قراءة مصرية فلسطينية لوضع نتنياهو "إصبعه في عين السيسي"

قراءة مصرية فلسطينية لوضع نتنياهو "إصبعه في عين السيسي"

27 مايو 2016
يستبعد كثيرون تنظيم السيسي مبادرة السلام قريباً (آدم بري/Getty)
+ الخط -
يتساءل مراقبون عن الأسباب التي دعت الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، إلى إعادة مسار مفاوضات السلام الإسرائيلي ـ الفلسطيني التي أطلقها، خلال افتتاحه محطة كهرباء أسيوط منتصف مايو/أيار الجاري، في ضوء التفاعلات التي أحدثتها هذه المبادرة خلال الأيام القليلة الماضية. ولم يكد يمر على الدعوة أكثر من 48 ساعة حتى أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مفاوضات مع رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، لضمّه إلى حكومته، ليخلف موشيه يعالون في وزارة الحرب. 

ومع تصاعد حدة التحليلات بشكل جعل صحيفة "هآرتس" تصف خطوة تولي ليبرمان وزارة الأمن في الحكومة الإسرائيلية بعد دعوة السيسي، بأنها بمثابة "قيام نتنياهو بوضع إصبعه في عين السيسي"، أسرعت وزارة الخارجية الإسرائيلية بإيفاد مديرة قطاع الشرق الأوسط في الخارجية الإسرائيلية، أفيفا زار شيختار، إلى القاهرة، بشكل مفاجئ. والتقت الأخيرة الرئيس المصري لتوضيح تركيبة الحكومة الجديدة وتفسير ما حدث، بحسب مصادر دبلوماسية مصرية تحدّثت لـ"العربي الجديد". لكن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، سارع إلى نفي وصول شيختار على رأس وفد إسرائيلي، على الرغم من تأكيد سلطات مطار القاهرة الواقعة، وفتح صالة كبار الزوار لها، إذ وصلت عبر خطوط طيران "إير سيناء".

وتؤكد مصادر مصرية أخرى لـ"العربي الجديد" أن وفد شيختار لم يزر القاهرة لإعداد التصورات الأولية لعقد لقاء ثلاثي بين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والسيسي في القاهرة، مشددة على عدم صحة الأنباء حول إجراء اللقاء في وقت قريب. وتلفت المصادر إلى أنّه "من الصعب إقدام السيسي على تلك الخطوة، في الوقت الراهن، أمام مواجهته اضطرابات داخلية متعلقة باتفاقية مصر والسعودية بضم جزيرتَي تيران وصنافير للسعودية، مما قد يفتح الباب واسعاً أمام المعارضة المصرية للهجوم عليه بدعوى تطبيع العلاقات بشكل كامل مع إسرائيل، وهي القضية التي لا تزال تحتفظ بخصوصيتها في الشارع المصري"، على حدّ تعبيرها.

في هذا السياق، دعا الناشط والباحث المختص بالشأن الفلسطيني، محمد عصمت، سيف الدولة، في تغريدته على موقع "تويتر"، "كل القوى الوطنية في مصر لتبدأ في ترتيب الرد المناسب لو تجرّأ ‫السيسي على دعوة ‏نتنياهو إلى مصر".

من جانبه، يقول مساعد سابق لوزير الخارجية المصري لـ"العربي الجديد"، إنّ "جميع أطراف المعادلة سواء الدولة صاحبة الدعوة ممثلة في مصر، أو أطراف القضية الفلسطينية من حركات وفصائل، إضافة إلى عدد من الخبراء في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي يدركون جيداً أن حكومة على رأسها نتنياهو وليبرمان وزير حرب لن تتبنّى أي سلام مع الفلسطينيين أو العرب". ويشير إلى أنّ "دعوة السيسي لتجديد مسار المفاوضات بدا واضحاً أنها كانت مناورة قادها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، مبعوث اللجنة الرباعية للسلام بالشرق الأوسط، توني بلير، لتفويت الفرصة أمام أي ضغوط أوروبية لمفاوضات جديدة تكون بإشراف دولي أو أممي".

من جهته، يلفت عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" محمود الزهار، في تصريحات صحافية، إلى أن نتنياهو ووزير حربه الجديد سيقتلان المبادرة، من خلال الشروط والالتزامات وغيرها من الأساليب الإسرائيلية المعروفة في المفاوضات المختلفة، مشدداً على أن كافة التحركات العربية، في الوقت الراهن، لن يكون بمقدورها إجبار إسرائيل على الدخول في مفاوضات جادة من أجل السلام.

بدوره، يشير عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، عزام الأحمد، في تصريحات صحافية، إلى أن تحركات نتنياهو الأخيرة لا تعدو كونها مناورات للهروب من الضغط الخارجي أمام المبادرات المطروحة على الساحة سواء السعودية أو الفرنسية، وأخيراً المصرية، مؤكداً أنهم لم يُفاجأوا بمبادرة السيسي، وأنّ هناك تنسيقاً مسبقاً بينهم (الجهات المصرية والفلسطينية).

هذا الكلام يؤكده مصدر بارز في حركة "حماس" لـ"العربي الجديد"، قائلاً: "كان هناك العديد من الاتصالات الهاتفية بين القيادات المصرية المسؤولة وحركة حماس قبل إعلان المبادرة وبعدها، فيما لم يتم بلورة هذه الاتصالات لاجتماع مقبل، إلا أن التنسيق حدث قبل الإعلان".

ويعتبر مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، حسين هريدي، أن الحكومة اليمينية المتطرفة ترى في الوضع الإسرائيلي الحالي، أنها غير مضطرة لتقديم تنازلات على الأرض لأي طرف، مضيفاً أنه في الوقت الذي يسيطر فيه المتشددون على مراكز القوة في إسرائيل فلن يكون هناك أمل في الوقت القريب بالتوصل لأي اتفاق يسمح بمنح الفلسطينيين حقوقهم. ويضيف هريدي لـ"العربي الجديد" أن التصريحات الإسرائيلية المرحِّبة بالمبادرة المصرية مجرد فتح باب جديد يجعل الفلسطينيين الحالمين بالتمسك بأمل يمنعهم من تفجير الوضع في الوقت الراهن، على حدّ تعبيره.