أسبوع على سقوط الطائرة المصرية...حلقة مفقودة بسيناريو "العمل الإرهابي"

أسبوع على سقوط الطائرة المصرية...حلقة مفقودة بسيناريو "العمل الإرهابي"

26 مايو 2016
ينتظر أهالي الضحايا معرفة سبب سقوط الطائرة (العربي الجديد)
+ الخط -
يفنّد مصدران مصريان، أحدهما طبيب بمصلحة الطب الشرعي والآخر قضائي بالنيابة العامة، في تصريحات خاصة بـ"العربي الجديد" جزءاً من التفاصيل المرتبطة بقضية سقوط طائرة مصر للطيران يوم الخميس الماضي، مشيرين إلى أن جميع الأشلاء البشرية التي تم انتشالها من منطقة سقوط طائرة مصر للطيران المنكوبة، لا تشير بذاتها إلى سبب سقوط الطائرة، ولا تحمل علامات احتراق أو انفجار، وليست متفحمة.

ويضيف المصدران، في اتصالين هاتفيين مساء أول من أمس (الثلاثاء) وصباح أمس (الأربعاء)، "أنه لم تظهر أي أشلاء متفحمة حتى الآن، وأن جميع الأشلاء ممزقة إما بفعل السقوط الحر للطائرة من على ارتفاع 33 ألف قدم، أو بفعل تدخلات أخرى يرجح أن تكون تمزيقاً بواسطة الأسماك المفترسة الموجودة بكثافة في هذه البقعة من البحر المتوسط".
ويؤكد المصدران أن "الحطام والمتعلقات التي وجدت أحيلت إلى مصلحة الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية، وجميعها لا تبدو عليها آثار احتراق، مما لا يصلح بذاته دليلاً على أن الطائرة سقطت بسبب انفجار إرهابي أو غير إرهابي حدث على متنها، أم أنها سقطت سليمة بسبب سلسلة من الأعطال الفنية".



ويوضح المصدر القضائي أن "نيابة أمن الدولة العليا حصلت على رسوم وبيانات من شركة مصر للطيران تؤكد سلامة جميع أجزاء ومحركات الطائرة خلال رحلتها قبل الأخيرة من القاهرة إلى باريس"، مشيراً إلى أن بيانات مدى سلامة المحركات والأجزاء والتدخلات الميكانيكية التي حدثت للطائرة في مطار شارل ديغول قبل إقلاعها الأخير "لم تصل حتى الآن من باريس، ويتوقع أن تبلغ المدعية العامة الفرنسية بها النائب العام المصري خلال أسبوع".
كما يشير المصدر إلى أن "هناك إصرارا من مسؤولي الطيران المصري على سيناريو تعرض الطائرة لعمل إرهابي، سواء بزرع عبوة ناسفة أو حزام ناسف كان يرتديه أحد الركاب"، واستدرك قائلاً: "هناك أمر لا يمكننا فهمه في هذا السيناريو، وهو سبب تأخر تنفيذ العمل الإرهابي (المحتمل) كانفجار العبوة أو تفجير الحزام إلى ما قبل الوصول إلى القاهرة بأربعين دقيقة فقط".

وفي سياق تحليل معلومة عدم وجود أشلاء محترقة ووضعها إلى جانب معلومة اندلاع الدخان من جسم الطائرة قبل سقوطها، يقول خبير مصري في الطيران المدني، تحفظ على نشر اسمه، إنه يوجد سيناريوهان اثنان فقط الآن على الطاولة؛ الأول هو عمل إرهابي محدود أدى إلى انفصال الذيل أو انفصال الطيار الآلي في غرفة التحكم المركزية، ولم يؤد بذاته إلى تفجير الطائرة، وأدى إلى سقوطها بعد قليل.
والسيناريو الثاني هو تعرض الطائرة لعطل مفاجئ نتيجة حريق داخلي في منطقة التحكم المركزي بالطائرة، مشيراً إلى أن "هناك نوعا نادرا من الأعطال التي قد تصيب أجهزة التحكم في الطائرة، فتؤدي إلى تسريع فترة السقوط، وتمنع قيادة الطائرة من إرسال الاستغاثات والإنذارات بكفاءة"، مؤكداً أنه لم يسبق لطائرات إيرباص، وبصفة خاصة الطرز المتوسطة كطراز الطائرة المنكوبة، التعرض لمثل هذه الأعطال.

ويضيف المصدر نفسه أنه يوجد نظامان للإنذار في حالة تصاعد أي دخان أو اكتشاف حريق في أي جزء من الطائرة؛ الأول هو نظام إنذار آلي في أجهزة الطائرة، والثاني هو النظام اليدوي الذي يستخدمه قائد الطائرة أو مساعده لإبلاغ هيئة المراقبة الجوية التي يتواجد بمحيطها أو أي هيئة أخرى تملك وسيلة الدخول على شبكة رسائل الطائرة اللاسلكية.
ويوضح الخبير أنه "وفقاً لتصريحات الجانب الفرنسي، فإن الرسائل المقصودة تتبع النظام الأول الآلي، وذلك لأنه لا توجد قوة على وجه الأرض تملك الآن التكهن بما فعله قائد الطائرة المصري في ظل فقدان الصندوقين الأسودين، إلا أن رصد إنذارات بانبعاث دخان تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن قائد الطائرة كان أمامه الوقت لإرسال رسائل استغاثة أخرى قبل السقوط، لأن هذا معناه أن الدخان تصاعد لدقائق عدة قبل سقوط الطائرة بمعدل 15 ألف قدم ثم استدارتها حول نفسها ثم سقوطها مرة واحدة إلى البحر بحسب أجهزة الرادار اليونانية".
ويلفت الخبير إلى أن "رصد الجانب الفرنسي هذه الإنذارات يعيد إلى الأذهان ما أعلنته شركة مصر للطيران في أول بياناتها عن الحادث بأن قائد الطائرة أرسل استغاثة إلى الجيش المصري، وهو ما نفاه المتحدث الرسمي باسم الجيش في وقت لاحق، مما يتطلب فتح تحقيق عاجل في هذه النقطة".

ويطالب الخبير، اللجنة المشكلة من وزارة الطيران المدني، بأن تخاطب الجيش رسمياً لتفريغ الرسائل التي تلقتها أجهزته في تلك الفترة، لبيان الفترة الفاصلة بين إرسال الاستغاثة - إذا وجدت - واختفاء الطائرة من أجهزة الرادار.
ولا يبدو هذا الأمر سهل التحقق في إطار كشف الحقيقة. ووفقاً لمصدر نافذ في شركة مصر للطيران فإن لجنة التحقيق التي شكلتها الشركة في حادث سقوط الطائرة الروسية في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي خاطبت الجيش للحصول على بعض المعلومات الضرورية المرتبطة بخط سير الطائرة، لكن الجيش رفض الرد باعتباره غير مختص بمخاطبة لجان تحقيق مدنية من هذا النوع.

وفي سياق قريب، تقول مصادر إعلامية مصرية مطلعة إن هناك توجيهات صدرت من "جهات عليا في النظام الحاكم" للصحف المقربة من السلطة، وتحديداً صحيفتي اليوم السابع، والوطن، بهدف الترويج الدائم لتعرض الطائرة لعمل إرهابي، وإسناد جميع الأخطاء المحتملة إلى مسؤولي مطار شارل ديغول.
وتعليقاً على ذلك، يقول مصدر دبلوماسي فرنسي في القاهرة، في تصريح خاص، إنه "يتعجب من الحملة الإعلامية من بعض الوسائل المصرية ضد فرنسا، وتصوير الفرنسيين كمن يحاولون التنصل من المسؤولية"، مؤكداً أن "الحكومة الفرنسية تبذل كل ما في وسعها للوصول إلى الحقيقة وتدارك أي ثغرات أمنية في مطاراتها، لأنها في حرب مفتوحة ضد الإرهاب".
ويلفت المصدر إلى أن "عدداً من نواب الوسط الفرنسيين الموجودين في القاهرة حالياً والذين التقوا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمس الأول، أكدوا بوضوح خلال اللقاء وخلال لقائهم مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، أنهم يعتبرون الحادث ماساً بسمعة الطيران الفرنسي أكثر من المصري حتى الآن، وأن هناك اتصالات وتحقيقات على أعلى مستوى بين مصلحة الطيران الفرنسية وشركة إيرباص الفرنسية مصنّعة الطائرة لاكتشاف سبب السقوط".
وحول آفاق التعاون القضائي بين القاهرة وباريس في القضية، يبدو المصدر متحفظاً، مكتفياً بالتأكيد أن "باريس ستطلع أي جهة معنية بما ستتوصل إليه من معلومات".

المساهمون