالية للنظام تحت ستار إعادة الإعمار وتشجيع عودة اللاجئين السوريين".

وكانت روسيا عززت مواقع المليشيات التي تدعمها في محيط إدلب خلال الشهرين الماضيين براجمات صواريخ متطورة، فحصلت "مليشيا النمر" و"الفيلق الخامس" على عدد كبير من الراجمات الروسية التي تستخدم بشكل يومي في القصف. وذكرت مصادر معارضة، أن "قصف المليشيات الذي يستهدف ريفي إدلب الجنوبي والشرقي غالباً ما يكون مصدره مواقعها في أبو دالي وأم الهلاهيل والشيخ بركة شرق إدلب، وهي مواقع عسكرية متقدمة تتمركز فيها المليشيات المدعومة من روسيا وتحمي نقطة المراقبة الروسية شرق الشيخ بركة".

يأتي ذلك، فيما تواصل تركيا تسيير دوريات مراقبة في المنطقة، فسيّرت يوم الخميس الماضي، دورية المراقبة الرقم 15 من نقطة المراقبة التابعة للجيش التركي في مورك بريف حماة الشمالي باتجاه الشمال، مروراً بنقاط المراقبة في الصرمان وتل الطوقان وصولاً إلى نقطة العيس بريف حلب الجنوبي. لكن هذه الدوريات لم تمنع قوات النظام من قصف قرى وبلدات ريف إدلب الجنوبي الشرقي بعد مرور الدورية التركية.



المساهمون