معركة الحدود العراقية السورية منتصف العام...وبغداد تريد مشاركة دمشق

معركة الحدود العراقية السورية منتصف العام...وبغداد تريد مشاركة دمشق

23 يناير 2016
خطة لتحرير الحدود قبل منتصف العام الجاري(صافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -
تتفق بغداد وواشنطن على أن أي نجاحات عسكرية في العراق لن تكون مؤثرة، في ظل استمرار سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على الحدود العراقية السورية البالغ طولها 612 كيلومتراً، لهذا يتوقع أن تبدأ مع الصيف المقبل عملية عسكرية واسعة لاستعادة الحدود، يشارك فيها الأميركيون إلى جانب القوات العراقية المدعومة من العشائر، مع استبعاد مشاركة مليشيات "الحشد الشعبي" أو قوات نظام بشار الأسد، كما اقترحت بغداد، بحسب ما كشفت مصادر مطلعة.

اقرأ أيضاً: معارك عنيفة بالأنبار و"داعش" يعلن إسقاط طائرة أميركية

وتبدأ هذه الحدود التي يحتلّها التنظيم من محافظة الأنبار غرباً، وحتى الموصل شمالاً، وتتنوع تضاريسها بين جبلية وصحراوية وسهلية، وقام التنظيم بمسح معالمها الطبيعية والصناعية حتى باتت قطعة أرض واحدة ضمن مشروع ما أطلق عليه حينه "كسر حدود سايكس بيكو".

وتتحدث مصادر عراقية رفيعة عن وجود اتفاق أميركي عراقي لتنفيذ خطة استعادة الحدود قبل منتصف العام الجاري، وفصل البلدين مجدداً بعملية قد يصل عدد المشاركين فيها الى 50 ألف جندي عراقي و10 آلاف مقاتل من أبناء العشائر، التي أبدت موافقتها على المشاركة في مهام قتالية خارج المدن التي تقطنها.

ويقول وزير عراقي لـ"العربي الجديد" إن الجانبين العراقي والأميركي "اتفقا على الخطة، واعتبرا أن بقاء الحدود مفتوحة بين البلدين أشبه ما يكون بمحاولة إفراغ حوض سباحة من المياه بواسطة غربال".

ويشير الى أن "بغداد تضغط على واشنطن من أجل إشراك دمشق بالخطة لاستعادة نظام الأسد السيطرة على الجانب السوري من الحدود، لكن واشنطن تعترض وترفض حتى مجرد مناقشته. كما أنها استبعدت مشاركة مليشيات "الحشد الشعبي" في الملف بالكامل".

وبحسب المصدر نفسه، فإن "واشنطن ستشارك في العملية بواسطة مقاتلات ومروحيات أباتشي، ووحدات خاصة لمعالجة أهداف معينة وخطرة للتنظيم على الحدود. على أن يعقب ذلك عملية تأمين للحدود، وإعادة نصب الأسلاك الشائكة ووضع ثكنات وأبراج مراقبة على طولها". وكانت الولايات المتحدة قد أشرفت في العام 2006 على عملية تأمين الحدود العراقية السورية، بسبب تدفق المقاتلين من سورية الى العراق لصالح تنظيم "القاعدة"، وأطلقت حينها اسم "السور" على العملية، بحيث وضعت أسلاكاً شائكة مكهربة على طول الحدود، فضلاً عن حفر خنادق وتشييد أبراج مراقبة. لكن "داعش" قام، خلال العام 2014، بهدمها جميعاً. وبلغت تكلفة المشروع الأميركي حينها نحو 80 مليون دولار واستمر أربعة أشهر، وفقاً لتقارير محلية عراقية.

وفي السياق، كشف القيادي في مجلس العشائر المتصدية لتنظيم "داعش" عبدالدليمي، عن احتمال البدء بمهام استعادة السيطرة على الحدود مع حلول الربيع في العراق. وقال لـ"العربي الجديد" إن استعادة الحدود ستكون تدريجياً، و"داعش" يمتلك نقاط ضعف أبرزها أن المناطق مفتوحة، وبالتالي سيكون صيداً سهلاً لطيران التحالف". وبين أن العشائر تشارك واشنطن الرأي في عدم التعاون مع نظام الأسد في هذه المسألة، إذ إن "داعش" والأسد وجهان لعملة واحدة".

وتشهد بغداد اجتماعات مكثفة بين الجانب الأميركي والعراقي حيال الملف الذي يتوقع أن يكون الأكثر صعوبة عسكرية بالعراق في حال البدء به بسبب طول الحدود وتضاريسها المعقدة واستماتة "داعش"، لإبقائها مفتوحة.

من جهته، أكّد النائب عن محافظة نينوى، عبدالرحيم الشمّري، "أهميّة السيطرة على الحدود العراقيّة السوريّة في المعركة ضدّ "داعش"، خصوصاً مع اقتراب معركة تحرير الموصل". وقال الشمّري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحدود المحتلّة من "داعش" بين العراق وسوريّة هي خط تواصل له بين العراق والرقة في الموصل". وأشار الى أنّ "التحالف الدولي والبشمركة يسيطران على الحدود من منطقة سهيلة في ربيعة حتى نهاية جبل سنجار في الاتجاه السوري في منطقة جريبة"، مؤكّداً "الحاجة الى تنفيذ عمليّة عسكريّة كبيرة لضبط الحدود الخارجة على السيطرة وقطع طرق إمداد التنظيم". وكشف أنّ "هناك فكرة لتشكيل حشد عشائري من أبناء الموصل والأنبار لمسك الحدود بعد تحريرها من قبضة "داعش"، ريثما تستعيد الدولة قوتها وتستلمها"، مشيراً إلى "وجود لواءين عسكريين هما اللواء الخامس عشر واللواء السادس مهمتهما ضبط تلك الحدود، لكنّها تحتاج الى عمليّة عسكريّة لتحريرها".

وفي السياق، أكّد الخبير العسكري، عبدالعظيم الشمّري، وهو لواء ركن في الجيش السابق، أنّ "المعركة ضد داعش، كان يجب أن تبدأ في الحدود، وأن يتم ضبطها والسيطرة عليها وقطع الطرق على التنظيم قبل قتاله في المحافظات العراقية".

وقال لـ"العربي الجديد"، إنّ "المعارك بحاجة الى وضع خطط استراتيجيّة دقيقة قبل البدء بها، تستند، بالأساس، إلى تقليل الخسائر قدر المستطاع، وعدم إطالة أمد المعركة، لكنّ ما حدث بالعراق هو العكس؛ إذ إنّ المعارك طال أمدها ووقعت خسائر بشريّة وماديّة كبيرة"، مشيراً إلى أنّ "السبب الرئيس في تلك الخسائر هو عدم ضبط الحدود العراقيّة السوريّة".

ويتنقل مقاتلو "داعش"، حالياً، عبر الحدود بحرية واسعة، من خلال قوافل وأرتال ضخمة. يختارون طرقاً مختلفة يصعب على قوات التحالف معها ضبط تلك الحدود، جوّاً بسبب مساحتها الشاسعة، وإتقان "داعش" فن التحرك بين البلدين المدمجين جغرافياً. ويتنقل عنصار التنظيم بالآلاف أحياناً، من وإلى العراق، تحت لحاف العواصف الترابية المستمرة على الحدود أو الضباب، الذي يصعّب مهمة الرصد والرؤية لطائرات قوات التحالف.

ويتحدث قادة ومسؤولون عراقيون في بغداد عن تمكن "داعش" من تعويض خسائره البشرية بالأنبار من خلال ما أطلقوا عليه الشريان السوري.

ويقول العميد الركن، صباح محسن الساعدي، العامل بوزارة الدفاع العراقية لـ"العربي الجديد" إنه "لولا الحدود المفتوحة لكانت حكاية "داعش" بالعراق قد قاربت على الانتهاء". ويضيف أنه "خلال الفترة الممتدة ما بين الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2015، ولغاية الخامس عشر من الشهر الجاري، تمكّنت مقاتلات التحالف والعمليات التي نفذتها قوات الجيش والعشائر من قتل أكثر من ألفي عنصر من "داعش"، ودمرت العشرات من منصات الصواريخ والمدافع والعجلات. لكن مع كل عنصر يسقط منهم، كانوا يعوضونه باثنين من سورية وكأنه منجم لا ينبض"، على حدّ تعبيره.

ويتابع الساعدي: "من هنا برزت الحاجة الى إغلاق الحدود بأي شكل من الأشكال، على الرغم من صعوبة ذلك والتضحيات الكبيرة التي ستقدّم". ويبين أن "طول الحدود الإجمالي بين البلدين يبلغ 612 كيلومتراً، يسيطر الأكراد على نحو 140 كيلومتراً عند محور ربيعة، وامتداد نهر الخابور. فيما يسيطر التنظيم على بقية الحدود، حيث يحفر خنادق ويقيم معسكرات تدريب واستراحة، بل قام أخيراً، بحسب الساعدي، بتوطين عراقيين في سورية وسوريين في العراق لخلط الأوراق.

اقرأ أيضاً: إنزالات العراق: اعتقال قياديين من "داعش" بينهم مرافق الزرقاوي