"واشنطن بوست": تداعيات حظر مبيعات الأسلحة الألمانية للسعودية تتسع

"واشنطن بوست": تداعيات حظر مبيعات الأسلحة الألمانية للسعودية تتسع

19 فبراير 2019
الخطوة الألمانية بدأت تظهر تداعياتها (الكسندر كويرنر/ Getty)
+ الخط -
وصفت صحيفة "واشنطن بوست" خطوة ألمانيا قطع توريد أسلحتها للمملكة العربية السعودية بسبب الحرب الدموية التي تشنها في اليمن، وسجلها الحقوقي، وكذا تورطها في عملية اغتيال الصحافي السعودي، جمال خاشقجي بقنصليتها بتركيا، إذ كانت لها ارتدادات وتداعيات أكبر من رمزية الخطوة.


وقالت الصحيفة إنه حينما أعلنت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أن حكومتها ستحظر كافة صادراتها من التجهيزات العسكرية لثاني أكبر زبون لها، السعودية، أدت الخطوة وبشكل فوري إلى تزايد الضغوط على باقي كبار الموردين للقيام بالأمر نفسه. ولفتت إلى أن الحظر الألماني جاء عقب حالة الغضب العالمي بخصوص التدخل السعودي في اليمن، وقتل خاشقجي، كاتب الرأي بالصحيفة، بقنصلية بلاده في إسطنبول، وهي عملية التصفية التي توصلت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي أي ايه" أن ولي العهد، محمد بن سلمان، يقف خلفها.

وفيما أوضحت "واشنطن بوست" أن نشطاء حقوق الإنسان صفقوا لألمانيا على اعتبار أنها أرست نموذجاً دولياً يحتذى به آنذاك، قالت إن الخطوة الألمانية مثلت بالنسبة للمنتقدين مجرد مبادرة رمزية، بالنظر لكون صادراتها من الأسلحة للرياض جرى تجاوزها خلال الأعوام الأخيرة من قبل صادرات الأسلحة الأميركية، والبريطانية والفرنسية.

غير أن الصحيفة الأميركية أبرزت أنه رغم عدم قيام أي من تلك الدول بالانضمام للخطوة الألمانية، فإنه بعد مرور ستة أشهر عليها بدأت تظهر ارتداداتها الجانبية في عواصم تلك البلدان. وأكدت في الصدد أن المخاوف تتعاظم في بريطانيا وفرنسا من أن يتسبب الحظر الألماني في تداعيات كبيرة على صادرات التجهيزات العسكرية إلى المملكة العربية السعودية من بلدان أوروبية أخرى.

وقالت إن ممثلين لأكبر شركة بريطانية للتسليح "BAE Systems" أقروا بوجود مخاوف من عدم تمكنهم في المستقبل من الحصول على أجزاء حيوية تدخل في صناعة المقاتلات الجوية "يوروفايتر تيفون"، التي تنتج جزئياً بألمانيا. كما لفتت إلى أن حظر المبيعات كان له تأثير أيضاً على صواريخ جو جو التي يتم تزويد تلك الطائرات بها، والتي تتولى إنتاجها شركة تابعة لمجموعة "ايرباص"، التي تملك بها ألمانيا عدداً من الأسهم.

إلى ذلك، قالت "واشنطن بوست" إن حكومة ميركل حينما حظرت مبيعات الأسلحة للسعودية أواخر العام الماضي، فإنها لم تمنع فحسب تصدير التجهيزات المتكاملة مثل السفن، وإنما شمل حظرها الأجزاء ذات التكنولوجيا المتطورة التي تستخدمها باقي الشركات المتخصصة بكافة أرجاء أوروبا. وأضافت أنه بينما قلصت ألمانيا مؤخراً في المجمل صادراتها من الأسلحة، إلا أنها تظل مركزاً أوروبياً محورياً في صناعة الأجزاء ذات التكنولوجيا المتطورة.

وفي هذا الصدد، ذكرت مجلة "دير شبيغل" الألمانية اليوم الثلاثاء أن وزير خارجية بريطانيا بعث برسالة إلى نظيره الألماني عبر فيها عن القلق من تأثير قرار ألمانيا بوقف صادرات السلاح للسعودية على قطاع الصناعات العسكرية في كل من بريطانيا وأوروبا.

وقالت المجلة إن الوزير جيريمي هنت قال في الرسالة "أشعر بقلق بالغ من تأثير قرار الحكومة الألمانية على قطاعي الصناعات الدفاعية البريطاني والأوروبي والعواقب على قدرة أوروبا على الوفاء بالتزاماتها تجاه حلف شمال الأطلسي".
وقال هنت إن شركات الصناعات العسكرية البريطانية لن تتمكن من الوفاء بعدة عقود مع السعودية مثل المقاتلة تايفون أو المقاتلة تورنيدو، حيث يشمل القرار الألماني أجزاء تدخل في تصنيع الطائرتين.

كما استدعت تداعيات الحظر الألماني الرئيس التنفيذي لشركة "إيرباص" توم إندرز، إلى الخروج بتصريح لوكالة "رويترز" قال فيه إن "إيرباص عانت لسنوات حتى لو تعلق الأمر بجزء ألماني ولو صغير، يدخل مثلاً في صناعة هيلوكوبتر، والتي يمنح من خلالها الجانب الألماني لنفسه الحق في تعليق بيع هيلوكوبتر فرنسية، على سبيل المثال".

وبحسب "واشنطن بوست" فإن هذه هي الرسالة تحديداً التي يريد أن يبعثها نشطاء حقوق الإنسان بشأن عدم وجود أي مفر للسعوديين، موضحة أن الرياض حينما وافقت على صفقة شراء 70 مقاتلة جوية أوروبية منذ نحو عقد من الزمن، لم يقتنوا فقط الطائرات، بل حزمة شاملة تضم تدريب الطيارين وعقود إصلاح طويلة الأمد، وهو ما قد يجعل تلك المقاتلات غير صالحة في حال حاجتها لأجزاء ألمانية جديدة.

المساهمون