مؤشرات اليوم الرابع لمعركة الفلوجة... الحسم مؤجل

مؤشرات اليوم الرابع لمعركة الفلوجة... الحسم مؤجل

27 مايو 2016
القوات العراقية ترسم خطتها للمرحلة الثانية (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
لم يكن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، موفّقاً حين أعلن أن استعادة الفلوجة (شمال غرب بغداد) ستكون سريعة، وخلال أيام قليلة، إذ لا يشير اليوم الرابع لمعركة المدينة إلى انفراجة قريبة في عملية عسكرية واسعة حشد لها 33 ألف عسكري وعنصر مليشيا، فضلاً عن غطاءين جويّين دولي ومحلي.

وتحت اسم عملية "كسر الإرهاب" بحسب الحكومة العراقية، أو "الخامس عشر من شعبان" وفقاً لمليشيات "الحشد الشعبي"، أو عملية "تحرير الفلوجة"، وهي التسمية الخاصة بحكومة الأنبار المحلية، تسعى الأخيرة جاهدة لإبعاد المليشيات عنها بسبب تزايد الضغوط الشعبية عليها، عقب جرائم ارتكبتها تلك المليشيات أبرزها قصف منازل ومستشفيات ومحطات مياه وصيدليات أسفرت عن مقتل وجرح عشرات المدنيين بينهم أطفال ونساء.

وتجددت المعارك، أمس الخميس، في محاور الفلوجة الأربعة، وعلى بعد مسافات متباينة من مركز المدينة، حيث تدور شمالاً على بعد 7 كيلومترات، وجنوباً 9 كيلومترات، وشرقاً 5 كيلومترات، وغرباً 15 كيلومتراً عن أولى معالم المدينة الواقعة على نهر الفرات، غربي بغداد. ووفقاً لمصادر من الجيش العراقي، وفصيل "الضياغم" التابع لقوات العشائر المناهضة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وسكان محليين لـ"العربي الجديد"، فإن "التنظيم تمكّن من استرداد بعض المناطق التي خسرها، الأربعاء، بفعل القصف الجوي والصاروخي. لكنه انسحب من مناطق أخرى على وقع سيولة النيران الكبيرة التي تمثل نقطة قوة للقوات المهاجمة على عكس التنظيم الذي يسعى إلى تجنّب استنزاف قدراته العسكرية والذخيرة بسرعة"، وفقاً لهذه المصادر.

واستعاد التنظيم معبر البو شجل شمالاً، وطريق النعيمية والهور جنوباً بعد عمليات بسيارات مفخخة يقودها انتحاريون أعقبها هجوم سريع لعناصره، تمكّن من خلاله استعادة السيطرة على تلك المناطق، وإيقاع خسائر في صفوف القوات العراقية والمليشيات، والاستيلاء على أسلحة وعربات. في غضون ذلك، نفّذت مقاتلات أميركية سلسلة ضربات ناجحة على مواقع التنظيم في الحي الصناعي شرق الفلوجة، أودت، بحسب مصادر لـ"العربي الجديد"، بما لا يقل عن 15 عنصراً من التنظيم بينهم شخصيات بارزة.

في المقابل، نجحت قوات الجيش والمليشيات من السيطرة على منطقتَي البو عبيد والجميلة ببلدة الكرمة، شرق الفلوجة لتسيطر على واحد من أهم طرق التواصل بين عناصر "داعش" في الفلوجة والكرمة المجاورة. وجاء ذلك، بعد هجوم ناجح بغطاء من مروحيات عراقية قتل وأصيب فيه عدد من عناصر التنظيم وألحقت به خسائر مادية كبيرة بالآليات والأسلحة والذخيرة.




وعلم "العربي الجديد" من مصادر داخل الفلوجة مقتل القيادي البارز في التنظيم، أبو سعد الفلوجي، وهو اسمه الحركي، خلال غارة نفذتها طائرة حربية يُرجّح أنها أميركية في منطقة النعيمية جنوب غرب الفلوجة. فيما تؤكد تقارير ومصادر عسكرية مقتل ضابط إيراني برتبة ملازم في الحرس الثوري مع أربعة آخرين من مليشيا "الخراساني" بقصف بقذائف الهاون شنّه التنظيم، أمس الخميس، استهدف مقر الاستخبارات التابع للفرقة الأولى "تدخل سريع" داخل قاعدة المزرعة، كما أصيب آخرون، خلال قصف بالهاون، وجميعهم من المليشيات.

وفي حين قالت وكالة "أعماق" التابعة للتنظيم، أمس الخميس، إن مروحية تم إسقاطها شرق الفلوجة، وقُتل طاقمها بعد استهدافها بصاروخ مضاد للطيران، نفى المسؤول الإعلامي عن عمليات استعادة الفلوجة، العقيد حسين المالكي لـ"العربي الجديد" الخبر، مبيّناً أنه "لم تسقط اليوم أي طائرة". إلا أن شهود عيان وأبناء عشائر مناهضة للتنظيم، قالوا لـ"العربي الجديد" إنهم شاهدوا مروحية يتصاعد منها دخان كثيف وتهوي أرضاً، أعقبها صوت انفجار قوي يُرجّح أنه ناجم عن ارتطامها بالأرض وتفجّرها.

وتؤكد مصادر طبية عراقية داخل المدينة لـ"العربي الجديد" مقتل ستة مدنيين، وإصابة تسعة آخرين بقصف صاروخي طاول حي الجولان، ومنازل بمحيط مستشفى الفلوجة العام ليرتفع عدد الضحايا المدنيين إلى 171 بين قتيل وجريح خلال الأيام الأربعة. وتناقلت وسائل إعلام محلية مقربة من الحكومة أنّ "بغداد تسلّمت 2000 صاروخ أميركي متطور من واشنطن لدعم جهود تحرير الفلوجة، وذلك في أحدث مساعدة عسكرية ضمن جهود طرد التنظيم من العراق".

ويقول عضو لجنة الأمن البرلمانية، محمد الكربولي، المتواجد حالياً مع القطعات العسكرية قرب الفلوجة لـ"العربي الجديد" إنّه "لغاية الآن، لا تزال القوات العراقية في مواقعها التي استعادتها، خلال الأيام الماضية، وتسعى للسيطرة على هذه المناطق وتأمينها وتطهيرها من العبوات الناسفة". ويشير إلى أنّ "القوات العراقية بدأت بإعادة رسم خطتها للمرحلة الثانية من المعركة بحسب المعطيات الجديدة"، مبيناً أنّ "المرحلة الثانية ستكون العمل على تطويق الفلوجة من أربع جهات، ومن ثم مرحلة الاقتحام".

ويلفت إلى أنّ "القوات العراقية وطيران الجيش والتحالف تنفّذ، حالياً، عمليات قصف مستمرة على قطعات داعش ومقراته داخل الفلوجة"، مشيراً إلى أنّ "أقرب نقطة على الفلوجة تتواجد فيها القوات العراقية تبعد من 10 إلى 12 كيلومتراً عن المدينة". ويوضح الكربولي أنّ "سيطرة داعش على الفلوجة امتدت عامين، الأمر الذي عقّد من سير المعركة وجعلها حذرة. وتحتاج القوات العراقية إلى قطع الأنفاق والسيطرة على الألغام والجسور التي يستخدمها داعش لإعاقة تقدّم الجيش". ويؤكد أنّ "المعركة مستمرة وقد تأخذ وقتاً ليس بالقليل، خصوصاً وأنّ التنظيم ليس عدواً سهلاً"، مشيراً إلى أنّ "القوات العراقية ستبدأ بعد الانتهاء من المرحلة الأولى، بالثانية وتتقدّم على محاور الفلوجة".