السيسي يواصل إخضاع القضاة: دورات أكاديمية الشباب شرط للتعيين

السيسي يواصل إخضاع القضاة: دورات أكاديمية الشباب شرط للتعيين

25 فبراير 2019
لا انفراجة في علاقة السيسي بمجلس الدولة(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
بالتوازي مع إجراءات تمرير التعديلات الدستورية التي تفرض الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي رئيساً للسلطة القضائية ومتحكماً بكل الهيئات والمحاكم، شهدت أزمة اعتراض مجلس الدولة ومجلس القضاء الأعلى على تدريب المرشحين الجدد للالتحاق بالعمل في القضاء الإداري والنيابة العامة، في الأكاديمية الوطنية لتأهيل الشباب، مستجدات تؤدي إلى تكريس خضوع القضاء الكامل للسلطة التنفيذية، والرضوخ لتعليمات الأجهزة الأمنية والرقابية.

وكشفت مصادر في وزارة العدل لـ"العربي الجديد"، أن السيسي أمر بشكل نهائي بعدم اعتماد تعيين أي دفعة جديدة من الخريجين بعد تخطيهم الاختبارات والمقابلات الشخصية المشترطة والتحريات الأمنية والرقابية، إلا بعد الالتحاق أولاً بدورات التأهيل في الأكاديمية الوطنية، واستبعاد من لا يجتازون هذه الدورات أو يتبيّن من الفحص أن لديهم انتماءات سياسية أو أفكارا معارضة، حتى إذا كانوا من الأوائل على دفعاتهم، أو كانوا على رأس اختيارات الهيئات للالتحاق بها.
وأضافت المصادر أن وزير العدل حسام عبدالرحيم، أبلغ مجلس القضاء الأعلى ومجلس الدولة بأن آخر دفعة سيتم تعيينها من دون الخضوع لدورات الأكاديمية الوطنية، هي دفعة النيابة العامة الأخيرة التي صدر فيها قرار جمهوري الشهر الماضي، علماً بأنها كانت معطّلة لأكثر من عامين، وصدرت خالية من عشرات الأسماء التي كان قد تم اختيارها بالفعل بمعيار الكفاءة، نظراً لورود تحريات جديدة زعمت انتماء بعض أقاربهم من الدرجتين الثالثة أو الرابعة لجماعة "الإخوان المسلمين".


وأوضحت المصادر ذاتها أن السيسي وافق على استثناء هذه الدفعة فقط، بعد وساطات مكثّفة شارك فيها شقيقه المستشار أحمد السيسي، نائب رئيس محكمة النقض ورئيس وحدة مكافحة الفساد وغسل الأموال، لمصلحة عدد من زملائه الذين لهم أبناء مختارون في هذه الدفعة. كما بذل النائب العام نبيل صادق جهداً في الوساطة أيضاً، وتم التركيز على أن اشتراط حصول المختارين على دورات حالياً سيستغرق أكثر من 3 أشهر، وأن النيابة العامة تحتاج دعماً عددياً عاجلاً في كل النيابات بسبب زيادة عدد القضايا وزيادة عدد النيابات الكلية بدءاً من العام القضائي الماضي.

أما مجلس الدولة، فعلى الرغم من أن هناك صلة مصاهرة بين السيسي وشقيقه وأحد كبار نواب رئيس المجلس، فإن الرئيس المصري ما زال يرفض حتى الآن استثناء أي دفعة تعيينات، بما في ذلك الدفعتان المجمّدتان في انتظار إصداره قراراً جمهورياً بتعيينهما.
وذكرت مصادر وزارة العدل أن "العلاقة بين السيسي ومجلس الدولة لا تحتاج إلى شرح، بعد تقديم هذه التعديلات الدستورية التي تقلّم أظافر المجلس وتنزع أهم اختصاصاته، ولذلك لا يوجد في الأفق ما يشير إلى انفراجة، ليس فقط بسبب أحكام بطلان التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، بل أيضاً بسبب الاستقلال المالي ورفض المجلس خضوع قضاته للحد الأدنى للأجور وتفخيخ العديد من مشاريع القوانين دستورياً، والعمل على منع الدولة من إصدارها، وأحدثها مشروع قانون تنظيم انتداب القضاة".

وأكدت المصادر أن "تقنين وتنظيم" وصول الخريجين المختارين للتعيين في الهيئات القضائية بالأكاديمية الوطنية للشباب سيكون من اختصاص المجلس الأعلى الجديد للهيئات القضائية، الذي تنص التعديلات الدستورية الجديدة على إنشائه برئاسة السيسي وينوب عنه وزير العدل، إلى جانب مواضيع أخرى يرى السيسي ضرورة تنظيمها مركزياً، مثل توزيع المخصصات المالية، وتحديد درجات الترقية.

وكانت "العربي الجديد" قد انفردت منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي بنشر معلومات عن تنظيم دورات تدريبية للخريجين الجدد المختارين للالتحاق بهيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة، القضائيتين، في الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب التي أنشأها نظام السيسي لتفريخ جيل جديد من العناصر الإدارية الموالية له تمهيداً للدفع بها في الجهاز الإداري للدولة والأجهزة السيادية والرقابية.
وعندما عُرضت المسألة على مجلسي الدولة والقضاء الأعلى، اعترض عدد من كبار القضاة عليها، مبدين تخوّفهم من الآثار السلبية لما قد يخلّفه هذا الاتجاه الجديد، ليس فقط على المحصلة القانونية للقضاة الجدد ومدى قدرتهم على استيعاب القضايا المعروضة وإدراك مفاهيم العدالة، بل أيضاً على علاقتهم بزملائهم الأقدم والأكثر خبرة، وانضمامهم للحقل القضائي محمّلين بأفكار وانتماءات تتناقض مع السمات المفترض تمتع القضاة بها، كالحياد والنزاهة والابتعاد عن السلطة التنفيذية. ويدرس المرشحون في الأكاديمية مواد نصفها ذو طبيعة قانونية، والنصف الآخر ذو طابع أمني وعسكري وسياسي ودبلوماسي، ويُلقنون محاضرات عن حروب المعلومات والأمن الاستراتيجي، شبيهة بالمواد التي يدرسها طلاب أكاديمية ناصر العسكرية.