التوتر السعودي الإيراني لبنانياً: صعوبة التحييد واستكمال "الحوار للحوار"

التوتر السعودي الإيراني لبنانياً: صعوبة التحييد واستكمال "الحوار للحوار"

06 يناير 2016
يعمل بري على تسليك الحوار وعمل الحكومة (علي فواز)
+ الخط -
بدا أن الحليفين الأبرز لكل من السعودية وإيران في لبنان، تيار المستقبل وحزب الله، أخذا على عاتقهما مهمة الانخراط في موجة التوتر، انسجاماً مع انخراطهما في سياسة المحاور في المنطقة وتثبيتاً لهذا الواقع. تحوّلت المعركة بين "المستقبل" و"الحزب" إلى سجال كلامي أطلقه الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، يوم الأحد الماضي في موجة الشتائم غير المسبوقة التي كالها ضد حكام المملكة بالإطار الشخصي والسياسي والعائلي، وهو ما استكمله رئيس كتلة الوفاء للمقاومة (الكتلة النيابية والوزارية لحزب الله)، النائب محمد رعد، بتحويل المعركة إلى شخصية ضد زعيم المستقبل سعد الحريري واصفاً إياه بـ"وكيل عائلة خليجية يراد لمصلحته مصادرة الدولة بمؤسساتها الدستورية وغير الدستورية"، مضيفاً "ومن يعيش الإفلاس في ملاذه الذي يأوي إليه الآن، لا يجب أن يجد مكاناً له في لبنان من أجل نهب البلاد مرة جديدة".

اقرأ أيضاً: السعودية وإيران... 4 ساحات محتملة لتصعيد الاشتباك غير المباشر

جاء الرد المستقبلي على لسان النائب أحمد فتفت الذي أشار إلى أنّ كلام رعد "قمة في الوقاحة لم نشهدها في عهد السوريين (الاحتلال العسكري السوري للبنان ووصاية دمشق السياسية بين أعوام 1990 و2005)"، معتبراً أن "رعد يستقوي بالسلاح والحزب تحوّل إلى مليشيا إيرانية للسيطرة على لبنان". 

ترجمة هذا الواقع اتضحت سريعاً أولاً من خلال تأكيد نواب من حزب الله على إسقاط المبادرة الرئاسية التي أطلقها الحريري نهاية العام الماضي لانتخاب حليف النظام السوري وحزب الله، النائب سليمان فرنجية، رئيساً للجمهورية. سبق للحزب أن عبّر عن رفضه المبطّن للمبادرة من خلال إعلانه التمسّك بترشيح النائب ميشال عون للرئاسة، إلا أنّ هذا الرفض تحوّل إلى ممانعة شرسة لها على اعتبار أنّ "كل ما يجري من محاولات لإجراء صفقات وتسويات تحت عنوان إعادة الاستقرار لهذا البلد، إنما هدفها رسم مسار إخضاع هذا البلد لسياسات هذه المملكة أو الدولة الكبرى"، بحسب ما قال رعد. وإذا كانت حظوظ تسوية الحريري ــ فرنجية قد انعدمت، فإنّ الحوار المحلي بات أيضاً مهدّداً. وفي هذا الإطار ينقل نواب في كتلة التنمية والتحرير، التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، عن الأخير تأكيده على أنّ "مساعي الحوار ستستمرّ ولا ملاذ لأي طرف إلا الجلوس مع الآخر والحوار". ويؤكد هؤلاء لـ"العربي الجديد" على أنّ دعوة بري هيئة الحوار الوطني (التي تضم رؤساء كل الكتل النيابية) لا تزال قائمة في 11 يناير/كانون الثاني الجاري. ويلاقي رئيس الحكومة، تمام سلام، بري في الموقف نفسه إذ يشير فريق سلام لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الحماوة السياسية التي يشهدها لبنان لن تمنع استكمال الحوار على اعتبار أنه يمكن النقاش في كل شيء على طاولة الحوار وهو أفضل من افتعال السجالات الإعلامية"، أكانت اجتماعات الحوار الوطني أو حتى الحوار الثنائي بين المستقبل وحزب الله برعاية بري.

وقد تبلّغ بري من قيادتي الطرفين أنهما ماضيان في الحوار الثنائي ولو أنّ في المستقبل جناحا يعتبر "الحوار مع حزب الله لا معنى له أساساً وهو ترف سياسي". مع العلم أنّ الحوار الثنائي لم يتأثر سابقاً في الأحداث الإقليمية، وكانت الأبرز في الأزمة التي انعكست على لبنان هي "عاصفة الحزم" بحيث تابع المستقبل والحزب لقاءاتهما برعاية بري ولو أنّ ثمار هذا الحوار لم تظهر بعد.

اقرأ أيضاً: تهديد غير مسبوق من "حزب الله" للسعودية "انتقاماً" للنمر  

ووسط هذه الظروف، تؤكد مصادر سلام أنّ الأخير "سيستمرّ في محاولة تفعيل عمل الحكومة من خلال الضغط لعقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل، وسيكون هذا الموضوع ملفاً رئيسياً في المشاورات مع الرئيس بري"، وذلك في ظلّ تكدّس أكثر من 800 بند ومرسوم على جدول أعمال مجلس الوزراء. وفي هذا الإطار نقلت أجواء الأخير أنّ "الاتصالات التي يقوم بها بري تتمحور حول الحكومة، بحيث تبلّغ من قيادة حزب الله موافقتها على عودة الحياة إلى مجلس الوزراء وذلك من باب التأكيد على أنّ الحزب لا يعطّل الحياة السياسية أو يعرقلها"، ولو أنّ بصمات الحزب في تعطيل الانتخابات الرئاسية (المنصب الشاغر منذ مايو/أيار 2014). إلا أنّ حزب الله ربط الموافقة على عقد جلسة حكومية بموافقة تكتل التغيير والإصلاح، برئاسة النائب ميشال عون، أي أنه أحال أيضاً مسؤولية استمرار تعطيل الحكومة على حليفه تماماً كما هي حال تعطيل الرئاسة. فبات عون "قميص عثمان التعطيل السياسي"، بحسب ما تقول شخصيات في قوى 14 آذار، "يعطّل ما يعجز حزب الله عن تعطيله".

بالتالي يمكن تلخيص الواقع اللبناني على وقع التوتر الإقليمي بالقول إنّ التعطيل سيستمرّ وكذلك الشغور والفراغ السياسيان، في حين أنّ الخطوات الحوارية يمكن استكمالها على طريقة "الحوار للحوار" لا أكثر، أي على سبيل ممارسة عادة سياسية غير منتجة أساساً، لتمرير الوقت في انتظار نتيجة الاشتباك ومعرفة هوية الفائز فيه. ​


اقرأ أيضاً: هكذا وُلدت مبادرة ترشيح فرنجية للرئاسة... وهكذا تُنازِع

المساهمون