الجزائر: اقتراب نهاية "القاعدة"

الجزائر: اقتراب نهاية "القاعدة"

02 فبراير 2018
ضربات الجيش ستعمق من تفكك "القاعدة" (العربي الجديد)
+ الخط -

وجه الجيش الجزائري، الأسبوع الماضي، ضربات موجعة إلى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" بعد تصفية أربعة من قادته، في ثلاث عمليات متفرقة شرق البلاد، بينهم مسؤول الإعلام في التنظيم، ومقتل مسؤول خامس في التنظيم في تونس، هو بلال القبي، خلال مهمة لإعادة تنظيم "كتيبة عقبة بن نافع" هناك، ما يعني قرب نهاية تنظيم "القاعدة" الذي ورث النشاط المسلح من التنظيمات السابقة منذ العام 1992.

وأقر "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، في بيان نشرته وكالة "الأندلس" التابعة له، بمقتل المسؤول الإعلامي في التنظيم، هشام أبو رواحة القسنطيني، واسمه الحقيقي صغيري عادل، في عملية عسكرية للجيش الجزائري في منطقة برج الظهر في بلدة محسن بولاية جيجل شرق الجزائر. ويوصف أبو رواحة، وهو من مواليد العام 1971، بالصندوق الأسود للتنظيم، إذ التحق بصفوف المجموعات المسلحة في العام 1993، وكان على رأس الإرهابيين المطلوبين للسلطات وللأجهزة الأمنية. ويعد من أبرز المكلفين بالاتصالات في التنظيم، مستفيداً من دراسته السابقة في الإلكترونيات، قبل أن يصبح مسؤولاً عن الاتصالات، والإشراف على وكالة "الأندلس"، التي تتكفل بنشر وبث التسجيلات الصوتية وبيانات التنظيم، وذلك بعد إطاحة أجهزة الأمن الجزائرية بالمسؤول الإعلامي للتنظيم، محمد أبو صلاح. وفقد أبو رواحة ساقه خلال مواجهات مع الجيش في العام 2003، فيما تعتقد الجهات الأمنية أنه كان الواسطة بين التنظيم في الجزائر والتنظيم الأم في باكستان وأفغانستان. واستفاد أبو رواحة من العفو في إطار قانون الوئام المدني نهاية العام 1999، لكنه عاد إلى النشاط الإرهابي في العام 2002، وله شقيق قتل في مواجهات مع قوات الأمن.

وكان الجيش الجزائري قد أعلن، الثلاثاء الماضي، أن وحدة من الجيش نصبت كميناً محكماً لمجموعة إرهابية، تمكنت خلاله من قتل إرهابيين إثنين، وصادرت قطعتي سلاح وكمية من الذخيرة كانت بحوزتهما. وإضافة إلى أبو رواحة، فقد قتل الجيش الجزائري "أميراً" آخر كان برفقته. ويتعلق الأمر بعبد الرحيم هارون، واسمه الحقيقي بوفلاقة تركي، الذي التحق بالتنظيمات الإرهابية منذ العام 1993. وبحسب مراقبين فإن القضاء على أبو رواحة في مخبئه في غابات جيجل يمثل ضربة قاصمة لتنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي" الذي فقد خمسة من قادته خلال أسبوع واحد، وخصوصاً أن قيادة الجيش حصلت على أجهزة ووثائق ومعلومات بالغة الأهمية ستمكنها من الاقتراب أكثر من زعيم التنظيم، عبد المالك درودكال، المعروف باسم أبو مصعب عبد الودود، وكذلك التوصل إلى القنوات التي تواصل عبرها التنظيم مع المجموعات في الداخل وفي كل من تونس  وليبيا ومناطق أخرى. وكان الجيش الجزائري قد نجح، الجمعة الماضي، في قتل ثمانية من عناصر التنظيم دفعة واحدة في عملية في منطقة ششار بولاية خنشلة شرقي البلاد، كان بينهم ثلاثة "أمراء" في التنظيم. ويتعلق الأمر بزيد عبد الله، الذي كان ينشط ضمن الجماعات الإرهابية منذ 1995، وس. عبد الرحيم، المكنى بالمنتصر، ون. خالد، الملقب بشرحبيل، والذي التحق بالجماعات الإرهابية منذ العام 2005، إضافة إلى مسؤول عن التفجيرات  س. عادل، الملقب بأسامة، والذي التحق بالجماعات الإرهابية في العام 2009.


ويعتقد الخبير العسكري والعقيد المتقاعد من الجيش، رمضان حملات، لـ"العربي الجديد" أن نجاح الجيش في القضاء على قيادات هامة في "القاعدة"، هو نجاح استخباراتي بالأساس واستغلال جيد للمعلومات المتوفرة لدى الجيش والأجهزة الأمنية، مشيراً إلى أن عمليات استسلام عدد من المسلحين، بينهم تسعة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وفرت لأجهزة الأمن والجيش معلومات مهمة عن أماكن تواجد ونشاط وتمركز المجموعات والعناصر الإرهابية وشبكات الدعم والإسناد التي توفر لهم المؤونة والدعم اللوجستي. وفي السياق، يتيح نجاح قوات الجيش والأجهزة الأمنية في الإطاحة بقيادات من الصف الأول لـ"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، الاقتراب من تصفية درودكال، الذي يظل أبرز المطلوبين بالنسبة للقيادات العسكرية والأمنية في الجزائر، ويعد أكثر قائد عمراً على رأس التنظيم مقارنة مع قيادات سابقة في تنظيم "القاعدة" أو ما سبقه "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" أو "الجماعة الإسلامية المسلحة"، والتي كانت قياداتها لا تعمر أكثر من سنة قبل أن يتم الإطاحة بها.

ويعتقد المحلل المهتم بالشؤون الأمنية، أكرم خريف، أن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" يقترب من نهايته في الجزائر. وبرأيه، فإن الضربات الأخيرة ستعمق من تفكك التنظيم وتشتت عناصره، التي اضطر بعضها إلى الاستسلام أو الهروب إلى تونس وليبيا. لكن كشف الجيش لهوية الإرهابيين الذين تم القضاء عليهم وسنوات التحاقهم بالمجموعات المسلحة، يبرز الفارق الكبير بين عدد المسلحين الذين مضى على نشاطهم المسلح أكثر من عقدين، ويصرون على الاستمرار في العمل المسلح برغم توفر إمكانية الاستفادة من العفو التي أقرها قانون المصالحة الوطنية الصادر في العام 2005 والساري حتى الآن، وبين مسلحين تم تجنيدهم خلال السنوات الأخيرة. ويشير البيان الأخير للجيش إلى أن الإرهابيين الذين قتلهم الجيش في منطقة خنشلة، س. مصطفى، التحق بالجماعات الإرهابية في 2015، وجمال الدين .ي، المكنى أبو الحسن، التحق بالجماعات الإرهابية في 2013، وكذلك مراد. ب، المكنى أبو فراس، والذي التحق بالجماعات الإرهابية في 2010، ما يعني أن التنظيم ما زال قادراً على استقطاب مزيد من المجندين، أو أنه يدفع بعناصر كانت تنشط في شبكات دعم وإسناد للالتحاق بصفوفه بعد كشفها من قبل أجهزة الأمن. ويعتقد المحلل الأمني، أكرم خريف، أن التنظيم يجند 20 عنصراً في السنة فقط، وهو رقم ضئيل جداً مقارنة مع نجاحاته السابقة في التجنيد والاستقطاب قبل العام 2007.

وتقترب خطة "اجتثاث الإرهاب"، التي أعلن عنها قائد أركان الجيش، الفريق قايد أحمد صالح، في أكتوبر/تشرين الأول 2015 من تحقيق نتائج حاسمة في القضاء على ما يصفه الجيش ببقايا المجموعات الإرهابية. وتبدو التصريحات الأخيرة لقائد الجيش بشأن الإصرار على إنهاء تواجد المجموعات الإرهابية، ذات دلالة على هذا النجاح الأمني، بعد أكثر من ربع قرن من بدء النشاط الإرهابي في الجزائر، خصوصاً في مناطق شمال البلاد ووسطها، فيما يتوجه الجيش إلى تعزيز تواجده في مناطق الجنوب والصحراء القريبة من مالي والنيجر ودول الساحل، بعد تصاعد عمليات تنظيم  "أنصار الدين" في شمال مالي، وتجدد المخاوف من انتقال عناصر من "داعش" إلى منطقة الساحل.

المساهمون