مؤتمر وارسو: حماسة محصورة بإسرائيل والسعودية والإمارات لمواجهة إيران

مؤتمر وارسو: حماسة محصورة بإسرائيل والسعودية والإمارات لمواجهة إيران

13 فبراير 2019
استبق بومبيو المؤتمر بجولة أوروبية لمواجهة روسيا(جو كلامر/فرانس برس)
+ الخط -
تلقّت الجهود الأميركية لحشد موقف دولي ضد إيران، في مؤتمر وارسو الذي يُعقد اليوم وغداً الخميس في العاصمة البولندية، تحت عنوان "مستقبل السلام والأمن في الشرق الأوسط"، ضربات قوية قبل انطلاق المؤتمر، مع تأكيد حضور عدد محدود من الشخصيات البارزة، وتخفيض مستوى التمثيل من معظم الدول، إضافة إلى مقاطعة أخرى، وهو ما دفع الولايات المتحدة وبولندا لتخفيف جدول الأعمال، فأشارتا إلى أن المؤتمر لن يركز على إيران أو يؤسس تحالفاً ضدها، لكنه سيهتم أكثر بالنظر بشكل أوسع إلى الشرق الأوسط، بعدما كان وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو قال الشهر الماضي عند إعلانه عن المؤتمر إن وزراء الخارجية من حول العالم سيأتون إلى بولندا للتعامل مع مسألة "نفوذ إيران المزعزع للاستقرار" في الشرق الأوسط.

وباتت مشاركة معظم الدول منطلقة من الضغوط الأميركية، باستثناء ثلاثة أطراف يبدون متحمسين للمؤتمر إضافة لأميركا، هي الإمارات والسعودية وإسرائيل التي يسعى رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو لعقد سلسلة لقاءات تشمل مسؤولين عرباً في وارسو، وذلك مع تصاعد حديث الإعلام الإسرائيلي، وآخره تقرير للقناة الإسرائيلية الـ13 الإثنين، عن عمق العلاقة بين إسرائيل والإمارات. وعدا عن هذا الثلاثي، فإن المشاركة الدولية ستكون مجرد إرضاء لأميركا، ومحاولة تفادي استفزازها حتى من دون وجود رغبة دولية في السير بتوجه واشنطن مواجهة طهران مثلما تقترح أميركا.

أمام هذا الواقع، بدا أن واشنطن تسعى لتوجيه المؤتمر نحو ملف آخر، هو الترويج لخطتها التي تعدها حول الملف الفلسطيني، والمعروفة بـ"صفقة القرن"، خصوصاً أن مستشار الرئيس الأميركي، صهره جاريد كوشنر، والذي يُعتبر من أبرز العاملين على الصفقة، سيحضر مؤتمر وارسو، ويلقي كلمة خلاله، مع العلم أن قناة "فوكس نيوز" الأميركية كان قد كشفت أخيراً أن الصفقة انتهت وأن كوشنر سيستغل مشاركته في المؤتمر للترويج لها مع المسؤولين الحاضرين، فيما كانت القيادة الفلسطينية رفضت المشاركة.

وتزامناً مع انعقاد المؤتمر، يسافر الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى روسيا، التي رفضت حضور اجتماع وارسو، حيث سيلتقي في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان لمناقشة الوضع في سورية. على الرغم من ذلك، فإن إدارة دونالد ترامب لا تزال تصعّد ضد طهران، ومستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون "يضع حجر الأساس للحرب (على إيران)"، بحسب اتهامه من قِبل السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي، الذي نفى أمس قول بولتون إن "إيران تسعى للحصول على أسلحة نووية"، مضيفاً "المخابرات تقول العكس وهو يعرف ذلك".

ويشهد المؤتمر الذي ينطلق اليوم ويشارك بومبيو في استضافته، خطاباً لنائب الرئيس الأميركي مايك بنس. فيما قال وزير الخارجية البولندي جاسيك تشابوتوفيتش، إن المؤتمر "سيطلق عملية" لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن الاجتماع يجري في الاتحاد الأوروبي، ستخفض كبرى القوى الأوروبية تمثيلها فيه، باستثناء بريطانيا التي ستوفد وزير خارجيتها جيريمي هانت، الذي أشار إلى أن أولوياته تتمثل بالحديث عن الأزمة الإنسانية التي تسبّبت بها الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن. كما أن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، لن يحضر المؤتمر. وأوضح دبلوماسي ألماني رفض الكشف عن هويته، لـ"الأناضول"، أن نائب وزير الخارجية نيلس أنان سوف يمثّل ألمانيا في المؤتمر.
من جهتها، بررت مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني عدم حضورها بارتباطها بالتزامات مسبقة، لكنها ستلتقي بدلاً من ذلك بومبيو على مائدة في بروكسل وهو في طريقه إلى الولايات المتحدة. وحتى مضيفة المؤتمر بولندا، التي تسعى لتعزيز علاقاتها بالولايات المتحدة في وجه تنامي النفوذ الروسي، أكدت أنها لا تزال ملتزمة موقف الاتحاد الأوروبي الداعم للاتفاق النووي مع إيران، الذي أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب منه العام الماضي.


أما الدول التي ستوفد مسؤولين كبارا إلى وارسو، فهي تلك التي تدعو إلى تشديد النهج حيال إيران، وتشمل إسرائيل التي يشارك رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو في المؤتمر، وبعض حلفاء واشنطن العرب على غرار دولة الإمارات. وأكد نتنياهو أن إيران ستتصدر جدول الأعمال، إذ ستجري مناقشة "كيفية مواصلة منعها من ترسيخ وجودها في سورية ومنع أنشطتها العدائية في المنطقة، والأهم من ذلك كله، كيفية منعها من الحصول على أسلحة نووية".

وكان نتنياهو، قد حذر أمس الثلاثاء، من أن الصواريخ الإسرائيلية "قادرة على الوصول إلى مسافات بعيدة جداً"، في تحذير واضح لإيران. وقال خلال جولة في قاعدة حيفا البحرية: "صواريخنا تستطيع أن تصل إلى مسافات بعيدة جداً، بما في ذلك وكلاء إيران في منطقتنا". وكان نتنياهو قد حذر الإثنين، من أن "أي محاولة من قبل إيران لقصف تل أبيب وحيفا، ستكون آخر أيام ثورتها التي يحتفلون بها"، وذلك بعد تهديدات الحرس الثوري الإيراني بتدمير حيفا وتل أبيب في حال قامت إسرائيل، أو أميركا بقصف طهران.
وفي السياق نفسه، قالت هيئة البث الإسرائيلية، أمس الثلاثاء، إن مكتب رئاسة الوزراء يسعى إلى ترتيب عدة لقاءات لنتنياهو على هامش مؤتمر وارسو، بما في ذلك مع وزيري خارجية المغرب ناصر بوريطة، والبحرين خالد بن أحمد آل خليفة. وذكرت أنه "تم تنظيم اجتماعين لرئيس الوزراء أحدهما مع بنس، والثاني مع بومبيو".

ويُتوقع أن تكشف الولايات المتحدة في وارسو عن ملامح تتعلق بـ"صفقة القرن". وسيلقي صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنر، خطاباً نادراً من نوعه خلال المؤتمر غداً الخميس. مع ذلك، لا يتوقع أن يكشف كوشنر عن الاقتراحات الواردة في الصفقة إلا بعد الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 9 إبريل/نيسان المقبل.

وقبيل انطلاق المؤتمر، كان بومبيو يكمل جولته الأوروبية، بهدف مواجهة النفوذ الروسي والصيني المتنامي. وتعهد بومبيو من سلوفاكيا أمس بدعم أمن واقتصاد هذا البلد. وفي المجر، أعرب بومبيو عن قلقه لعلاقات الحكومة هناك مع موسكو. وذكر مسؤول أميركي رفيع يرافق بومبيو للصحافيين إن "الهدف الشامل في وسط أوروبا يشبه استراتيجيتنا لمنطقة آسيا المحيط الهادئ، ونركز في مناطق أكثر ضعفاً حيث يحقق منافسونا الصينيون والروس مكاسب، وحيث نريد نحن زيادة عملنا الدبلوماسي والعسكري والثقافي".