الحصار يعود إلى شمال سيناء: استئناف لمخططات التهجير؟

الحصار يعود إلى شمال سيناء: استئناف لمخططات التهجير؟

25 مارس 2019
"العملية الشاملة" مستمرة منذ فبراير 2018 (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
يشعر المواطن السيناوي في الأيام الأخيرة بعودة أجواء الحصار الذي عاشته محافظة شمال سيناء، مع بدء العملية العسكرية الشاملة "سيناء 2018" في فبراير/شباط من العام الماضي، حين شلّ الحصار كل مناحي الحياة في المحافظة، من دون مراعاة لأي ظروف صحية أو إنسانية، وسط اعتقاد يسود لدى مراقبين بأن ما يجري هدفه دفع المواطنين لترك المحافظة ضمن مخططات التهجير الضمني التي تشهدها المحافظة منذ سنوات. وتصطف منذ أيام عشرات الشاحنات المحملة بالبضائع والمواد الغذائية والخضروات على حاجز الميدان للجيش غربي مدينة العريش، الذي يُعد بالنسبة لأبناء سيناء معبراً رئيسياً للمرور باتجاه مدن العريش والشيخ زويد، وذلك بانتظار قرار عسكري يقضي بمرور البضائع للمدن المذكورة.

وكشف مصدر حكومي في حديث مع "العربي الجديد" أن الجيش المصري، بدأ منع إدخال جميع أنواع المواد الغذائية إلى محافظة شمال سيناء (شمال شرق مصر) حتى إشعار آخر، قائلاً: "قوات الجيش المتمركزة في كمين (حاجز) الميدان غرب مدينة العريش منعت أي شاحنة تحمل بضائع أو مواد غذائية من الدخول عبر الكمين تجاه مدن العريش والشيخ زويد وما تبقى من مدينة رفح". وأضاف المصدر الحكومي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن قوات الجيش أبلغت الجهات الحكومية المختصة في المحافظة بأن قراراً عسكرياً صدر أخيراً يقضي بعدم مرور البضائع لمدن شمال سيناء حتى إشعار آخر ودون إبداء أسباب لذلك. وأشار إلى أن قوات الجيش طلبت من بعض التجار الحصول على تنسيق مسبق لإدخال البضائع لسيناء كما كان الحال خلال فترة الحظر على شمال سيناء. وأشار إلى أن حجة الجهات الأمنية والعسكرية في سيناء تتمثل في وصول المواد الغذائية للجماعات الإرهابية في سيناء، والتي تصاعد نشاطها مجدداً في الأسابيع القليلة الماضية.

وشهدت مدن محافظة شمال سيناء في الأيام الأخيرة عدة هجمات ضد قوات الجيش، أسفر عنها وقوع خسائر بشرية ومادية، على الرغم من مرور أكثر من عام على انطلاق العملية العسكرية الأكبر في تاريخ سيناء منذ عقود، دون أن تحقق النتائج المرجوة في القضاء على تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم داعش.


في المقابل نفى اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، محافظ شمال سيناء، ما تردد حول منع دخول سيارات البضائع والمواد الغذائية إلى العريش والشيخ زويد. لكنه لم يشر إلى مدينة رفح في تصريحه، وكأنها أصبحت خارج خارطة سيناء. وأوضح في تصريحات صحافية أن الزحام على كمين الميدان غرب العريش لسيارات نقل البضائع، هو إجراء تفتيش طبيعي. واعتبر أن من يقوم بنشر هذه "الشائعات" أصحاب أهداف سيئة، ويريدون إيصال البضائع للعناصر الإرهابية في بعض المناطق جنوب المدن، منوها إلى أنه جرى رصدهم من الجهات المختصة، وسيصار إلى ملاحقتهم قريباً.

وفيما تبرّر الأجهزة المصرية إجراءاتها بالسعي لوقف الإمدادات عن المجموعات الإرهابية على فرض أنها تعتمد على المواد الغذائية الآتية بشكل رسمي إلى سيناء، إلا أن ما يجري يمثل في حقيقة الأمر عقاباً جماعياً لعشرات آلاف المواطنين الذين يقطنون مدن محافظة شمال سيناء، ويعيشون في ظروف إنسانية واقتصادية سيئة للغاية.

وبدأت بوادر الأزمة المعيشية تظهر في مدن شمال سيناء في ظل نقص المواد الغذائية في المحال التجارية والأسواق. وقال أحد تجار مدينة العريش، في حديث مع "العربي الجديد"، إن أزمة معيشية واقتصادية جديدة تتهدد مناطق شمال سيناء خلال الأيام القليلة المقبلة، في حال لم تتوقف عرقلة الجيش المصري لشاحنات البضائع المتوجهة للعريش والشيخ زويد وبقية رفح ووسط سيناء خلال أقرب فرصة. وأوضح أنه جرى التواصل مع عدد من الشخصيات الحكومية والاعتبارية ونواب مجلس الشعب عن دائرة العريش، إلا أنهم لم يتمكنوا من حل الأزمة القائمة برغم مرور ما يقارب الأسبوع على بدئها.

وأشار التاجر نفسه إلى أنه "لا توجد حجة واضحة لهذا القرار التعسفي الذي اتخذته قوات الجيش في كمين الميدان، فتارة يقولون إن البضائع بحاجة لتنسيق مسبق من جهات أمنية وحكومية عدة، وتارة أخرى يتحدثون عن أن التجار يزوّرون أوراق التنسيق بعد الحصول عليها ويغيرون الكميات المذكورة، فيما أعاد البعض القرار إلى منع وصول المواد الغذائية للإرهابيين، رغم أننا نبيع المواد الواردة إلى سيناء في الأسواق والمحال التجارية العلنية، وفي مناطق سكانية بحتة، وليس في مناطق تواجد الإرهابيين جنوب مدن العريش والشيخ زويد ورفح".

ومنذ بدء العملية العسكرية الشاملة في فبراير/شباط 2018، فرض الجيش المصري الحصار الأطول على سيناء، إذ منع حركة السكان من وإلى المدينة لأسابيع عدة، ثم فتح مجال التنقل من خلال تنسيق عبر إدارة المحافظة بالتواصل مع الجهات الأمنية، إلى أن صار السفر بلا قيود محصوراً بعدد من الأيام فقط. كما جرى منع إدخال المواد الغذائية والخضروات والوقود إلى المحافظة على مدى أشهر بقرار عسكري من قيادة عمليات الجيش. بالإضافة إلى ذلك، توقفت الدراسة في كل المراحل التعليمية، وكذلك توقفت حركة الصيد لأشهر عدة.



دلالات